منوعات

اشرف بدير يكتب : زيف المشاعر

هل كانت صادقة؟ عندما قالت لي يوماً _ لما رأتني قلقاً_ لا تعبأ كثيرًا _أحبيب العمر_ بهؤلاء الذين يحومون مِن حولي، فهم لا يمثلون لي شيئا، أمام ذاك الطيف الشارد من عينيك، وهم كثير لا تحصي لهم عدداً، لكنكَ وحدك من تسري دماؤك في قلبي، وهم عوامٌ، لا يرون مني سوى ما يراهُ أمثالهم من العوام، ولكنكَ وحدكَ من تمثل لي رمزاً، أطوف مِن حوله ولهاً وعشقاً بغير حجاب.

ثم قالت: هكذا أنت من تسلل بغير إذنٍ نحو شغاف قلبي، وهم لا يزالون يحومون من حولي ليروا مني ذاك الخاتم، الذي يوماً وضعته أنت في إصبعي، هم يتوقون _بغير جدوى_ لقراءة كلمات من صفحة إبداعي، التي كنت قد لقنتني إياها، يوم التقينا سمراً، على ضوءِ، وفي حراسةِ رفيقنا القمر.. ثم قالت: ذاك هو الفارق بينك وبينهم…
الآن، وقد بَعدت المسافاتُ بيننا، أراهم الآن يحومون كالغربان من حولك، يتوغلون كالجراد في حياتك، يتدافعون كالجرذان في ممرات صفحاتك البيضاء، وأراكِ، وقد خرجتِ من محرابكِ المقدس، أراكِ تنصتين في لطفٍ إلى نعيقهم، وتطربين في مودةٍ إلى صراخهم، وتباركين بحبٍ وألفةٍ إعجابهم لكِ، وأراهم وقد انتشوا سعادةً وفرحاً بما حازوا منكِ من الاعجابِ، وبما رأوا من خصلات شعرك المتطاير على صفحات وجهك، ويحك، لا تدنسي عرشكِ الوضاءِ بزيفِ مشاعرهم، ولا تهبطي من عليائكِ الشامخ في قلبي، كي تجني ثمرات الحنظل من بستان أحلامهم الكاذبة.

الآن، لم أعدْ أتعبدُ أبداً في محرابِ قلبكِ، ولم أعدْ أعبأُ بكل من قَبلتِ وجودهم من حولك، ولم أعدْ أجزع بأي قولٍ أو فعلٍ انتهكتِ به عهدكِ ووعدكِ لي ، فقد كفرتُ بكل آيات العشق الزائل في معبد حبكِ، وقت أن رأيتك تثنين على مَن حامَ يوماً بغير رغبة مني، حولكِ..

زر الذهاب إلى الأعلى