آراء

محمد شتلة يكتب : حب الوطن وحماية الشباب من قوى الشر

الانتماء إلى الوطن يشغل مكانة وبؤرة اهتمام في الفكر العالمى والثقافى لاعتبارات شخصية تتعلق بالحقوق والواجبات وكذلك ما يتعلق بهذا الموضوع من اشكاليات بين مؤيد وعارض.

 

آثرت أن أكتب في هذا الموضوع لما له من أهمية وأثر حيوى في حماية الشباب من الوقوع فريسة للاستقطاب من قبل قوى الشر مستغلين في ذلك ضعف الوازع الدينى لديهم الأمر الذى يدعونا إلى التعاطى مع هذا الأمر بمنهى الحيطة والحذر بشرط أن يكون ذلك وفقا لمنهج وسطى معتدل يحفظ للمواطن حقوقه ويحافظ عليه.

العلاقة بين الوطن والمواطن هى علاقة فطرية ترتكز على عاطفة وجدانية ومشاعر طبيعية لا تكلف فيها فالانتماء للوطن ، هو التعرف على تاريخه ، على حضارته و المساهمة في بناء مستقبله وبذل الغالى والنفيس في حماية مقدراته والدفاع عنه .

اعتقد أننا افتقدنا المعنى الحقيقي للانتماء فحبّ الوطن يعنى الالتصاق به، والإحساس بالانتماء إليه.

لكن ينبغى أن نقر حقيقة وواقع بهذا الخصوص وهو أننا شعب مهما مرت به نكبات ومصاعب فإننا شعب يتسم بالمقاومة والتحدى والتصدى وهو ما عبرت عنه القيادة السياسية شعب أكثر صبرا وأقوى عزيمة وأعلى يقين وحسبنا من قول الحق تبارك وتعالى في محكم التنزيل ” والذين إذا أصابهم البغى هم ينتصرون ” سورة الشورى آية 39 .

وإذا كان حبّ الوطن فطرةً، فإنّ التّعبير عنه اكتساب، وتعلّم، ومهارة، فهل قدّمنا لشبابنا من المعارف ما ينمّي لديهم القدرة على الإفصاح عمليّاً عن حبهّم لوطنهم؟

هل علّمناهم أنّ حبّ الوطن يقتضي ان يُبادروا إلى تقديم مصلحته على مصالحهم الخاصّة؟ فلا يتردّدوا في التّبرع بشيء من مالهم من أجل مشروع يخدم مصلحته، أو أن يسهموا بشيء من وقتهم، او جهدهم، من أجل إنجاز مشروع ينتفع به، هلا علّمناهم أنّ حبّ الوطن يعني إجبار النّفس على الالتزام بأنظمته، حتّى وإن سنحت فرص للإفلات منها، والالتزام بالمحافظة على بئيته ومنشآته العامّة، حتّى وإن رافق ذلك مشقّة؟

هل دربّناهم على أن يكونوا دائماً على وفاق فيما بينهم، حتّى وإن لم يعجبهم ذلك، من أجل حماية الوطن من أن يصيبه أذى الشّقاق والفرقة؟ إنّها تساؤلات إجابتها الصّادقة هي معيار أمين.

تجد بعضنا يجهر بحب بلده ثم يسرق مقدراته أو يفسد فيه يجب أن نعلم أبناءنا كل السلوكيات التي تنبثق عن حب الوطن وأنها ليست مسيرة أو شعار بل فعل وممارسة .

ارفع راسك فأنت مصري شعار ، يجب أن نترجمه الى عمل وفعل ، فالطالب الذي يخرب في مدرسته فيتلف ممتلكاتها، العامل الذي يضرب عن عمله ويعطل إنتاجه ، المتنزه الذي يلقي نفاياته في طريق الناس وأماكن جلوسهم ، راكب السيارة الذي يلقي علبة العصير من النافذة أو ربة البيت التي تلقي النفايات في الشارع ، الموظف الذي لا يلتزم بوظيفته ولا يخدم الناس .

