أهم الأخبارعرب و عالم

الأمير عبدالعزيز بن طلال: التدهور الاقتصادي العالمي يدفع الأطفال إلى العمل قسراً

الدكتورة هيفاء: المجتمع بين كماشة الفقر والجهل المطيري: قصور في العدالة الاجتماعية


كتب: محمد حربي
أكد الأمير عبد العزيز بن طلال بن عبد العزيز آل سعود- رئيس المجلس العربي للطفولة والتنمية ورئيس برنامج الخليج العربي للتنمية “أجفند”، أن جائحة كورونا، وتأثيرات التغيرات المناخية، وحالات النزاع والصراع، كانت لها انعكاساتها على التدهور الاقتصادي العالمي؛ حتى باتت الأزمة الاقتصادية العالمية، الأوسع والأعمق تأثيرا لأنها تطال أعدادا كبيرة من البشر، خاصة على الأطفال، حيث تدفعهم الظروف الاقتصادية إلى العمل قسرا وجبرا لكسب قوتهم ومساعدة أسرهم. جاء ذلك افتتاح ورشة العمل العربية بعنوان “تأثير الأوضاع الاقتصادية الراهنة على عمل الأطفال في البلدان العربية”، بالتعاون مع جامعة الدول العربية، ومنظمة العمل العربية، وبمشاركة عدد من الخبراء العرب.

وقال الأمير عبدالعزيز بن طلال، في كلمة ألقاها نيابة عنه الدكتور حسن البيلاوي أمين عام المجلس: إن قضية عمل الأطفال من الناحية الاقتصادية، من حيث كونها ظاهرة تتنامى مع الأزمات الاقتصادية، ولكن في ذات الوقت لابد من التركيز على تأثيرات تلك الأزمة من حيث أبعادها الاجتماعية والتربوية والصحية والتشريعية لكونها تمثل انتهاكا لحقوق الأطفال، وتعبيرا صارخا عن النكوص عن تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، فقضية عمل الأطفال قضية مركبة تحتاج إلى دراسة ونقاش للوصول إلى حزمة من المعالجات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية طويلة وقصيرة الأجل.
مشيراً إلى الدور الذي تقوم به مؤسستهم، من اهتمام كبير بالفئات الهشة والضعيفة، حيث أن برنامج الخليج العربي للتنمية “أجفند”، يركز على قضايا الشمول المالي وتمكين الفقراء خاصة النساء منهم بهدف استدامة التنمية البشرية وتخفيف حدة الفقر، وتحسين حياة الجميع خاصة الفئات الضعيفة مثل الأطفال والنساء. كما كان الاهتمام بقضية عمل الأطفال توجه استراتيجي في المجلس العربي للطفولة والتنمية منذ بدايات تأسيسه انطلاقا من رؤية تقوم على تنمية ورعاية الطفل العربي وصون حقوقه.
وأضاف بأنه يتطلع إلى أن تكون الورشة امتدادا وتواصلا لما سبق من جهود في المجال بين الشركاء، ولكن في ذات الوقت تكون نقطة تحول جديدة في دراسة ومناقشة واقتراح تدخلات جديدة تتناسب مع تداعيات تلك الأزمات وتأثيراتها في ظل ظروف غير مسبوقة أثرت تأثيرا بالغا على الأطفال وصل إلى حد تهديد مستقبلهم.

