اذا اعتبرنا ان الجامعات الحكومية والخاصة هي رأس المجتمع وعقله , فان فساد الجامعات يعني فساد رأس هذا المجتمع وعقله , واذا فسد عقل المجتمع , فان هذا يعني فساد باقي اجزاء الجسد او المجتمع كله بأي حال من الاحوال , وذلك وفقا للمثل الشهير القائل بان “السمكة تفسد من رأسها “! الامر الذي سيؤدي حتما الي فساد الجسم بأكمله وهو ما لا نتمناه علي الاطلاق ولابد من مواجهته قبل ان ينتشر ويستشري في جميع اجزاء المجتمع لاسيما ان الشباب هم قاطرة المجتمع والذين سيتحملون مسؤلية قيادة الوطن في المستقبل !
و ما تسعي الدولة اليه هو حل هذه الازمة التي تراكمت لعقود طويلة من خلال خلق بدائل للجامعات القائمة بالفعل منذ عقود طويلة بواسطة تأسيس جامعات دولية بشراكة عالمية مع جامعات الدول المتقدمة علميا وتكنولوجيا وهذا ما اكد عليه وزير التعليم العالي د.خالد عبد الغفار في منتدي التعليم العالي الاخير , من اجل تجاوز هذه الازمات والفساد الذي يعتري الجامعات الحكومية والخاصة علي السواء واستشري بقوة في كل منهما بشكل يحتاج الي وقفة لضبط الامور واعادتها لمسارها الصحيح ! وربما كانت رسالة الجامعات الحقيقية هي بناء عقل المجتمع من أجل دفع هذا المجتمع نحو التقدم والانخراط في المسار الحضارى للبشرية وهذا الدور تراجع خلال الفترة الاخيرة حتي في تصنيف الجامعات المصرية علي مستوي العالم والذي جاء بعد جامعات اسرائيلية !
ومن بين أزمات التعليم الجامعي في بلادنا أزمة اعارة الاستاذ الجامعي الي الخارج ,والتي وصلت الي الذروة في الفترات الاخيرة , بعد أن كان الحد الأقصى للإعارة الواحدة أربع سنوات، وصلت إلى عشر سنوات وأكثر من هذا ، تحت مبرر أن الإعارة تحقق هدفا قوميا لابد منه وفى أحيان أخرى يظل عضو هيئة التدريس بعد انقضاء ثلاث سنوات من حصوله على الدكتوراة في حالة إعارة دائمة إما تحت اسم “أستاذ زائر” لمتابعة الرسائل العلمية التي يشرف عليها الأستاذ في دولة الإعارة، أو في إعارة محدودة لمدة ثلاثة شهور للتدريس!!
وعندما يعود عضو هيئة التدريس إلى وطنه يكون قد تشبع بنظام تلك المؤسسات التي كون فيها ثروته المالية وهذا النظام يقوم على تحريم وتجريم أعمال الفكر الناقد فيما يقوم الأستاذ بتدرسه من مواد، سواء كانت في مجال العلوم الطبيعية أو الإنسانية مثل بعض الدول العربية كالسعودية والبحرين وقطر والكويت ، فيعمل على تطبيق هذا النظام على طلابه بعد عودته إلى جامعته، فيقوم بإرهاب كل من يجرؤ على التعبير عن رأى مخالف له, حفاظا علي مكانته المادية وعدم المخاطرة بها !
الامر الاخر انه بعد عودة استاذ الجامعة من الإعارة يقوم بتأسيس شبكة من الفساد الأكاديمى تضمه هو وباقى أعضاء هيئة التدريس والمعيدين والمدرسين المساعدين برعاية عميد الكلية في أغلب الأحيان، ومهمة تلك الشبكة هي تحويل الكلية بوجه عام، والقسم الذي يعمل به بوجه خاص، إلى سوق لتجارة ما يسمى رسميا الكتاب الجامعي ومن ثم يتم فرضه بالقوة علي الطلاب ويحققون ارباحا طائلة في العام الدراسي الواحد!ومن اجل ضمان قيام الطالب بشراء الكتاب يلجأ الاستاذ الجامعي بلصق مجموعة اوراق منفصلة بالكتاب ويطلق عليها “شيت” للطلاب ضمن اعمال السنة حتي يضمن شراء الكتاب بنسبة 100% !!
الامر الاخر ان فئة المعيدين والمدرسين المساعدين بعضهم يقوم باعطاء الطلاب دروس خصوصية من اجل تسريب الامتحانات للطلاب وفي نفس الوقت يتعاملون مع المكتبات المحيطة بالحرم الجامعي لبيع الملخصات للمكتبات المنتشرة هناك كما هو الحال في منطقة بين السريات بجامعة القاهرة وشارع الجامعة في جامعة عين شمس وجامعة حلوان وعدد كبير من الجامعات الخاصة في مدينة 6 أكتوبر والقاهرة الجديدة والمقطم ! ناهيك عن المغالاة في مصروفات الجامعة وتكاليف مشروعات التخرج وبيزنس الفنادق والاقامة للمغتربين وبينزنس اسطول السيارات لتوصيل الطلاب ومصروفات أخري ما أنزل الله بها من سلطان !
الامر أصبح تجارة اكثر منه تعليم والهدف الاساسي في العديد من الجامعات الخاصة والمعاهد العليا وبعض الجامعات الحكومية هو المكسب المادي للاستاذ الجامعي ورجال الاعمال ملاك هذه الكيانات الذي يصورون للمجتمع ان لهم دور اجتماعي ومسؤلية اجتماعية وتعليمية وثقافية تجاه الوطن وهم أكثر حرصا علي المكاسب المادية والمنفعة الخاصة اكثر من اي شيء اخر ! ولتذهب مستقبل ابناءنا الي الجحيم !
فلابد من تطبيق سياسة الحزم والحسم علي الجامعات المخالفة والمتجاوزة الحكومية والخاصة علي السواء والرقابة الشديدة من قبل وزارة التعليم العالي والمجلس الاعلي للجامعات الحكومية والخاصة والضرب من حديد علي كل متجاوز يتاجر بمستقبل أولادنا واولياء الامور الذين يتكبدون المشقة ويبيعون الغالي والنفيث حتي يجمعون مصاريف الابناء لدخول الجامعة!
الرئيس السيسي تحدث عن أهمية عملية صياغة ثقافة تطوير التعليم فى إطار النهج الاستراتيجى لبناء الإنسان المصرى ولكن هناك من يحارب هذا الامر من اصحاب المصالح والاهداف الخاصة وهم بالطبع ضد مستقبل شبابنا والوطن الغالي مصر أغلي الاوطان !!