المعلم الذي لا يخلص لوظيفته ولا يشعر بالمسؤولية عن طلابه ، رب الأسرة الذي لا يقوم بواجب أبنائه ورعايتهم وتأديبهم وتأمين عيشهم الكريم ، الأستاذ الجامعي الذي لا يرتقي بطلابه ولا يحفز الإبداع والتفوق فيهم ، الشيخ الذي لا يغرس القيم النبيلة بين الناس بفعله.

الوطن يحتاج منا إلى سلوك عمليّ من أبنائه، يبرهن به الأبناء على حبّهم له، وتشبّثهم به.

وإذا كانت الحكمة تقول إن حب الوطن من الإيمان فهى كلمة حق وصدق يراد بها الإخلاص والتجرد والانتماء والتضحية ..
ولا أدل على ذلك من أن رسول الله صل الله عليه وسلم عد الذي يموت في سبيل الدفاع عن أرضه من الشهداء وقرنه مع الدفاع عن النفس والمال والعرض والأهل .. ” من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد “. ( أبو داود والنسائي والترمذي وصححه، وأحمد).
وقد تغنّى الشّعراء بحبّ الوطن فقال أحدهم ” وطنى نشأت بأرضه ودرجت تحت سمائه ومنحت صدري قـوةً بنسيمه وهوائه ماء الحياة شربته لمّا ارتويت بمائه وملأت جسمى عزة حين اغتذى بغذائه”.

ولذلك يجب أن نحافظ على وطننا بالدّفاع عنه وقت الخطر، وحمايته من كيد الأعادي، وفي وقت السّلم نعمل مخلصين لرفع علم بلادنا عالياً، وفي الحرب نهبّ للدّفاع عن الوطن ونقدّم أرواحنا فداءً له.

قال أمير الشعراء أحمد شوقي :
وطني لو شغلت بالخلد عنه ***نازعتني إليه في الخلد نفسي.

وكذلك ما قاله الشّاعر أحمد مخيمر في حبّ الوطن: بدم الأحرار سأرويه وبماضي العزم سأبنيه وأشيّده وطناً نضراً وأقدّمه لابني حُرّاً فيصون حماه ويفديه بعزيمة ليث هجّام.

لذا ينبغى أن نعلم أن حب الوطن لا ينبغي أن يتوقف عند حدود المشاعر والعواطف الجياشة بل لابد أن يتمثل سلوكاً صالحاً نافعا وثورة على كل ما من شأنه الإضرار بالوطن خاصة تلك الدعوات الهدامة التى ترسخ للتشتت والفرقة والاغتراب .

لقد أصبحنا في حاجة ملحة إلى تحصين الشباب وجميع أطياف الشعب ضد النزعات الفكرية المنحرفة التى تتنافى مع قيم وعادات مجتمعنا المصرى وتهدد وحدته.
وجود القدوة وتسليط الضوء عليها من القامات العلمية الوطنية وعدم تبنى قدوات من الثقافات الدخيلة على المجتمع.
احترام العلماء وتقديرهم والأخذ عنهم وعدم سبهم أو الانتقاص من شأنهم.
الاعتراف بفضل الوطن والوفاء له والعمل على رقيه .

استشعار قيمة الوطن بين دول العالم وتقدير مسئولياته العالمية والوعى بدوره التاريخى قديما وحديثا .

الإسهام في الجهود التى تسعى إلى حماية المجتمع من حملات الغزو الفكرى والثقافى التى تهدف النيل من مكانته وموقعه الاقليمى والدولى

الترشيد في استخدام جميع النعم والثروات التى يزخر بها الوطن والابتعاد عن كافة مظاهر البذخ والاسراف

رفع الوعى لدى جموع فئات المجتمع لا سيما الشباب بما يتهدد الوطن داخليا وخارجيا حتى يكون هناك ترسيخ لقيم حب الوطن والانتماء له عن إدراك و وعى كامل وقناعة صادقة .

بقلم : محمد السيد الصاوى شتلة
المدرب بالمؤسسة الثقافية العمالية

 

زر الذهاب إلى الأعلى