بالكاد اخدت الموافقة علي الإجازة السنوية أربعة أيام وقد اشترط أن يكون الجمعة والسبت ضمنهم، وأن أكون خلالها علي إتصال باأدارتى، وافقت على مضض والتقفت ورقة الأجازة من يده قبل أن يغير رايه بينما تشق ابتسامة مصطنعة وجهه العبوس: مبروك ياستى عليك الاجازة
بادلته ذات الابتسامة: شكرا سيادتك
الاسكندرية الان لا تصلح، فشواطئها تأن من كثرة مصطافيها..
فيلا أوشاليه فى الساحل هى القرار الامثل لقضاء الاجازة، فعائلتنا كبيرة والأطفال تحب المكان الفسيح
لابد ان اسارع بالحجز قبل أن تضيع الاجازة التى اقنصتها من انياب مديري
سابحث على مواقع الانترنيت فهى الأسرع
فيلا فيلا اه
إعلان…للإيجار والتصييف فيلا بشاطىء بيطاش العجمى من طابقين.. تسع أسرة كبيرة ..ترى البحر
عصف بذهني شديد .اخدنى بعدها لفضاء الذكريات ، فإجتررتها دفقة واحدة في لحظة، توقفت فيها عقارب الحاضر بتوقيت الماضى. فتجسد أمام عينى بجلاء ووضوح.
وداع دامع لفيلا “العجمى” التى شهدت أيام طفولتي وشبابي مع اسرتي .. والساعات الطوال التى كنت اقضيها فى حديقتها العامرة باشجار الليمون برائحتها الذكية وثمارها التى كانت تتدلى خارج الأسوار فيلتقطها السيارة. تكعيبة العنب بعناقيدها الشهية وشجرة الرمان الكبيرة فى زاوية الحديقة كنا نتسابق لقطف ثمارها الحمراء الناضجة قبل أن يغزوها النمل المتربص بشهدها ،شجرتا الخوخ والمشمش، دوما تحتاجان لعناية فائقة فى رعايتهما .. أحب العناية بالحديقة ،اتفنن فى شتل وزرع أنواع عده من الورود فى ألأحواض المخصصة جانبى الحديقة بينما أبى يحرص على بذر بذور الفاكهة والخضروات كالجرجير والفجل الاحمر وثمار الطماطم وتصنع لنا أمى ألذ الأطباق من أوراق الملوخية الطازجة ..أما ثمار اللارنج فتعد منها أشهى أنواع المربي ذات اللون الذهبى والطعم الفريد المذاق وذلك الصبار العملاق السامق يقف شامخا بجوار البوبات غير عابىءبجروحه القطعية فى سيقانه المنتفخة من طعنات أولائك العابرون خلسة كى يحصلوا على عصارته اللزجة التى تستخدم للعلاج ولتساقط الشعر . احرص يوميا ان انتقى الحشائش من النجيلة واسقيها قبل طلوع الشمس وقبل الغروب
أما ثمارأشجار البشملة الوافرة الطرح كنا نهديها لكل غاد وراح حتى اشتهرت بفيــــــلا البـــشملة تلك الثمار الشهية تشبه فى لونها ثمرة المشمش لكنها حلوة المذاق
احواض الورود الحمراء المتشابكة الاغصان تغطى الحائط على طول الممرامام نافذة المطبخ تسر الناظريين
وتحرس الناحية الشرقية شجرة التين العتيقة تتدلى ثمارها بدلال تداعب الشهية بعسلها المعقود داخل حباتها الناضجة .
اقمنا فيها أنا وأخواتى حفلات زواجنا وشهدت مولد أطفالنا . وكما تعلقت أرواحنا تعلقت قلوب صغارنا بكل ركن فيها ..تجمعنا الاعياد والمناسبات وسباق الدرجات فى شارع المعسكر . ذلك البيت العامر مفتوح الأبواب لكل الأقارب والاصدقاء وكأنه مزارا يقصدة الزائرين
ثـــــم كـــــــان قــــــرار بيــــــعه
بكـــــــينا يوم الفراق وكأنما أقتطعت من أرواحنا وقبل مغادرتنا اصر كل منا صغارا وكبارا على كتابة كلمة وداع على جدرانها وحوائطها حتى غطت رسائلنا الدامعة واجهتها
اسلمناها بعدها ليد البلدوزر القاسية الصماء فقرعها بلا قلب..تهدمت وتساقطت الاحجار باكية محملة بذكرى ايام كانت يوما جزءا من اعمارنا .مرت سنين ولم اجرؤ من يومها على ان اخطو خطوة واحدة لشارعنا شارع المعسكر لا اتحمل فكرة أن فيلا البشملة لم تعد موجودة وأن عمارة اسمنتية متعددة الطوابق قد احتلت تلك البقعة الغالية على قلبي وقلوب كل من سكنها او دخلها زائرا
صوت حشرجة الفرامل واله تنبيه تصك أذني
صرخت بوجه السائق
ما هذا يارجل؟ هل انت أصم؟
يخرج رأسه من النافذة وعلامات الغضب تقفز من عنينه شظرا
انتى بتعدى الشارع وأنتى نايمة فوقوا بقى حتودونا فى داهية …..ماليتوا البلد