آراء

د. عاطف محمد كامل يكتب : دور المجتمع المدني كشريك أساسى في مواجهة تحديات التغيرات المناخية في مصر

إن صناعة الوعى المجتمعى أصبحت ضرورة حتمية فى ظل التحديات والمخاطر، وأعتقد أن تحدى التغيرات المناخية الأخطر والأكثر التى يحتاج إلى تنمية الوعى المجتمعى باعتباره تحدى يهدد البشرية جمعاء، ويمثل تهديدا وجوديا لملايين البشر، وخطر داهم على الأمن الغذائي والاقتصادي والبيئى والصحى والسياحى بل الحياة كلها.

وما يسعدنا حقا كمصريين جهود دولتنا تجاه هذا الخطر، ودخولها المعركة بقوة سواء على مستوى رسم السياسات والاستراتيجيات العامة والخطط المستقبلية، أو وضع الآليات التنفيذية لمواجهة هذه الظاهرة، وهذا رأيناه بالفعل سواء على المستوى التأسيسى بإنشاء المجلس الوطني للمتغيرات المناخية، أو من خلال إطلاق الاستراتيجية الوطنية للمتغيرات المناخية مصر 2050 أو فيما يخص التعاون الدولى والتنسيق الإقليمى والذى كان ثماره النجاح فى استضافة COP 27 على أرض السلام بشرم الشيخ 2022.

وأهمية جهود تعزيز صناعة الوعى المجتمعى من خلال تسليح المواطنين بالمعرفة والعلم لمواجهة خطر المتغيرات المناخية، وذلك من خلال المبادرات المناخية والندوات التثقيفية والتوعوية للمواطنين حول مفهوم المتغيرات المناخية ومدى تأثيرها على مصر، وما يجب فعله من قبل المواطن، وهذا دور المتخصصين من جهاز حماية البيئة التابع لوزارة البيئة وفروعة بالمحافظات المصرية، ومع مديريات التعليم بالمحافظات، لإحداث حالة توعوية ناضجة ومشاركة إيجابية لتأكيد أن الوعى هو السلاح الأول لمواجهة كافة مشاكلنا، والدعوة إلى ضرورة تكثيف مثل هذه الصالونات والندوات الثقافية والتوعوية فى كافة الجهات بالمدارس والجامعات كافة وقصور الثقافة ومراكز الشباب والوحدات المحلية من أجل خلق حالة من الزخم والتنافسية، لتنمية ورفع قدرات الوعى المجتمعى تجاه هذه الظاهرة الخطيرة، خاصة إن التغيرات المناخية هي ظاهرة عالمية ذات تأثيرات محلية، فهي تؤثر على الأماكن الأضعف في تكوينها وتركيبها الجغرافي، فما أحوج المجتمعات الريفية إلى التوعية لأنها المتضررالأول نظرا للبنية التحتية لهذه المجتمعات وعملها فى النشاط الزراعي الأكثر تأثرًا بالتغيرات المناخية، لأنه أكثر الأنشطة تعرضًا للمناخ، وأكثر الأنشطة ضعفًا في البنية التحتية والأساسية المقاومة، وهنا تأتى ضرورة العمل على زيادة الوعى فى هذه المجتمعات.

 وفى ضوء أهداف التنمية المستدامة والاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 والتى تتمثل فى 3 محاور رئيسية؛ تشمل تقليل الانبعاثات الكربونية، والحد من التأثيرات السلبية لتغير المناخ، وإدارة محلية فعالة ومتكاملة فى التغير المناخى. ينبغي رفع مستوى التنسيق بين كافة الوزارات والجهات المعنية في الدولة بشأن مجابهة المخاطر وتهديدات هذه الظاهرة الخطيرة، مع تحديد دور المجتمع المدنى من خلال جلسات الحوار الوطنى للمناخ ووضع خارطة الطريق له ، بما يضمن تحقيق تنمية اقتصادية مُستدامة وتبنى الاقتصاد الأخضر فى كافة المشروعات بالدولة، لكن تظل هناك حاجة لعدد من الإجراءات المُكملة، خاصة فى تنمية الوعي المجتمعي، وتفعيل دور المجتمع المدني كشريك ضروري في مواجهة هذا التحدى، وهذا ما نتمنى تحقيقه خلال الفترة المقبلة فى المحافظات والمجتمع الريفى وكافة فئات الشعب.. وكذلك جمع وتوثيق تجارب الجمعيات الأهلية الناجحة في الاستدامة البيئية وإعداد خطة مشتركة ذات أهداف يمكن قياسها قبل مؤتمر التغيرات المناخية بمصر • هناك علاقة وطيدة بين الفقر الاقتصادي والفقر البيئي.. ونؤمن في قدرات النساء المصريات في تحفيز ترشيد الموارد والدفع بممارسات الاقتصاد الأخضر وسبل الاستدامة.

