آراء

د.عاطف محمد كامل احمد يكتب أهمية أشجار المانجروف للنظام البيئي في مصر

تنمو على شواطئ البحر الأحمر ولها قيمة اقتصادية عالية وهي عبارة عن مجتمعات نباتية بين البحر والبر في المناطق التي تغمرها مياه المد والجزر، ولها قدرة عجيبة على العيش في المياه المالحة على الرغم من أنها لا تحتاج إلى الملح لتنمو، حيث تتحمل ملوحة 100 مرة من التي يمكن أن تتحملها غيرها من النباتات.

يوجد نوعان من المانجروف في مصر هما الرمادي والأحمر، ولكنّ مساحتهما صغيرة وبعيدة جدًا عن المناطق الحضرية الكبيرة، كما تتواجد أشجار المانجروف فى سيناء بخليج العقبة بمنطقة نبق ورأس محمد، وفي أماكن متفرقة على طول ساحل البحر الأحمر في جزر داخل المياه ومنطقة مرسى علم والجونة بالقرب من الغردقة.

أشجار المانجروف تعتبربمثابة حجر الزاوية في النظام البيئي الساحلي، وتعمل الأشجار كفخٍ للرواسب والملوّثات التي تتدفق إلى البحر، كما تعمل كعائقٍ إضافيّ أمام الطمي والطين الذي قد يخنق الشعاب المرجانية، ويساعد في تفريخ الأسماك، حيث توفر أشجار المانجروف أرضًا خصبة للعديد من الأسماك؛ وتستخدم هذه الأسماك جذور المانجروف كملجأ عندما تكون صغيرة، ومن ثم تتحرك في البحار المفتوحة عندما تكون بالغة.

ويتم حاليا تنفيذ أعمال التوسع في زراعة غابات المانجروف على ساحل البحر الأحمر من أجل تعظيم إمكانيتها الاقتصادية والتخفيف من آثار التغيرات المناخية على منطقة البحر الأحمر، وتحويل المنطقة إلى أحد المقاصد السياحية بعد التعافي من تداعيات فيروس كورونا، لافتا إلى أنه يتم تنفيذه بتمويل من أكاديمية البحث العلمي وبالتعاون مع مركز بحوث الصحراء ومحافظة البحر الأحمر وكلية الزراعة جامعة جنوب الوادي بقنا، حيث يعد العسل أحد مخرجات مشروع إعادة التأهيل البيئي واستزراع غابات المانجروف.

فوائد أشجار المانجروف

تعددت الفوائد التي يمكن أن تسببها هذه الاشجار والتي زادت من مكانتها ومن أهمية أن يتم المحافظة عليها، وتتمثل فوائدها فيما يلي :

التنوع البيولوجي

تعتبر هذه الغابات موطنًا لمجموعة لا تصدق من الأنواع ، وأشجار المانجروف هي نقاط ساخنة للتنوع البيولوجي ، وذلك يعود إلى أنها توفر موائل التعشيش والتكاثر للأسماك والمحار والطيور المهاجرة والسلاحف البحرية ، كما يعتمد ما يقدر بنحو 80 ٪ من صيد الأسماك العالمي على غابات المانجروف إما بشكل مباشر أو غير مباشر ،  فبعض الغابات يوجد بها ما لا يقل عن 2 تمساح و 3 ذوات الصدفتين و 3 سلطعون وروبيان و 4 سلحفاة بحرية و 9 طيور و 12 نوعًا من البرمائيات ، بالإضافة إلى أنواع عديدة من الأسماك ، العديد من هذه الأنواع الحيوانية مهددة بالانقراض .

توفر سبل العيش

بالنسبة إلى المجتمعات الريفية التي يعمل بها العديد من الصيادين والمزارعين الذين يعتمدون على بيئتهم الطبيعية لإعالة أسرهم ، تعني النظم الإيكولوجية الصحية لأشجار المانجروف مصايد الأسماك الصحية التي يمكن الصيد منها ، والأراضي الصحية التي يمكن الزراعة عليها ، لهذا السبب فإنهم يحرصون على التواجد في هذه الغابات واستغلال جميع الموارد التي توجد بها .