كماشة الفقر والجهل
من جانبها أكدت السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة- الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشئون الاجتماعية بجامعة الدول العربية، في كلمة ألقتها نيابة عنها الوزير مفوض لبنى عزام- مدير إدارة الأسرة والطفولة بالجامعة، أن الورشة العربية حول تأثير الأوضاع الاقتصادية الراهنة على عمل الأطفال في الدول العربية، تأتي استكمالا لمتابعة توصيات دراسة “عمل الأطفال في الدول العربية” التي تم اعتماد توصياتها خلال الدورة الرابعة للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية كوثيقة استرشادية لدعم جهود الدول الأعضاء للقضاء على هذه الظاهرة، وكذلك تنفيذا لتوصيات الدورة السابعة والعشرون للجنة الطفولة العربية لتسليط الضوء على ظاهرة تأثير العوامل الاقتصادية على الأطفال العاملين في المنطقة العربية وهي قضية ذات أولوية كبيرة توليها جامعة الدول العربية كل الاهتمام في محاولة للوقوف على الجوانب الاقتصادية المتعلقة بالظاهرة, من حيث حجم الظاهرة وأسبابها, وأيضاً التأثيرات الناتجة عنها وصولا لبلورة رؤية واضحة لطبيعة الظاهرة تفضي إلى وضع سياسات متكاملة في المجالات الاقتصادية, والتعليمية والصحية, والتشريعية, والرعاية الاجتماعية, للقضاء علي ظاهرة عمل الأطفال.
وقالت إنه لم يكد العالم يبدأ في الدخول بمرحلة التعافي من الأزمة الاقتصادية العالمية بسبب وباء كورونا خلال الأعوام الماضية حتى بدأت تظهر صراعات إقليمية وحروب أدت إلى ارتفاع أسعار الطاقة والنفط والغذاء ولا تزال أخذة في التفاقم ناهيك عن ارتفاع معدلات التضخم عالميا، وهذه الأسباب وغيرها ساهمت في انخفاض مستوى المعيشة ودفع الأطفال لسوق العمل للمشاركة في دخل الأسرة وأصبح عمل الأطفال الحل الوحيد لضمان صمود الأسرة في وجه متطلبات الحياة. وأنه إمام هذا الواقع فان ظاهرة عمل الأطفال تهدد تعليمهم وسلامتهم وتقيد حقوقهم وتحد من فرصهم في بناء مستقبل بلادهم مما يجعل المجتمع بأسره بين فكي كماشة الفقر والجهل. وأنه لعكس الاتجاه التصاعدي لعمل الأطفال في منطقتنا العربية فأننا بحاجة إلى تقديم رؤية علمية واقعية عن حالة عمل الأطفال ومسببات هذه الظاهرة، ووضعها أمام صانعي القرار للإسهام في التخطيط لمستقبل الطفولة، وتقود لسياسات للقضاء على عمل الأطفال، ولكن ينبغي لنا التحرك بخطوات سريعة.

قصور العدالة الاجتماعية
من جانبه أكد فايز المطيري- المدير التنفيذي لمنظمة العمل العربية، في كلمة ألقاها نيابة عنه المستشار إسلام سناء- المشرف على إدارة الحماية الاجتماعية وعلاقات العمل بالمنظمة، أن ورشة العمل العربية، حول” تأثيرات الأوضاع الاقتصادية الراهنة علي عمل الأطفال في البلدان العربية ” تكتسب أهميتها من خلال الحضور رفيع المستوي من ذوي الاختصاص في دولنا العربية، ومن أطراف الإنتاج الثلاثة بالدول العربية، ولانعقادها بالتعاون مع مجموعة من الشركاء الإقليميين: الأمانة العامة لجامعة الدول العربية (إدارة الأسرة والطفولة)، والمجلس العربي للطفولة والتنمية وبرنامج الخليج العربي (أجفند) ، وكذلك مساهمة نخبة من الخبراء المتخصصين والمتميزين في قضايا عمل الأطفال
وقال ان الأزمات الراهنة المتوالية وتداعياتها الاقتصادية الخطيرة قد انعكست بشكل سلبي علي حياة الأطفال ، وقد شهدت منطقتنا العربية العديد من التغيرات والتحديات ، أثرت بشكل كبير علي أوضاع التشغيل وارتفاع معدلات البطالة وضعف وقصور العدالة الاجتماعية وزيادة أعداد الفقراء وتراجع الخدمات الأساسية في بعض البلدان وبخاصة الرعاية الصحية والتعليم ، وأن هذه التحديات؛ قد ألقت بظلالها السلبية علي حياة الأطفال واضطرار ملايين الأطفال إلي دخول أسواق العمل بطريقة غير مشروعة ودون توفير أي مظلة تحميهم من العنف والاستغلال. لاسيما وان الدراسات تشير إلي أن ارتفاع معدلات الفقر وانخفاض الأنفاق علي التعليم قد أدي إلي ارتفاع معدلات التسرب المدرسي وهذا بدورة دفع الكثير من الأطفال إلي الانخراط في سوق العمل تحت ظروف قاسية وغير آمنه.
وأشار إلى ان الكوارث والأزمات المتواصلة في بلداننا العربية قد زادت من معاناة أطفال اللاجئين والنازحين ، حيث يتعرضون لاستغلال وانتهاكات صارخة لحقوقهم الأساسية ، ولافتا إلى أنه لابد من التأكيد علي أهمية تضافر الجهود لتوفير الحماية اللازمة لهؤلاء الأطفال وضمان حقوقهم في التعليم والرعاية الصحية والنمو في بيئة آمنة.
وأضف انه يجب التأكيد علي أن مشكلة عمل الأطفال في البلدان العربية قضية معقدة وتحتاج إلي جهود مشتركة ليس من الجانب الحكومي فقط، وإنما ينبغي أن يكون للقطاع الخاص والمجتمع المدني دور بارز في التصدي لها وان التكامل بين هذه الجهود سيكون له اثر ايجابي كبير في الحد من هذه الظاهرة الخطيرة والمؤثرة علي مستقبل الأطفال في البلدان العربية ، الأمر الذي يستدعي اعتبار قضية الأطفال قضية مجتمعية بامتياز ، تتطلب تضافر الجهود من كافة الأطراف المعنية لإيجاد حلول جذرية لها ، وزيادة الوعي المجتمعي والإسراع في اعتماد الإصلاحات التشريعية اللازمة للحد من هذه الظاهرة ، باعتبار أن الأطفال المؤهلون هم ثروتنا الحقيقية والركيزة الأساسية لمستقبل أوطاننا العربية.
مشدداً على ان منظمة العمل العربية تضع قضية مكافحة عمل الأطفال علي سلم أولوياتها، وأنها حريصة علي بذل المزيد من الجهد مع كافة الشركاء من اجل العمل علي القضاء علي أسوأ أشكال عمل الأطفال بما يتوافق مع برامج تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.

