جلس جابر علي الكرسي بجوار الحائط في إحدي غرف دار المسنين الذي ذهب إليها بإرادته بعد أن ضاق ذرعا بما فعله مع أبنائه من إهانات مستمرة وعدم اهتمام بل ودعاء مستمر عليه بأن يلقي حتفه في أسرع وقت.
اغمض جاير عينيه التي أخرجت دموعا لم تتوقف بسهولة وعاد بذاكرته الي ايام طفولته وكيف كان يعامله والده بحنان واحتواء وكيف كان لايوخر له طلبا خاصه بعد وفاة والدته التي توفيت وهي تضع مولودها الثاني شقيق جابر والذي أطلقوا عليه اسم مصطفي.
مرت الايام ووالد جابر الحاج نصار يرفض الزواج من أخري حتي لا يشعر أبنائه باي شيء ينغص عليهم حياتهم خاصه وأنه كان لديه احساس ان زوجة الأب لن تكون حنونه علي أبنيه الذي يعشقهما.
اهتم نصار بعمله التجاري الذي كان يكبر أمامه كل يوم ويكبر معه ابنيه خاصه جابر الذي كان له معزة خاصه عند والده.
مرت الايام بسلام حتي وصل جابر الي المرحلة الثانوية بينما كان مصطفي في المرحله الإعدادية ومازال والدهم علي عهده الاهتمام بتجارته وولديه حتي علم يوما أن جابر يدخن السجاير حاول منعه عن تلك العادة لكن كان رد فعل جاير عنيفا مشيرا إلى أنه يفعل مايحلو له نهره شقيقه بسبب غلظته مع والده فتطاول عليه وضربه أمام والده الذي رفع يده اول مرة علي ابنه المفضل جابر.
خرج جابر من المنزل متوعدا والده وشقيقه بأشد العقاب لكنه عاد بعد يومين قضاهم عند عمته معتذرا لوالده ولشقيقه.
انهي جابر دراسته الثانويه والتحق بالجامعه التي تفوق فيها وانهي دراسته في كليه التجارة بتفوق واتجه ليساعد والده في عمله وتميز وأصر علي شقيقه الذي التحق بكليه الهندسة أن يهتم بدراسته فقط وان يكون من المتفوقين.
مرت الأعوام ومصطفي يتفوق حتي عاد يوما من الكليه ممسكا ببطنه وظل بصرخ وذهبوا به للطبيب لكنه فارق الحياة قبل إنهاء دراسته بعام واحد.
عم الحزن علي الأب الذي التزم البيت تماما في حين واصل جابر تجارته التي كبرت وظلت تكبر ولم يعد يحتمل مراعاة والده الذي أصابه الكبر والحزن.
أشار جابر علي زوجته وهي ابنة خالته انه سوف يذهب بولداه لاحدي دار المسنين حتى لايرهقا بمراعاته لكنها رفضت رفضا قاطعا فغافلها يوما وذهب بوالده إلى الدار واوهم زوجته أن والده ذهب إلى أقاربه في بلدتهم ليقضي أيامه الأخيرة هناك.
مرت ثلاث سنوات رزق خلالهم جابر بابنه الثاني والثالث وكانت حياته تسير على مايرام حتى اتصل به مسئول دار المسنين ليخبره بوفاة والده عندها علمت الزوجه مافعله جابر مع والده فتركت له البيت واصرت على الطلاق بلاعودة.
دفن جابر والده وعاد للبيت محاولا مع زوجته في العودة عن قرارها لكنها أصرت وبالفعل تم الطلاق.
مرت ايام جابر يراعي تجارته وأبنائه الثلاثه ودارت أمام عينيه حياته مع والده وشقيقه الذي خطفه الموت في سن مبكر عندما خطف الموت منه ابنه الأوسط إثر حادث أليم أثناء عودته من الجامعه.
في حين كان ابنه الأكبر خالد والذي تزوج فى نفس العقار الذي يسكن فيه والده يمارس التجارة مع والده. أما الابن الأصغر محمد والذي كان مازال في الثانوي يهتم بدراسته ليعوض والده عن فقده لشقيقه مصطفي.
مرت الايام وبدأ الحزن يسيطر على جابر حتى ضاق به ابنه ذرعا خاصه بعد سفر الابن الأصغر للعمل كمهندس بإحدى دول الخليج فقرر أن يذهب به إلى دار مسنين ليعاود الكره مع والده كما فعل والده مع جده.
انتبه جابر علي صوت من داخل الحجرة يقول له سامحني ياابي لو كنت أعلم لكنت أتيت من اول لحظه ليجد امامه ابنه محمد الذي عاد لتوه من سفره فيحتضنه وتنهمر عيناه بالدموع ويطبطب على كتف ابنه قائلا له أخبر أخاك أن مسامحه ذهل محمد من قول والده الذي اكمل كلامه قائلا حتى لايفعل معه أبنائه معه مثلما فعل معي.
استغرب محمد لكلام والده الذي اكمل قائلا لانستعجب فلقد فعلت هذا مع والدي وكان لابد من رد الدين فكله سلف ودين حتي المشي علي الرجلين ثم اغمض عيناه لتفيض روحه الي خالقها تاركا خلفه ابنا ينتظر رد الدين.