بعد أن ضاق رجب طيب إردوغان الرئيس التركي ذرعا من فشل مؤامراته الخبيثة ضد مصر للنيل منها ومن إستقرارها ، وفشله في معارضة ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص واليونان والتي أدت لتشغيل حقل ظهر للغاز الطبيعي بنجاح أمام السواحل المصرية في البحر المتوسط ، وفشله في تمويل ودعم الإرهابيين في سيناء وكذا في ليبيا حتي يهدد حدود مصر الغربية رغم مساعداته في نقل الإرهابيين الدواعش والقاعدة من سوريا والعراق لليبيا ، إلا إنه راح ينسج من جديد خيوط مؤامرة أخرى ضد مصر ويعلن عبر مواقع التواصل الاجتماعي إستعداده منح العائلات المصرية من أصل تركي الجنسية التركية وأحصاها وذكرها بالاسم : خورشيد ، الشامي ، الشوربجي ، البيك ، يكن ، جاويش ، الأناضولي ، خزندار ، الكاشف ، الخربوطلي .. الي اخره .
وهذه المؤامرة مكشوفة لأنه يحاول أن يُكون أقلية تركية في مصر ليستخدمها ضد استقرارها بإثارة القلاقل والمظاهرات والثورات حتي لو أدى الي حروب أهلية، أو رفع الدعاوى القضائية في محكمة العدل الدولية أو تقديم الشكاوى الكيدية لمنظمة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بإضطهاد السلطات المصرية لهم ، أو المطالبة بثرواتهم وميراث أجدادهم ، ويقوم بما تقوم به إيران من إشعال الحروب الأهلية المذهبية في اليمن بإستخدام الحوثيين الشيعة ، وحزب الله في لبنان ، والشيعة في سوريا لإحياء الدولة الصفوية الشيعية ، وهذه نكبة العرب من إيران الشيعية وتركيا السنية .
والعجيب أنه يجهل تاريخ مصر لأن كل الجنسيات التي عاشت علي أرض مصر منذ مئات أو عشرات السنين بما فيهم الأتراك إنصهروا في بوتقة الشعب المصرى وأصبحوا جزء منه لهم ما للشعب المصرى وعليهم ما عليه ولا تنفع معهم فتنة ووقيعة ، وقد رأينا مثلا : الفنان أحمد مظهر وجذوره من البوسنة والهرسك ، والفنان إستيفان روستي وجذوره من قبرص ، ونجيب الريحاني من العراق ، وآخرون من الشام ، والموارنة ، واليهود ، والإجريج ، والزعيم محمد فريد من أصول تركية وأنفق امواله وثروته علي قضية إستقلال مصر ومات فقيرا في ألمانيا ونقل جثمانه علي نفقة تاجر بطاطس مصرى ليدفن في مصر ، وأتسأل بأى شئ يغرى إردوغان هذه العائلات ؟ وماذا سيستفيدون من حصولهم علي الجنسية التركية ؟ وماذا يقدم لهم من مزايا ؟ وهل حل مشاكله الاقتصادية الطاحنة التي أدت إلي انتشار الفقر بين فئات الشعب التركي مما أدى لانتشار الدعارة وعرض العاهرات لأجسادهن في فاترينات زجاجية كالملابس والأحذية .. فعلي أى شئ يهرولون للحصول علي الجنسية التركية أيها الإردوغان .
وكل هذه المؤامرات التي تحاك ضد مصر الهدف منها زعزعة إستقرارها لإنها هي العقبة الكؤود في تحقيق حلمه الكبير بإحياء الخلافة الإسلامية ليُنادى بأمير المؤمنين وخليفة المسلمين ، كما كان ينادى السلطان العثماني وهذا في خياله المريض وخطأ كبير ،لأن الحقيقة التي يجهلهاأن حكام الدولة العثمانية كانوا ينادون بلقب السلطان وليس الخليفة ، وهذا اللقب حصل عليه لأول مرة السلطان بايزيد الأول عام ١٣٩٤م من الخليفة العباسي في القاهرة .
وعندما دخل السلطان العثماني سليم الأول مصر عام ٩٢٤ هجرية/ ١٥١٧م وجرد مصر من تراثها ونهضتها العلمية والحضارية وأخذ معه العلماء والفقهاء والصناع والحرفيين المهرة بل أخذ كل غال و نفيس علي أرض مصر ونقلهم الي الآستانة ، اصطحب معه الخليفة العباسي المتوكل علي الله الي الآستانة وأجبره علي التنازل له عن الخلافة الإسلامية، رغم مخالفة هذا لفقه الخلافة لأن خليفة المسلمين لابد أن يكون عربيا قرشيا وأن تكون له بيعة من أهل الحل والعقد وليس بالتنازل، ولهذا رفضت الشعوب العربية الحكم العثماني وقامت ثورات : فخر الدين المعني الثاني في لبنان ، وعلي بك الكبير في مصر وإستعان بروسيا ، وداود باشا في العراق وإستعان بانجلترا ، ومحمد بن عبدالوهاب في السعودية .
وأذهب الي أبعد من هذا وأقول إن لقب السلطان ظل يتلقب به الحاكم العثماني حتي أخر حكام الدولة ( السلطان عبدالمجيد ) ١٩٢٣م ، وفي ٢ مارس ١٩٢٤م ألغيت الخلافة ، ولم يناد أى من السلاطين العثمانيين بلقب الخليفة إلا السلطان عبدالحميد الأول عندما عقد إتفاقية مع كاترين الثانية إمبراطورة روسيا عام ١٧٧٤م لحماية المسلمين في شبة جزيرة القرم ، كما كان السلطان سليم يعتز بلقب ” خادم الحرمين الشريفين ” ولا يعبأ بلقب الخليفة وكذا السلطان سليمان وقد خلت مراسلاتهما من لقب الخليفة .
فأية خلافة هذه التي يعمل إردوغان علي إحيائها بعد هذا السرد التاريخي ، فالخلافة الإسلامية في الدولة العثمانية كانت باطلة ، والسلاطين لم يتلقبوا بلقب الخليفة كما أوضحنا ، و الأهم أن نظام الخلافة لا يصلح اليوم بتغير الزمان الذى نعيش فيه وغير مقبول ، وقد شاهدنا الفشل الذريع للجامعة العربية في لم شمل العرب علي كلمة سواء ، وفشل اتحاد مصر وسوريا ،وفشل اتحاد الجمهوريات العربية ، ومانشاهده اليوم من الخطر المحدق الذى يهدد الاتحاد الأوروبي بعد إصرار الحكومة البريطانية علي الخروج منه وبعدها سينفرط عقده .
فليكف إردوغان عن مؤامراته ومغامراته ضد مصر وليتخلي عن حلمه الذى يعيشه لأنه سراب وليعلم ان المؤامرات ضد مصر لا تفلح معها ، لأن فيها خير اجناد الأرض كما روى الفاروق عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) يقول سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : ” إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا فذلك الجند خير أجناد الأرض ” قال ابو بكر الصديق ( رضي الله عنه) : ولِمّ ذلك يا رسول الله ؟ قال: ” لأنهم و أزواجهم في رباط إلي يوم القيامة ” ( أخرجه ابن عبد الحكم ) ، وقوله ( صلي الله عليه وسلم ) :” مصر كنانة الله في أرضه ما طلبها عدو إلا أهلكه الله ” ( رواه العجلوني) .. حمي الله مصر من كل سوء ، وكل فتنة ، وكل مؤامرة إردوغانية.