الاتفاقيات الإقليمية والدولية
وفي كلمته عبر الزووم وتحت عنوان “مقاربات مستدامة في مجال مكافحة عمل الأطفال: تحدث الدكتور ناصر القحطاني المدير التنفيذي لبرنامج الخليج العربي للتنمية “أجفند”، حيث أشار إلى أن هذه القضية حظيت باهتمام بالغ على المستوى الإقليمي العربي، فقد صادقت الدول الأعضاء على معظم الاتفاقيات الإقليمية والدولية، كما تم وضع الاستراتيجيات والخطط الإقليمية والوطنية لمواجهة هذه الظاهرة، إلا أن التقدم الذي أحرزته المنطقة العربية في هذا المجال من حيث القضاء على عمل الأطفال وبشكل خاص أسوأ أشكاله، وضمان الالتحاق بالدراسة ومعالجة أسباب التسرب المدرسي وإعادة التأهيل، وكذلك ما يرتبط بهذه الظاهرة من تجفيف لمنابع الفقر والحد من البطالة ، قد أصبح محل خطر في ظل المتغيرات والمستجدات السياسية والأمنية الراهنة وتغير المناخ في المنطقة العربية. وأضاف سعادته بأننا في أجفند قد توصلنا إلى بعض السياسات والأساليب الواقعية والمرنة منها، منظومة بنوك أجفند للشمول المالي التسعة، وبرامج تمكين المرأة ومكافحة الفقر، حيث تتكامل تلك السياسات، وتعزز بعضها بعضاً في التعامل مع ظاهرة عمل الأطفال.


وقد شهد اليوم الأول من أعمال الورشة جلستين ناقشت الأولى العلاقة بين عمل الأطفال والفقر المتعدد الأبعاد تحدثت فيها الدكتورة ابتسام الجعفراوي المستشار بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية (مصر)، والثانية تناولت العلاقة بين عمل الأطفال وأهداف التنمية المستدامة تحدثت خلالها الدكتورة جنان الإمام أستاذ القانون والمستشارة الدولية في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمرأة والطفل (تونس). وتستمر أعمال الورشة غدا 10 يوليو 2024 حيث يتم مناقشة عمل الأطفال والحماية الحقوقية والقانونية في ظل الأزمة الاقتصادية ويتحدث خلالها الأستاذ محمود قنديل المحامي والخبير في مجال حقوق الإنسان والطفل (مصر)، إضافة إلى استعراض تجارب ومبادرات الدول العربية لمواجهة قضية عمل الأطفال

زر الذهاب إلى الأعلى