دين و دنيا

د. حسنى ابوحبيب يكتب : سلامة الصدر وطهارة الباطن مكمن الإيمان

يقول الحق تبارك وتعالى”ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا” (الحشر: 9).

لا عمل يرفع لدرجة الصديقين ، ويؤهل لصحبة النبيين ، وينفع يوم الدين ، كسلامة الصدر وطهارة الباطن ، وهما دليلا التقوى ومكمن الإيمان وأفضل طرق الجنة وأقربها ، “يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم” (الشعراء: 89).

ولطالما تفاضل المؤمنون بسلامة صدورهم ونقاء سرائرهم ، وبهذا فضل سيدنا أبو بكر رضي الله عنه جميع الصحابة ونال رتبة الصديقين ، جاء في الأثر: ما فضل أبو بكر بكثرة صلاة ولا بكثرة صيام ، ولكن بسر وقر في صدره.

ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ اﻟﺪﺭﺩاء: إﻥ ﻟﻠﻪ ﻋﺒﺎﺩا ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ اﻷﺑﺪاﻝ ﺧﻠﻒ ﻣﻦ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻫﻢ ﺃﻭﺗﺎﺩ اﻷﺭﺽ ﻓﻠﻤﺎ اﻧﻘﻀﺖ اﻟﻨﺒﻮﺓ ﺃﺑﺪﻝ اﻟﻠﻪ ﻣﻜﺎﻧﻬﻢ ﻗﻮﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻢ ﻳﻔﻀﻠﻮا اﻟﻨﺎﺱ ﺑﻜﺜﺮﺓ ﺻﻮﻡ ﻭﻻ ﺻﻼﺓ ﻭﻻ ﺣﺴﻦ ﺣﻠﻴﺔ ، ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺼﺪﻕ اﻟﻮﺭﻉ ﻭﺣﺴﻦ اﻟﻨﻴﺔ ﻭﺳﻼﻣﺔ اﻟﺼﺪﺭ ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭاﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﻟﻬﻢ اﺑﺘﻐﺎء ﻣﺮﺿﺎﺓ اﻟﻠﻪ.

وسلامة الصدر أوثق ما ينجي يوم القيامة ، وأرجى ما ينفع ، لما بُشر عبد الله بن سلام بالجنة ذهب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ليسألوه عن أرجى عمل له ، فقال: إن أوثق ما أرجو به الله تعالى سلامة الصدر وترك ما لا يعنيني.

يقول ابن الجوزي في صيد خاطره: من أصلح سريرته فاح عبير فضله ، وعبقت القلوب بنشر طيبه ، فالله الله في السرائر ، فإنه ما ينفع مع فسادها صلاح الظاهر.

والقول الكريم نزل في قوم نصروا الله ورسوله والمؤمنين ، فكافأهم الله بأن جعل غناهم في قلوبهم ، وفرغها من الحسد والغل ، فأصبحت الدنيا عندهم أصغر من أن يفكروا فيها أو يهتموا لها.

لذا عندما خص رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم المهاجرين دونهم بأموال بني النضير طابت نفوسهم بذلك ، ورضيت قلوبهم ، وقدموا راضين إخوانهم على نفوسهم ، وما ذاك إلا لطيب سرائرهم ، ونقاء صدورهم ، وصفاء قلوبهم ، وطهارة بواطنهم ، فحازوا قصب السبق واستحقوا أن يخلد الله مآثرهم ، وأن يتعبد خلقه بذكرهم والترضي عليهم.

رزقنا الله وإياكم نقاء السرائر وصفاء القلوب وطهارة النفوس.هذا وصلى اللهم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

زر الذهاب إلى الأعلى