توافر الماء

إن اشجار المانجروف  ضرورية لضمان الحفاظ على جودة المياه ،  بفضل شبكتها الكثيفة من الجذور والنباتات المحيطة بها ، فإنها تقوم بترشيح وحبس الرواسب والمعادن الثقيلة والملوثات الأخرى ، هذه القدرة على الاحتفاظ بالرواسب المتدفقة من أعلى مجرى النهر تمنع تلوث المجاري المائية في اتجاه مجرى النهر وتحمي الموائل الحساسة مثل الشعاب المرجانية وقيعان الأعشاب البحرية أدناه .

خط الدفاع للمجتمعات الساحلية

إن هذه الغابات تعتبر بمثابة خط الدفاع الأول للمجتمعات الساحلية ، حيث إنها تعمل على استقرار الشواطئ عن طريق إبطاء التعرية وتوفر حواجز طبيعية تحمي المجتمعات الساحلية من زيادة العواصف والفيضانات والأعاصير ، وبناء على ذلك فإن غابات المانجروف القوية هي حماية طبيعية للمجتمعات المعرضة لارتفاع مستوى سطح البحر والظواهر الجوية الأكثر كثافة وتكرارًا الناجمة عن تغير المناخ .

تخزين الكربون

أشجار المانجروف تحبس الكربون بمعدل مرتين إلى أربع مرات أكبر من الغابات الاستوائية الناضجة وتخزن ثلاثة إلى خمسة أضعاف الكربون لكل مساحة مكافئة مقارنة بالغابات الاستوائية مثل غابات الأمازون المطيرة ، وهذا يعني أن الحفاظ على أشجار المانجروف واستعادتها أمر ضروري لمكافحة تغير المناخ ، وارتفاع درجة حرارة المناخ العالمي الذي تغذيه زيادة انبعاثات الكربون ، والتي لها بالفعل آثار كارثية على المجتمعات في جميع أنحاء العالم ، كذلك تعتبر هذه الأشجار عرضة لتغير المناخ حيث يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى دفع النظم البيئية إلى الداخل .

خشب المانجروف

بالإضافة إلى استهلاك الأسماك والمحار من غابات المانغروف ، استخدمت المجتمعات تاريخياً خشب المانجروف ومستخلصات أخرى لأغراض البناء والأغراض الطبية ، حيث تظل إمكاناتهم كمصدر لمواد بيولوجية جديدة ، مثل المركبات المضادة للبكتيريا والجينات المقاومة للآفات ، غير مكتشفة إلى حد كبير .

تمثل أشجار المانجروف أقل من 0.4٪ من غابات العالم ، لكنها تختفي بمعدل أسرع بثلاث إلى خمس مرات من الغابات ككل وهذه تعتبر بمثابة مشكلة كبيرة ، حيث أننا لن نتمكن من الحصول على جميع المزايا التي تتوافر بها

التنمية المستدامة.

إن غابات المانجروف تفيد بقدر كبير في السياحة البيئية وصيد الأسماك وغيرها من الأنشطة الترفيهية المختلفة التي يمكن القيام بها في هذه الغابات ، ولكنها تتعرض إلى التلف في أماكن يحدث بها مشاريع سياحية ضخمة والتي تؤثر على مثل هذه الغابات ، أو أن يتم استغلال الموارد التي توجد بها بشكل غير ملائم فإنها تكون سبب في تعرض هذه الغابات إلى الضياع .

فوائد غابات المانجروف

إن أشجار  المانجروف تحمي الشواطئ من إتلاف الرياح العاصفة والأعاصير والأمواج والفيضانات ، والتي تساعد على منع التآكل عن طريق تثبيت الرواسب بأنظمة جذورها المتشابكة ، فهي تحافظ على جودة المياه ووضوحها ، وتقوم بترشيح الملوثات وحبس الرواسب التي تنشأ من الأرض .

