يعد التدخين بكافة أنواعه وأشكاله : السجاير ، السيجار ، البايب، الجوزة، الشيشة ، البورى آفة من الآفات الاجتماعية المنتشرة وعادة من العادات السيئة التي تعود عليها المدخن حتي أدمنها ويصر عليها رغم ضررها وحرمتها لأنه لا توجد منفعة واحدة للتبغ منذ اكتشافه في أمريكا الجنوبية ونشره المكتشف ” كريستوفر كولمبس” عندما عرفه في كوبا عام ١٤٩٢م .
ونجد أن مضاره كثيرة لأجهزة جسم الإنسان مثل : الجهاز العصبي خاصة أعصاب السمع ، والبصر ، والتذوق ، والجهاز التنفسي الذى يصاب بسرطان الرئة والشعب الهوائية والحنجرة ، كما يؤدى الي الإصابة بالسل ، وفي الجهاز الهضمي يؤدى الي سرطان اللسان والشفة وقرحة المعدة والأثني عشر ويؤثر علي البنكرياس ، كما له أثره السلبي علي القلب والدورة الدموية حيث يؤدى لإرتفاع ضغط الدم ، وأمراض القلب وتصلب الشرايين وحدوث الجلطات ، وتأثيره علي الجهازين البولي والتناسلي فيصاب المدخن بسرطان المثانة ويضعف الرغبة الجنسية ويسبب العقم كما يؤدى للعجز الجنسي للجنسين من المدخنين بعد سن الأربعين، هذا بخلاف تأثير التدخين علي الجنين والأطفال الصغار .
وأثبت الباحثون والعلماء في المعامل أن احتراق أوراق التبغ التي يدخل في تكوينها المبيد الحشرى والقطران ( الزفت ) النيكوتين والكحول ينتج عن هذا الاحتراق غازات سامة مثل : أول وثاني اكسيد الكربون ، كبرتيد الهيدروجين ، الميثان ، الارجون، النيتروجين وهذه الغازات السامة تنتشر مع الدخان المنبعث عند التدخين فيضر بصحة المدخن والمحيطين به وبالتالي ينتشر الضرر .
وصناعة التبغ صناعة كحولية لأنها تمر بثلاث مراحل : مرحلة النقع وتكدس أوراق التبغ في براميل محكمة وغمرها في الكحول والخميرة لمدة ثلاث سنوات أو أربع، ثم مرحلة التصنيع بفرم التبغ المنقوع مع إضافة كثير من المواد وتتجاوز ٥٠٠ مادة مذابة في الكحول النقي بنسبة ١٠٠% ،ثم مرحلة الدش قبل التغليف ، وبذلك تدخل في دائرة التحريم والله تعالي يقول :” إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان “( المائدة ٩٠ ) والسجائر أصبحت خمر مجفف بعد إضافة الخمر في صناعتها .
وأذاعت مؤسسات صناعة التبغ في أمريكا القائمة السرية الطويلة ل ٥٩٩ مادة مضافة إلي التبغ أثناء صنع السجاير في جلسة خاصة بالكونجرس الأمريكي ومنها : النيكوتين ، والإيثيل فيورووات ويسبب ضررا بنسيج الكبد ،وماليتول ، وسكاربوليد ، والنشادر، والمبيد الحشرى الميثوبرين لإيقاف نمو الحشرات في التبغ الجاف ،والخميرة ، والخمر (Wine ) ، والكافيين ، وزيت جوز الهند ، والقطران ونشرت هذه القائمة في جريدة العالم الأمريكية(World) وقالوا ان هذه المواد لا ضرر منها علي صحة المدخن وشك السيناتور هنرى واكسمان النائب الديمقراطي عن كاليفورنيا في هذا الاعلان وطالب بفحص المواد ال٥٩٩ بواسطة خبراء السموم وظهر كذب شركات التبغ وهي تلاعبت بمستويات النيكوتين في السجاير لإيجاد حالات الإدمان عند المدخنين .
ومن هنا افتي المفتون وكثير من العلماء العالمون بحقيقة التبغ وصناعته وآثاره ومكوناته بحرمة التدخين وليس بكراهيته بكل أشكاله لأن الحقائق تشير أن التدخين يلحق الأذى بصحة المدخن والله يقول :” ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة “( البقرة ١٩٥ ) ويقول أيضا :” ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث “( الأعراف ١٥٧ ) كما يقول ( عز وجل ) :” قل لا يستوى الخبيث والطيب “( المائدة ١٠٠ ) فلا يختلف بالطبع اثنان علي خبث التبغ ومشتقاته والمواد المضافة إليه ، كما أن المدخن يؤذى المحيط به وهو ما يعرف بالمدخن السلبي والرسول ( صلي الله عليه وسلم ) يقول :” من أذى مسلما فقد أذاني ومن أذاني فقد أذى الله ” ( رواه الطبراني ).
وأعلن فضيلة الدكتور عبدالصبور شاهين ( رحمه الله ) من فوق منبر جامع عمرو بن العاص في ٢٠ مايو ١٩٩٤م حرمة تدخين السجائر لأنها خمر مجفف وتضر بالصحة وبالمحيطين بالمدخن وليس مكروها لأن القاعدة الشرعية تنص أنه متي ثبت خبث الشئ فهو حرام ، ولهذا أفتي بأن التدخين يبطل الإحرام ،لأن الدخان خمر مجفف فحكم التدخين هو التحريم ، وإذا دخن الحاج المحرم بطل إحرامه، لانه إذا كان الإحرام يحرم بعض الحلال فكيف لايحرم الحرام ؟! ونشر هذا في جريدتي الاخبار وعقيدتي عام ١٩٩٤م .
كما أصدر فضيلة الدكتور نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية الأسبق فتواه الشهيرة عام ١٩٩٩م بالحرمة القطعية للتدخين بكل المقاييس الشرعية ، بعد أن قطع العلم بأضرار التبغ والتدخين التي تصيب المدخن ومن يخالطونه ولما فيها من إسراف وتبذير .
وفي النهاية أتمني أن يقلع كل مدخن عن التدخين ،ويمتنع كل حاج أثناء إحرامه عن التدخين ، حتي لا يكون كلامي دخان في الهواء .