الأديبة نهاد عبد الملك تكتب : إكسليفون

انت طفلة مليحة الوجه …مريحة القسمات ….هادئة الطبع … بسيطة النفس
عيونها تشع ذكاء … كانت تستهويها الموسيقى بشكل خاص … تشعر بإندماج روحى مع النغمات..

كانت حريصة على المشاركة بالحفلات الموسيقية بالمدرسة و لكن لأنها شخصية تعقد جدائلها ما بين الرقة و الخجل
ولا تتقن فن اللعب بالكلمات و زيف اللغو ماكان لأحد أن يهتم بها و يعطوها أقل الآلات أهمية او حتى يضعونها فى الكورال فقط …..تقف ناظرة لآلات الإكسليفون تتمنى ان تضع يدها عليها و ان تعيش إستغراقها فى الموسيقى مع الآلة …..

حتى عندما تعود للبيت كانت محل سخرية الأهل من موهبتها الموسيقية …. ومع ذلك إيمانها الراسخ بموهبتها نبت بداخلها مارد ظل قابع فى وجدانها يرتوى بالصبر و كلما إزداد صبرها إتسعت دنياه و باتت أرحب ……

ومرت الأيام ووصلت للمرحلة الإعدادية و إكتشفتها مدرستها و توسمت فيها الموهبة فأرسلتها لمن يعلمها بأحد قصور الثقافة … وحين بدأت الطريق و إنتظمت فى الفرقة الموسيقية …حالت ظروفها الأسرية دون إستكمال ما أرادت ….

وعادت وهى فى منتصف الطريق ….. كمن شعر بعطش و حين رأى الماء و بدأ يتذوقه …أبعدوه عنه فلا إرتوى و لا عاد كما كان قبل أن يتذوقه …… أكملت سنوات دراستها الثانوية و بدأ المارد فى التحرك ….. نفذ الصبر و تبدلت الرحابة ضيق و النور ظلام ….

كان عليها أن تصر على ماتريد و أن تحقق هدف حياتها … أصرت على ان تكمل بالموسيقى العربية دراستها …
وكان لها ما أرادت بعد عناء طويل مع فكر متحجر و تسلط أعمى …….
نبغت بشكل غير مسبوق على آلة الماريمبا وهى تشبه الإكسليفون.

و لكن بشكل أكبر وبراعتها رشحتها للعزف فى محافل دولية …
وها هى اليوم تقف لتعزف حتى تتوحد مع آلتها و تنصهر لتخرج أعذب السيمفونيات البشرية التى تشعرك أنك تطير فى الهواء تلامس السماء …. تقف تتحدى نفسها و تذهل العالم …..و التصفيق يصم الآذان شجنآآآ

كن نفسك من أول يوم تطأ قدمك تلك الأرض و إلا ستنتهى كما جئت ..تذهب …..

زر الذهاب إلى الأعلى