وعن استعدادات مصرلمشاركة منظمات المجتمع المدنى والعديد من الجمعيات الأهلية العاملة فى مجال البيئة فى مؤتمر التغير المناخى الذى من المقرر أن تستضيفه مصر نهاية العام الجارى، بمدينة شرم الشيخ . للتعرف على الإسهامات التى نفذتها تلك الجمعيات خلال الفترة الماضية، بما يشمل توليد الطاقة الحيوية، والبيوجاز، والمبانى الخضراء، والاقتصاد الأخضر، وترشيد استخدام المياه والطاقة، وتدوير المخلفات، والتوعية البيئية، وإنشاء منصة تضم الجمعيات الأهلية الشريكة فى المجال، وغيرها من المجالات ذات الصلة. وأهمية وضع رؤية موحدة لمساهمة المجتمع المدنى فى موضوعات الاستدامة البيئية، وتسويق الاقتصاد الأخضر؛ بصفته مسار من مسارات الخروج من الفقر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة (الهدف الأول) في مصر.

ومن خلال المنظومة الإلكترونية  لتنظيم ممارسات العمل الأهلي للجمعيات الأهلية، تستطيع الوزارات رصد الجمعيات الأهلية العاملة فى مجال البيئة بتصنيفاتها المتعددة، غير أن الحفاظ على الموارد الطبيعية والبيئية، له دور كبير فى الاستثمار فى البشر وبناء الإنسان فى اتساق مع بيئة نظيفة وخالية من التلوث بجميع أنواعة تراعى عمليات إعادة تدوير الموارد وتجديدها، من خلال التوعية المكثفة والمشاركة المجتمعية الفعالة، والتي تعتبر من الأساسيات فى إحداث التغيير الحقيقى فى اتجاهات المواطنين، وفى تبنى سلوكيات إيجابية نحو الحفاظ على البيئة وأستدامتها، والعمل على استقرار الظروف المناخية. وأنه من أجل تغيير ثقافة المجتمع نحو البيئة النظيفة والتنمية المستدامة، يجب أن يتم توجيه بعض الموارد لتمويل الجمعيات الأهلية نحو قضايا بيئية معينة، وإيجاد متطوعين فى الاستدامة البيئية.

إن الاهتمام بتوعية الأفراد بماهية التغيرات المناخية تعتبرضرورية ، نظراً لعدم معرفة البعض بهذا المصطلح وعدم إدراكهم ما يجب فعله وما يجب تجنبه لمواجهة التغيرات المناخية التى باتت من أهم القضايا المؤثرة على حياة الأفراد والشعوب، وأهمية نشر «تكنولوجيا البيوجاز» فى القرى، للاستفادة من المخلفات الزراعية والمنزلية والحيوانية وإعادة تدويرها وتحويلها إلى وقود وسماد عضوى، ما يحقق عائدًا اقتصاديًا يسهم فى تحسين معيشة المواطن، ويعمل على تقليل الانبعاثات الناتجة عن حرق المخلفات. مع خلق فرص عمل للمجتمعات المحلية وخلق فرص عمل داخل المحميات الطبيعية في مجال البيئة، خاصة المرأة المعيلة، وذلك بهدف دمج المجتمعات المحلية فى مسارات التنمية، وذلك من خلال استغلال الموارد الطبيعية للمحميات، كحراس للمحميات وفى نفس الوقت يحققون دخلاً اقتصادياً من خلال عرض منتجاتهم المحلية لمرتادى المحمية، لزيادة الدخل ويستطيعون العيش الكريم. بالإضافة إلى غلق المقالب العشوائية والقضاء على التراكمات التاريخية وإنشاء المحطات الوسيطة المتحركة والثابتة ومصانع المعالجة والتدوير والمدافن الصحية، و منظومة النقل تشغيل اتوبيسات تعمل بالغاز الطبيعى بدلا من السولارسوف يقلل من مستوى الانبعاثات الكربونية.

أن مؤتمر المناخ COP27 في مصر سوف يفتح النقاش والحوارت المستمرة بين جميع المشاركين من دول العالم والحكومة المصرية بشأن طرق وسبل مواجهة التغيرات المناخية، ومناقشة جهود مصر في هذا المجال”، مع إستعراض الرؤى الحكومية وغير الحكومية المصرية لتنفيذ استراتيجية مصر لمواجهة التغيرات المناخية حتى عام 2050، من خلال إلقاء الضوء على ملامح الاستراتيجية الوطنية المصرية لمواجهة التغيرات المناخية واستعراض جهود الحكومة المصرية لتشجيع مشروعات تحول الطاقة، ورفع الوعي الشعبي بالفرص والتحديات التي تواجه مشروعات تحول الطاقة وخطط مواجهة التغيرات المناخية، بمشاركة خبراء من مصر والعالم

.
كاتب المقال ا.د/ عاطف محمد كامل أحمد-مؤسس كلية الطب الليطرى
جامعة عين شمس ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان استاذ وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية- اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير التغيرات المناخية بوزارة البيئة- الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية

زر الذهاب إلى الأعلى