كما تُعد أشجار المانجروف بمثابة مناطق حضانة قيّمة للجمبري والقشريات والرخويات والأسماك ، وهي عنصر حاسم في صناعات الصيد التجارية والترفيهية في فلوريدا ، حيث توفر هذه الموائل مصدرًا غنيًا للطعام بينما توفر أيضًا ملاذًا من الافتراس ، والمميز أنها تدعم الأنواع المهددة بالانقراض والتي تتمثل في سلحفاة البحر الخضراء ، والسلحفاة البحرية ضخمة الرأس ، و سلحفاة البحر منقار الصقر والثعبان النيلي الشرقي ، والنسر الأصلع الجنوبي ، و صقر الشاهين ، و البجع البيض ، و خروف البحر ، و سلحفاة ريدلي البحرية الأطلسية  وغيرها من الأنواع المختلفة التي تتخذ من غابات المانجروف بيئة مناسبة لها على الرغم من أنها مهددة بالانقراض.

كيف تتكيف اشجار المانجروف مع بيئتها

أشجارالمانجروف لها القدرة على التكيف أوراقها وجذورها وطرق تكاثرها جسديًا من أجل البقاء في بيئة قاسية وديناميكية من تربة منخفضة الأكسجين وملوحة متفاوتة ، والعديد من أنواع المنغروف ، مثل غراي مانجروف ونهر مانجروف لها أوراق مع غدد تفرز الملح ، كما يمكن أن تقيد أشجار المانغروف أيضًا فتح ثغورها وهي عبارة عن مسام صغيرة يتم من خلالها تبادل ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء أثناء عملية التمثيل الضوئي ، وهذا يسمح لأشجار المانجروف بالحفاظ على مياهها العذبة ، وهي قدرة حيوية لبقائها في بيئة مالحة ، يمكن لأشجار المانغروف أن تقلب أوراقها لتقليل مساحة سطح الورقة المعرضة لأشعة الشمس الحارقة ، وهذا يمكنهم من تقليل فقد الماء من خلال التبخر .

بالنسبة إلى جذورها المكشوفة البعيدة المدى ، بينما تأتي هذه الجذور بأشكال وأحجام مختلفة ، فإنها تؤدي جميعها وظيفة مهمة الدعم الهيكلي في التربة الرخوة.

أهمية أشجار المانجروف للنظام البيئي

ترجع أهمية أشجار المانجروف للنظام البيئي، باعتبارها بيوتا للعديد من الكائنات والحيوانات المائية والبرية النادرة والمهددة بالانقراض وتتمثل في الأتى:

– أشجار “المانجروف” لديها القدرة على العيش في المياه المالحة، على الرغم من أنها لا تحتاج إلى الملح لتنمو.

– تتخذ شكل الأشجار أو الشجيرات أو النخيل سواء في البحر أو البر.

– يوجد لها نحو 70 نوعًا نباتيًا مختلفا في العالم، وأبرزها الجندل والقرم.

– بعضها ينمو في التربة الطينية، وأخرى تنمو على الرمال والصخور المرجانية.

– تتحمل العيش في مياه أكثر ملوحة بـ100 مرة، عن التي تستطيع معظم النباتات الأخرى العيش بها.

– تستطيع تخزين المياه العذبة بأوراق عُصارية كثيفة مثل النباتات الصحراوية.

– تتنفس من خلال جذور تشبه القلم الرصاص تخرج من باطن الأرض الرطبة، تعمل مثل أنابيب التنفس الخاصة بالغطس، كما تواجه الفيضانات اليومية من المد والجزر من هذه الجذور.

– لها أهمية بيئية، حيث إنها تعمل كفخ للرواسب والملوّثات التي تتدفق إلى البحر، وتعمل كعائق إضافي أمام الطمي والطين الذي قد يخنق الشعاب المرجانية.

– تتواجد في سيناء بخليج العقبة في منطقة نبق ورأس محمد، كما تتواجد في أماكن متفرقة على طول ساحل البحر الأحمر في جزر داخل المياه ومنطقة مرسى علم والجونة بالقرب من الغردقة.

– تلعب دورا هاما في الحفاظ على النظم الإيدولوجية والأوضاع البيئية ومواجهة مخاطر التغيرات المناخية.

بقلم: ا.د/ عاطف محمد كامل أحمد مؤسس كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان استاذ – عضو اللجنة العلمية لإتفاقية سايتس- وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير التغيرات المناخية بوزارة البيئة- الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى