الدكتور فتحي حسين يكتب: توحش مصروفات الجامعات الخاصة
تعد قضية المصروفات الدراسية من ابرز المشكلات التي تواجه الجامعات الخاصة والمعاهد العليا الخاصة التي يشرف عليها مجلس الوزراء ووزارة التعليم العالي .. المصرفات مبالغ فيها بدرجة غير طبيعية تفوق قدرات معظم الاهالي والمواطنين الذين يبحثون عن ملجأ لابناءهم في دخول كليات معينة ولكن المجموع حال دون ذلك ’, فيلجأون علي مضض واضطرارا الي الجامعات الخاصة لالحاق الابناء بها !
الامر الاخر الذي يمثل خطورة وإشكالية اخري تواجه هذه الجامعات هي عدم جودة العملية التعليمية إجمالا أو بمعني اخر عدم وجود تعليم حقيقي يؤهل الطالب لسوق العمل فعليا بسبب عدم توافر تدريبات عملية بشكل كبير تتناسب مع حجم المصروفات المدفوعة لهذه الجامعات وايضا المصروفات التي تحصل عليها هذه الجامعات تحت مسمي “فتح دوسية للطالب ” او وضع الطالب تحت قائمة الانتظار وهو مبلغ لا يرد يصل الي 500 جنيه او 1000 من كل طالب دون ان يكون له حق في استرداده في حالة عدم قبوله بالكلية الخاصة !
وهذا الامر ينعش خزائن الجامعات والمعاهد العليا الخاصة بالمليارات الجنيهات سنويا قبل بداية الدراسة وقبل ان تحصل علي المصروفات الدراسية ابتداء !
والمصروفات أو الرسوم السنوية التي يلزم دفعها للالتحاق بتلك الجامعات الخاصة المنتشرة داخل جمهورية مصر العربية، أمر يشغل بال طلاب الثانوية العامة لهذا العام 2019، حيث يتطلع جميع الطلاب للدخول للجامعات التي يحلمون بها وإن لم يحالفهم الحظ في الحصول على المجموع المناسب للدخول بتلك الجامعات الحكومية وفقا للتنسيق للجامعات المصرية، فيلجأ البعض للدخول بتلك الكليات عن طريق الجامعات الخاصة بنفس التخصص العلمي الذين يحلمون للالتحاق به، فقد ظهرت الجامعات الخاصة على غرار الجامعات الحكومية المصرية لتحقيق أحلام طلاب الثانوية العامة في الالتحاق بالجامعات!
فمثلا مصروفات طلاب كلية الطب في احدي الجامعات الخاصة وصلت الي 110 الف جنيه في السنة الواحدة وهناك كلية الصيدلة وصلت الي 100 الف وكلية الهندسة مثلها والاعلام 80 الف في السنة بشكل مبالغ فيه دون ان تقدم هذه الجامعات خدمة تعليمية حقيقية تتناسب مع المبالغ المالية الطائلة المدفوعة كمصروفات لهذه الجامعات !! والتي تتعمد فيها الجامعات الخاصة فرضها علي اولياء الامور دون تدخل من الوزارة او المجلس الاعلي للجامعات المشرف علي الجامعات الخاصة التي وصل عددها الي 27 جامعة خاصة و108 معهد عالي خاص !
فلا تزال هناك جامعات خاصة ليس بها اماكن للتدريب العملي مثل كليات الطب والهندسة والعلوم ولا تزال المعامل الدراسية متهالكة وليس هناك استديوهات تدريبية لطلاب اعلام علي سبيل المثال وغيرها من الامور التي تحتاج الي ضبط ومتابعة واشراف حقيقي من قبل المجلس الاعلي للجامعات الخاصة علي ممارسات بعض هذه الجامعات ناهيك عن ضعف رقابة وزارة التعليم العالي علي ممارسات المعاهد العليا الخاصة التي تقع في نطاق مسئوليتها والتي تتجاوز احيانا عن ممارسات بعض هذه المعاهد الخاصة !
الامر الاكثر خطورة في هذا ان بعض الجامعات الخاصة وربما اغلبها يقبل طلاب بمجاميع منخفضة جدا للالتحاق بكليات الطب والهندسة والصيدلة والعلاج الطبيعي تصل الي اقل من 60% واحيانا 55% من الحاصلين علي شهادة الثانوية العامة وهنا تكم الخطورة عندما يتخرج طالب بكلية الطب ويصبح طبيبا او مهندسا ويدخل سوق العمل كيف سيكون ادواءه وكم الاخطاء التي سيرتكبها بجهله وعدم معرفته او تدريبه وتعليه جيدا ! وهو ما لا يشغل بال العديد من ملاك الجامعات الخاصة من رجال البيزنس والاعمال الذين يستهدفون الربح اولا واخيرا !
وهناك ازمة اخري تتعلق بسمعة بعض هذه الجامعات الخاصة تتمثل في قيام بعضها بالنصب علي الطلاب واولياء الامور من خلال زعم اعطاءهم شهادات اخري منسوبة لجامعات اوروبية مثل جامعة ويلز البريطانية وجامعات المانية وفرنسية وامريكية دون ان يكون هناك بروتوكولات بالفعل ودون علم وزارة التعليم العالي او المجلس الاعلي للجامعات الخاصة وهو امر مريب وموجود وتم التحقيق في بعض القضايا الممثلة في هذا الصدد وتم تحويل اصحاب هذه الجامعات للتحقيق وفرض عقوبات عليهم ولكن بعد ضياع مستقبل الطلاب ضحية عمليات النصب من قبل بعض الجامعات .!
لذلك فالسيرة والسمعة اهم ما ينبغي ان تلتزم به الجامعات الخاصة والمعاهد العليا التي اصبحت تمارس عملا تجاريا اكثر منه تعليميا وتكون النتيجة طالب خريج غير مؤهل وغير مدرب وغير قادر علي انجاز اي شيء في البحث والعلم والمشاركة في تنمية المجتمع , بل يصبح فقط حامل شهادة عليا ولكن في الحقيقة عالة علي هذا المجتمع !!