فجوة كبيرة بين النساء والرجال في الأجور بالشركات ماعدا المناصب التنفيذية
كتب عاطف عبد الستار
اتسعت فجوة الأجور بين كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركات المدرجة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى أعلى مستوياتها منذ 2012، وفقا لتقرير مورنينج ستار. وفي المتوسط، حصلت النساء في المناصب التنفيذية على 75% ما حصل عليه نظرائهن من الرجال في عام 2020، وذلك انخفاضا عن 88% في عام 2018.
و طبقا للتقرير. تضيق الفجوة بين الجنسين من المسؤولين التنفيذيين المعينين (على سبيل المثال، الرئيس التنفيذي، والمدير المالي، والمسؤول التنفيذي التالي الأعلى أجرا)، إذ تحصل النساء على 81% من متوسط أجر الرجال في عام 2020.
وقالت مورنينج ستار: ستحتاج النساء إلى أربعة عقود أخرى للوصول إلى العدالة من حيث الأجور في المناصب التنفيذية العليا، لافتة إلى متوسط أجر للنساء يبلغ 83% مما يكسبه الرجال في الولايات المتحدة لكن الجوهر الحقيقي للفجوة لا يكمن في الرواتب الأساسية وإنما في حزمة المزايا الشاملة.
تأتي فجوة الأجور الآخذة في الاتساع على الرغم من وصول النساء إلى المزيد من المناصب التنفيذية في هذه الشركات (وإن كان ذلك بوتيرة نمو بطيئة للغاية): منذ عام 2012، ارتفع عدد النساء المعينات في المناصب التنفيذية السابق ذكرها في هذه الشركات إلى 14% فقط بحلول 2020، بارتفاع قدره 6 نقطا مئوية عن عام 2012.
ورغم ذلك، ثمة ندرة خطيرة في النساء في المناصب العليا: “ارتفع عدد شركات ستاندرد آند بورز التي ترأسها نساء إلى 5.5% من 4.3%”، طبقا لتقرير مورننج ستار. وبالكاد توجد شركات لديها أكثر من امرأة واحدة في المناصب التنفيذية العليا، فنحو 16% فقط من الشركات عينت سيدتين أو أكثر كرئيسة تنفيذية أو مديرة مالية أو في المنصب التنفيذي التالي الأعلى أجرا.
ما هو وضع تمثيل المرأة في الشركات العامة في مصر؟
رغم عدم توافر بيانات حول التوزيع النوعي للمناصب القيادية في الشركات المحلية، قالت الهيئة العامة للرقابة المالية العام الماضي إن نحو 85% من الشركات المدرجة في البورصة المصرية لديها سيدة واحدة على الأقل بمجلس إدارتها. وكانت الهيئة أصدرت قرارا في عام 2020 يلزم الشركات المقيدة بالبورصة بتخصيص مقعد واحد على الأقل للمرأة في مجالس إدارتها، ثم ألزمت الهيئة الشركات المقيدة بالبورصة المصرية والشركات العاملة في مجال الخدمات المالية غير المصرفية بألا تقل نسبة تمثيل المرأة في مجالس إدارتها عن 25% أو عضوتين على الأقل.
يضيف تقرير مورننج ستار إن السبب الأكبر وراء الفجوة الآخذة في الاتساع هو عدم المساواة في الدخل من المكافآت المرتبطة بالأسهم. سلكت الرواتب الأساسية لكل من الرجال والنساء على حد سواء نفس المسار في الفترة ما بين 2012 و2020. لكن الدخل من خيارات الأسهم، والأسهم المقيدة التي لا تصبح قابلة للتحويل إلا بعد استيفاء شروط معينة، ومكافآت الأسهم المرتبطة بالأداء، يظهر اختلافات كبيرة بين الجنسين، هذا الاتجاه يميل إلى كفة الرجال، الذين زاد نصيبهم من الأسهم بنحو 30% تقريبا عن النساء خلال فترة الدراسة. وفي حين أن النساء في المناصب القيادية، شهدن زيادة بنسبة 20% في الأجور على أساس الأسهم، حظي نظرائهن من الرجال على زيادة بمقدار 49%، مع نمو الفجوة بشكل كبير في عامي 2019 و2020، بحسب مورننج ستار.
الدول العربية أقل مراتب في العالم من حيث مشاركة الإناث في قوة العمل
تحتل الدول العربية أقل المراتب في العالم من حيث مشاركة الإناث في قوة العمل بنسبة بلغت 21.2% في عام 2017، وفقا لتقرير صدر مؤخرا عن منظمة العمل الدولية. ولا تزال هذه النسبة تواصل الارتفاع بانتظام، ولكن لا يزال الطريق طويلا أمام النساء في الدول العربية – وهي حسب تعريف منظمة العمل الدولية دول مجلس التعاون الخليجي، والعراق، والأردن، ولبنان، والضفة الغربية وغزة، وسوريا – لسد الفجوة بينها وبين الرجال، الذين تصل نسبة مشاركتهم 76.4%.
ولكن ما أهمية هذه الفجوة بين الجنسين؟ في بيئة تتسم بندرة مصادر النمو الجديدة من شأن زيادة مشاركة المرأة في القوة العاملة أن تكون إحدى طرق تعزيز النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ففي عام 2014، تعهد زعماء مجموعة العشرين للاقتصادات المتقدمة والصاعدة بتخفيض قدره 25% في الفجوة بين الجنسين في معدل المشاركة في قوة العمل بحلول عام 2025. ووفقا لما أوردته منظمة العمل الدولية، إذا ما تحقق هذا الهدف في كافة البلدان فمن الممكن أن يعطي دفعة لتوظيف العمالة على المستوى العالم بنسبة 5.3%.
وستؤدي مثل هذه النتيجة إلى تحقيق نمو اقتصادي كبير، مما يرفع معدل إجمالي الناتج المحلي العالمي في 2025 بنسبة تصل إلى 3.9%، أو 5.8 تريليون دولار. وسوف تتحقق الفائدة الأكبر للمناطق التي تعاني من أكبر الفجوات بين الجنسين – وهي شمال إفريقيا والدول العربية وجنوب آسيا.
ووفقا لما ورد في عدد نوفمبر 2013 من تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي الصادر عن صندوق النقد الدولي كان بوسع منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان أن تحقق مكاسب تقدر بتريليون دولار في صورة ناتج تراكمي خلال العقد السابق على صدور التقرير لو كانت مشاركة الإناث في القوى العاملة قد زادت بالقدر الكافي لتقليص الفجوة بين الجنسين من ثلاثة أضعاف إلى ضعف متوسط هذه الفجوة في غيرها من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية خلال تلك الفترة.
وبينما توجد مكاسب اقتصادية واضحة من مشاركة مزيد من النساء في القوة العاملة، فإن هناك آثار إيجابية أخرى مصاحبة مثل رفع مستوى رفاهية المرأة وزيادة الفرص المتاحة لها لممارسة نفوذها وتحقيق أهدافها في الحياة.
وكل هذه الآثار المفيدة مثبتة في البيانات. ويبين تقرير منظمة العمل الدولية أن 70% من النساء التي شملها استطلاع الرأي تفضل العمل في وظائف مدفوعة الأجر، بغض النظر عن حالتهن الوظيفية الحالية. ولكن أكثر من نصف النساء على مستوى العالم هن خارج قوة العمل، مما يعني أن هناك تحديات كبيرة تعيق من قدرتهن وحريتهن للمشاركة.