بالدحرجة .. فك عقدتك على رمال البهنسا

كتبت سامية الفقى
تستقبل البهنسا بمحافظة المنيا سنوياً الآلاف من الزائرين والمحبين وبخاصة كل يوم جمعة لزيارة شجرة مريم وبئرها الذي شربت منه وطفلها عيسى نبي الله، وللدحرجة على رمالها اعتقاداً منهم أنها تشفى العليل وتغسل الذنوب، كما ان أهالى القرية لديهم يقين راسخ بأن النوم على الأرض المحيطة بالأضرحة يساعد فى شفاء المرض وزوال الهم. وجميع هذه المزارات مفتوحة مجانا للمواطنين طوال الوقت
فهى من أجمل القرى التابعة لمركز بنى مزار محافظة المنيا وردت فى الوثائق المصرية القديمة باسم “بر – مجد” وتعني مكان الالتقاء، كما كانت عاصمة للإقليم التاسع عشر من أقاليم مصر العليا وهى أحد أشهر المدن الأثرية القديمة التى عُثر فيها على الكثير من البرديات تعود إلى العصرين اليوناني والرومانى، بالاضافة الى الآثار الفرعونية والإسلامية حتى آثار التاريخ الحديث التي يرجع عمرها إلى أكثر من مائة عام.
يرجع الاسم الأصلي “بهنسا” إلى أن البلدة قديمًا كان يحكمها “البطليموس” الرومانى وكانت له ابنة ذات حُسن وجمال ومن شدة جمالها أُطلق عليها “بهاء النسا” ومن هنا سميت البلدة بعد تحريف الاسم بـ”البهنسا”، كما أُطلق عليها ايضاً لقب “مدينة الشهداء” تبركًا والتماسًا لكرامات من اسُتشهد فيها خلال الفتح الإسلامى عام 22 ه حين أرسل عمرو بن العاص جيشاً لفتح الصعيد وعندما وصلوا إلى البهنسا قاومتهم من خلف اسوارها الحامية الرومانية مما أدى إلى سقوط عدد كبير من شهداء المسلمين الامر الذى زاد من قدسية المدينة داخل نفوس أهلها.
اما منطقة بحر اليوسفى الذي تطل عليه المدينة فهو يروى ما حوله من القرى والبلدان من مياه فيضان النيل الزائدة وهو معروف بإنه غزير البركة حيث انه فى حال انقطع عنه مدد النيل فـبإعجاز تتفجر من أصله عيون تصير نهراً جارياً بفضل بركات يوسف الصديق عليه السلام الذي سار عليه بحصانه.
هذا ويعيش أهل البهنسا وسط مئات الأضرحة التى تملأ ارضها فهناك أضرحة لأولياء الله والصحابة والتابعين والعلماء الذين زاروا المدينة ومقامات شهداء الجيش الإسلامى الذين شاركوا في فتح مصر، وبها ايضا مسجد ومقام الحسن بن صالح بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب حفيد رسول الله (ص) والذى يُعتبر من أقدم المساجد في القرية بل فى مصر بأكملها وضريح جعفر بن عقيل بن أبي طالب ابن عم الرسول (ص)، ويذكر رواة التاريخ وعلى رأسهم أبى عبدالله محمد بن عمر الواقدى أنه لا يوجد شهداء من أبناء ونسل صحابة رسول الله (صلي الله عليه وسلم) أكثر ممن هم في أرض البهنسا خاصة في منطقة مجري الحصى عند منبع السيل.
ولم يغب العصر القبطى عن البهنسا التى تُعد من أقدم الأماكن التى دخلتها المسيحية فى مصر بعد الإسكندرية، فقد عثر فيها على نسخة من إنجيل يوحنا وبردية مدون عليها أقوال السيد المسيح عليه السلام. كما شهدت المدينة زيارة السيدة العذراء والسيد المسيح ويوسف النجار عليهما السلام خلال رحلتهم إلى صعيد مصر. وكذا العديد من الآثار القبطية الموجودة والمندثرة .
وهناك ايضاً بالمدينة مكان يُدعى “السبع بنات” وقد اطلق عليه هذا الاسم نسبةً لرواية يرددها الكثيرون من اهالى المدينة انهم مجموعة راهبات مصريات كن يقمن بتقديم المساعدة الطبية للجرحى من مصابى جيش الفتح الإسلامى ويمدن جيش المسلمين بالمياه، وعندما علم الرومان قاموا بحاصرهن وقتلهن واختلف الراوون حول عددهن فمنهم من قال 7 أو 70 أو 700 ويعد الضريح المقصد المستحب للنساء العاقرات للتبرك أملاً منهم فى الإنجاب.