أهم الأخباردنيا ودين

مفتي الجمهورية: الفتوى الرشيدة صمام أمان للمجتمعات في زمن الأزمات والتحولات الرقمية

فوقية ياسين 

أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، أن الفتوى تمثل أحد أهم أدوات ضبط الوعي الإنساني وحماية استقرار المجتمعات، لا سيما في ظل ما يشهده العالم المعاصر من أزمات متشابكة وتحديات متسارعة، مشددًا على أن الفتوى ليست خطابًا جامدًا، بل أداة رحمة وصوت حكمة، ووسيلة لترشيد السلوك الإنساني وتحقيق مقاصد الشريعة.

جاء ذلك فعاليات الندوة الدولية الثانية بمناسبة اليوم العالمي للفتوى، التي انطلقت تحن عنوان، الفتوى وقضايا الواقع الإنساني، بحضور عدد من القيادات الدينية والفكرية، حيث مثّل الدكتور أسامة الأزهري دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، كما مثّل الدكتور محمد الضويني فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف.

مفتي الجمهورية: الفتوى الرشيدة صمام أمان للمجتمعات في زمن الأزمات والتحولات الرقمية

وفي كلمته، استهل مفتي الجمهورية حديثه بتوجيه الشكر للحضور من العلماء والمفتين في العالم الإسلامي، مؤكدًا أن المنهج القرآني القائم على الإجابة عن تساؤلات الإنسان الكبرى ـ كما في آيات «يسألونك» ـ يمثل أساسًا متينًا لصيانة الإنسان في دنياه وأخراه، وتنظيم علاقته بنفسه وبالآخرين، موضحًا أن القرآن الكريم نزل لمعالجة قضايا الواقع، والإجابة عن أسئلة الوجود والحياة، بما يعكس إعجازًا بديعًا في مواكبة الواقع وفهم متغيراته.

وأوضح أن انعقاد هذه الندوة يأتي تأكيدًا على أن الأحكام في الشريعة الإسلامية تقوم على أصالة النص، مع مراعاة التحولات الاجتماعية والتكنولوجية، لافتًا إلى حرص دار الإفتاء المصرية على تأسيس منهج إفتائي معاصر قادر على التعامل مع الأزمات الاجتماعية والتحديات الرقمية، ومواكبة تعقيدات الواقع الحديث.

وأشار إلى أن العالم لا يواجه أزمات متفرقة فحسب، بل يمر بمرحلة تهدد أمنه واستقراره، وهو ما يضاعف من مسؤولية الفتوى، باعتبارها صمام أمان يوجه الإنسان نحو الرشد، ويدعم صناع القرار في أوقات الطوارئ، مستشهدًا بالدور الذي قامت به دار الإفتاء خلال جائحة كورونا، حيث قدمت نموذجًا رائدًا جمع بين العلم الشرعي والمعرفة العلمية الحديثة، وأسهم في تهدئة المخاوف المجتمعية.

وعلى صعيد القضية الفلسطينية، أكد مفتي الجمهورية أن دار الإفتاء المصرية تحملت مسؤوليتها الشرعية والإنسانية من خلال بناء خطاب إفتائي مؤسسي رشيد، يهدف إلى ضبط الوعي الديني، ونصرة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ورفض محاولات التهجير، والتأكيد على صيانة الأرض والعِرض، مع الدعوة في الوقت ذاته إلى إغاثة المتضررين، وفضح الجرائم التي تخالف كل الأديان والقوانين.

وأوضح أن هذا الدور الإفتائي قام على عدة مسارات، من أبرزها: التأكيد الشرعي الصريح على عدالة القضية الفلسطينية ومشروعية حقوق الشعب الفلسطيني، وتفكيك الخطابات الزائفة التي تسعى إلى تزييف الوعي أو توظيف الدين سياسيًا، إلى جانب ترشيد آليات التضامن المشروع ومنع الفتاوى الانفعالية التي قد تُهدر مقاصد الشريعة باسم الدفاع عنها.

وأكد أن الفتوى تحولت من مجرد بيان للحكم إلى أداة معرفية وتوعوية، تُسهم في بناء وعي عام منضبط، يوازن بين نصرة القضايا العادلة وحفظ استقرار المجتمعات وصيانة مقاصد الشريعة.

وفي سياق حديثه عن التحول الرقمي، شدد مفتي الجمهورية على أن الفتوى الرقمية الرشيدة باتت ضرورة حياتية، وليست مجرد استخدام للتقنيات الحديثة، بل إطارًا متكاملًا لتعزيز الوعي، وترشيد التعامل مع المحتوى الرقمي، والحفاظ على الهوية القيمية في عالم متغير، بما يمكّن الأجيال من التفاعل الواعي مع العصر دون فقدان الثوابت.

واختتم مفتي الجمهورية كلمته بالتأكيد على أن ما يشهده العالم من تحولات متسارعة يفرض على مؤسسات الفتوى أن تكون أكثر وعيًا بالواقع، وأعمق اتصالًا بحاجات الإنسان ومعاناته، موضحًا أن الفتوى ليست رفاهية معرفية ولا خطابًا نظريًا، بل مسؤولية كبرى في زمن الأزمات، وصوت رحمة وعقل حكمة يسهم في تخفيف المعاناة وترسيخ قيم العدالة والتكافل.

زر الذهاب إلى الأعلى