معرض ” العَلَم ” للدكتور نوار مشروع فني غير مسبوق في تاريخ الحركة التشكيلية المصري
كتب: محمد حربي
وصف الناقد الفني محمد كمال، أعمال الفنان الدكتور أحمد نوار الإبداعية؛ في معرض ” العَلَم “، الذي أقيم بقاعة ” ياسين ” بالزمالك، بحضور عدد كبير من عشاق الفن والمفكرين والسياسيين، بأنه مشروع فني غير مسبوق في تاريخ الحركة التشكيلية المصرية، موضحا بأنه لم يعد العلم المصري لديه يمثل علامة استدلالية ولا حتى رمزاً متنوع الإيماءات لكل المشوار المصري بتطوراته وتجلياته الزمانية والمكانية؛ بل أمسى وطناً دافئاً، يلتحف بشموخه الحضاري ودفئه الجغرافي ومعماره العقائدي؛ لتظل تجربته الممتدة ترتوي حتى الآن من أنهار العَلَم الثلاثة في حضن الألهام المتدفق بين قداسة الوطن ودهشة الإبداع .
وأكد كمال بأن العَلَم في إبداعات الفنان الدكتور أحمد نوار، كان هو أحد الأيقونات البشرية، التي تحتوي على العلامة والرمز معاً؛ حيث يعتبر في ذاته علامة فارقة، لتمييز الوطن بين أقرانه. وفي نفس الوقت نجده يحمل الرمز في تقاسيمه التصميمية واللونية عبر إشارات متنوعة لعقود، وحقب مختلفة تشهدها البلاد على مر الزمان. وقد مر العلم المصري بعدة تطورات، ربما ننتقي منها ما يبدأ مع قيام ثورة يوليو عام 1952م.؛ حيث كانت مصر على موعد مع تحول جذري في نظم الحياة، الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والثقافية، بما أدى إلى التفكير في تغيير العلم، بعد أن ظل الملكي القديم، بتطوراته منذ العهد العثماني؛ هو علم الدولة الرسمي، لفترة زمنية محدودة. وقد كان من البديهي أن يحتوي التصميم الجديد على رموز لونية مغايرة؛ حيث ساد العلم ثلاثة ألوان شريطية أفقية، أعلاها الأحمر، كرمز للثورة على العهد المنصرم بالنار والدم، وفي حين لاح الأسود أسفلها، ترميزاً لفترة حالكة الظلام تصدرها الإقطاع والظلام، وبينما توسط اللون الأبيض إيماء للنور القادم من المستقبل. وقد توسط البياض نسر أصفر في قلبه درع دائري أخضر ، يأوي هلالاً أبيض اللون، يحضن ثلاث نجوم. وعند بداية الوحدة مع سوريا في الثاني والعشرين من فبراير عام 1958م.، طار النسر، وحل مكانه نجمتان خضراوتان كرمز للإقليمين الجنوبي والشمالي. ومع تولي الرئيس الراحل محمد أنور السادات حكم مصر، بعد وفاة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، في 28 سبتمبر عام 1970م.، ثم إعلان الوحدة بين مصر وسوريا وليبيا عام 1971م.، وتغير شكل العلم المصري، ليحل صقر قريش محل النجمتين بعدما تفككت الوحدة بين مصر وسوريا في الثامن والعشرين من سبتمبر عام 1961م.، قبل أن يعود النسر إلى العلم المصري مجدداً في عام 1984م.، في عهد الرئيس الراحل محمد حسن مبارك، ترميزاً لعنفوان الدولة المصرية، وقدرتها على مواجهة التحديات . وخلال كل هذه السنين، كان للعلم المصري تأثيره الفاعل على العقل والوجدان الشعبي. وقد أثرى ذلك الإبداع الفني لكثير من المبدعين والفنانين، وكان من أبرزهم الفنان الدكتور أحمد نوار .
وقال كمال: إن الأعمال الفنية للفنان الدكتور أحمد نوار، تنصهر مع رمزية العلم وايحاءاته، في تشييد روحي، وذهني ووجداني متكامل بين المبدع وعَلَمه ووطنه داخل مجموعة أعماله: حامل المدفع، صعود الشهيد، الروح، الطاقة، الإرادة، الهجوم، العبور، نبض الطاقة؛ وفيها يعيد الفنان تفكيك ألوان العلم المصري، بأحمرها، وأسودها، وأبيضها المصفر، قبل إعادة صياغتها في الفضاء القتالي مع العدو الصهيوني، وحلفائه بأسراب من الصواريخ، والطائرات والمدافع، التي تتحول إلى كائنات آدمية من لحم ودم .
موضحا أنه بالنظر إلى عمل الفنان الدكتور أحمد نوار ” عزف الشهيد”، يلاحظ تتسيد ألوان العلم المصري بين الأحمر المتوهج، ترميزاً لطهر دم المقاتل الذي جاد بروحه دون تردد، والأسود الظاهر في جسم البيانو الذي ربما أوما به نوار إلى تحول الحداد لموسيقى إحتفالية بروح الشهيد. ولهذا ربما وضعه فوق ما يشبه آلة الهارب المصرية بلونها المزيج بين الحنائي والأخضر كرمز لعشق الوطن. وهو ما قصده الفنان من الزفة الموسيقية لروح الشهيد في طريقها لمشارف العرش عبر التداخل في العزف بين أصابع البيانو وأوتار الهارب وتقاطعات الأشعة، ولهذا ظهرت اليدان البيضاوتان الذهبيتان في وضع رفع البيانو نحو السماء، لتجسيد ذلك العرس الإلهي، عبر التركيبة اللونية الثلاثية المألوفة للعلم المصري، بين جلال الشهادة، وقداسة الوطن، ودهشة الإبداع . لافتا إلى أن الفنان الدكتور أحمد نوار يلتحف بالعَلَم المصري، وألوانه الثلاثة؛ التي توحد معها وجدانياً، وروحيا، كما يظهر في مجموعة أعماله، معزوفة النصر
وأضاف كمال، أن أعمال الفنان الدكتور أحمد نوار الإبداعية؛ في معرض ” العَلَم “، بأنها مشروع فني غير مسبوق في تاريخ الحركة التشكيلية المصرية، موضحا بأنه لم يعد العلم المصري لديه يمثل علامة استدلالية ولا حتى رمزاً متنوع الإيماءات لكل المشوار المصري بتطوراته وتجلياته الزمانية والمكانية؛ بل أمسى وطناً دافئاً، يلتحف بشموخه الحضاري ودفئه الجغرافي ومعماره العقائدي؛ لتظل تجربته الممتدة ترتوي حتى الآن من أنهار العَلَم الثلاثة في حضن الألهام المتدفق بين قداسة الوطن ودهشة الإبداع .