منوعات

وسام الجمال يكتب : رغيف عيش وقرصين طعمية

ظل الولد الصغير ذو الستة أعوام ينادي على بائع الفول والطعميه طالبا رغيف ساخن وقرصين من الطعميه والبائع لايسمعه ربما بسبب ضعف صوته أو دوشه وابور قلايه الزيت.

دار الطفل حول المكان وذهب إلى البائع معاتبا اياه لعدم الانصياع لطلبه مما جعل الوقوف ينقسمون مابين ضاحكا ومبتسما وكان من بينهم احمد الذي طالما رأي أن الطفولة هي أهم مراحل الحياة ففيها تتكون شخصية الإنسان.

اخذ الطفل طلبه وعندما هم بالذهاب التفت للبائع وقال له (لما أبقى مسئول كبيرا هاجيبك تعمل لي طعمية كل يوم ولو مجيتش هاقفل لك المحل بتاعك ده) انفجر الوقوف جميعا في الضحك ماعدا احمد الذي ظل ينظر للطفل الذي كان يتحدث بصيغه جديه جدا.

حصل احمد أيضا علي طلباته وعندما هم بالانصراف وجد الطفل الذي كان يجلس على مصطبة مقابل المحل يقول له (عمو انا هابقي مسئول كبير )

ذهب احمد إلى منزله وتفكيره كله منصب على هذا الطفل الذي تشعر للوهله الأولى انه واثق من نفسه جدا اويتمتع بشقاوة الأطفال ، وبينما أحمد كان غارقا في التفكير انتبه علي صوت والده الذي كان مازال مستيقظا فحكي له ماحدث مما جعل الوالد يضحك هو أيضا ويخبره بأنه عندما كان صغيرا كان يجلس بجواره ويقلده في كل شيء في طريقة الجلوس والكتابه والاكل والشرب حتى أنه عنفه في يوم بسبب كثرة ضوضائه فبكى احمد وذهب إلى والدته مخبرا اياها انه يوما ما سيكون صحفيا بارعا بل سيكون أكثر براعة من والده .

وهنا إسترعى انتباه احمد فكرة ان الطموح شيئ رائع و مقبول لدي الجميع ولكن أولى خطوات تحقيق الطموح الذي يسعى إليه الإنسان أن يعمل جاهدا و يأخذ بالأسباب .
في اليوم التالي تعمد احمد أن يقف عند بائع الفول منتظرا الطفل الذي لم يظهر وظل واقفا وقتا طويلا دون أن يطلب شيء مما آثار انتباه البائع فسأله عن سبب وقوفه فقال إنه يريد الولد صاحب حكاية امس فأشار البائع لأحمد على منزل الولد الذي توجه اليه دون تردد ، ليفتح له ويسأله عن والده الذي خرج مرحبا ، فقد كان يعرفه ، جلس احمد مع الولد وبدأ حديثه حول كلامه أمس فأكد له الولد انه سيكون يوما ما ظابطا كبيرا ليحارب ويقتل الأعداء ، التفت احمد الي والده ليخبره بضرورة تأهيل الولد منذ الصغر لهذا الطموح خاصه عندما علم بتفوقه . ذهب احمد بعد ان حصل علي وعد من الاب بتنفيذ مطلبه. مرت سنوات وسنوات وأحمد لم يعد يرى الطفل أو يعرف عنه شيء بسبب انشغاله في عمله خارج مدينته وبينما كان يجلس يوم يستمع إلى التلفاز ليسمع خبر استشهاد ظباط على ايدى بعض الارهابيين ، لم يلفت نظر احمد اي اسم منهم حتى كان اليوم التالي ليعلم أن هناك جنازة في بلدته ويفاجأ بوالد الطفل يتلقى العزاء وأثناء سلامه عليه يحتضنه باكيا، ليصعق احمد من هول المفاجأة قائلا :- “ليتني لم أعلم شيء ولم أكن موجودا وقت الرغيف الساخن وقرصان الطعميه

زر الذهاب إلى الأعلى