قال د. محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف إنَّ الأزهرَ الشَّريفَ يتطلَّعُ إلى إقامةِ المزيدِ مِن صلاتِ التَّعاونِ بين سائرِ المؤسَّساتِ الدِّينيَّةِ والثَّقافيَّةِ والإعلاميَّةِ في العالمِ؛ للعملِ معًا على تأسيسِ مواطنةٍ عالميَّةٍ لا تطمسُ الهويَّاتِ، ولا تلغي الخصوصيَّاتِ، ولا تهدِّدُ المجتمعاتِ.
وأضاف في كلمته بمؤتمر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية المنعقد اليوم تحت عنوان” عقد المواطنة واثره في السلام العالمي “إنَّ ما تحملُه المواطنةُ مِن مضامينَ ينبعُ مِن القِيَمِ الإسلاميَّةِ الَّتي جاءَ بها وحي السَّماءِ، الَّذي لم يفرِّقْ بين إنسانٍ وآخرَ، والَّذي جعلَ التَّكريمَ لبني آدم كافَّةً دون تمييزٍ، وإنَّ الأزهرَ الشَّريفَ متيقِّظٌ لتلك الأخطارِ الَّتي تهدِّدُ أمنَ الأمَّةِ فكريًّا وثقافيًّا، خاصَّةً تلك الَّتي تستهدفُ الشَّبابَ، وتراهنُ على ولائِهم وانتمائِهم لأوطانِهم.
ومِن هنا أنقُلُ لمؤتمرِكم الموقَّرِ عدَّةَ رسائلَ أزهريَّةٍ تتعلَّقُ بالمواطنةِ.
الأولى: إنَّ عقدَ المواطنةِ قديمٌ قِدمَ المجتمعاتِ الإنسانيَّةِ، غيرَ أنَّها كانت مواطنةً متذبذبةً بحسبِ ما تسمحُ به الأنظمةُ السَّائدةُ، فلم تتحقَّقْ مواطنةٌ كاملةٌ إلَّا في عصرِ الحقوقِ والحرِّيَّاتِ.
الثَّانيةُ: إنَّ عقدَ المواطنةِ يضمنُ الممارساتِ الَّتي لا تحتوي أيَّ قدرٍ من التَّفريقِ أو الإقصاءِ لأيِّ فئةٍ مِن فئاتِ المجتمعِ، ويتبنَّى سياساتٍ تقومُ على قبولِ التَّعدُّديَّةِ الدِّينيَّةِ والعِرقيَّةِ والاجتماعيَّةِ الَّتي تعدُّ مظهرًا من مظاهرِ ثراءِ المجتمعِ.
الثَّالثةُ: إنَّ الفكرَ الإسلاميَّ يضمنُ بثرائِه وتجاربِه أن نبنيَ حضاراتٍ قائمةً على مواطنةٍ حقيقيَّةٍ بغضِّ النَّظرِ عن العقيدةِ أو اللَّونِ أو العرقِ.
الرَّابعةُ: إنَّ الطَّريقةَ المثلى لتحقيقِ مواطنةٍ حقيقيَّةٍ هو إتاحةُ ممارسةِ الحقوقِ والحرِّيَّاتِ للجميعِ في مناخٍ ديمقراطيٍّ آمنٍ دون تمييزٍ.
الخامسةُ: إنَّ تنميةَ ثقافةِ المواطنةِ لدى النَّشءِ ضرورةٌ، تقعُ على عاتقِ المؤسَّساتِ التَّربويَّةِ والتَّثقيفيَّةِ المسئولةِ، الَّتي يجبُ أن تعنى بتأمينِ موقعٍ متقدِّمٍ للوطنِ بسواعدِ أبنائِه.