آراء

د.فتحي حسين يكتب: انتخابات رئاسة الجمهورية والمشاركة الشعبية

 

مما لا شك فيه ان المشاركة في الانتخابات بصفة عامة سواء كانت رئاسية او نيابية او محلية تعتبر من اهم واعظم الحقوق الدستورية للمواطن في كافة دول العالم وليس في مصر فحسب , لما لها من تأثير في صنع حاضر ومستقبل بلاده تحت قيادة قوية وحكيمة تقود البلاد الي الاستقرار والتقدم والرخاء . و اهمية المشاركة الانتخابية تكمن في شعور الناخب بمدى قيمة وتأثير صوته الانتخابي في العملية الانتخابية وسط جو عام من الديمقراطية والحرص علي نجاح العملية الديمقراطية واحترام حق الافراد في اختيار من يمثلهم وليس مجرد الشعور بان صوته الانتخابي مجرد تحصيل حاصل ! وكلما كان لصوت الناخب في اي دولة في العملية الانتخابية تأثير قويا , كما نري في الدول المتقدمة والاكثر ديموقراطية , كلما أكد هذا التأثير علي أن الصورة الديمقراطية سليمة وصحيحة لهذا البلد وانهم علي الدرب السليم سائرون !

لقد إعتادت الأوطان التي تعمل على ترسيخ مبادىء الديمقراطية أن تحرص على نزاهة وعدالة العملية الانتخابية، لضمان تعزيز الديمقراطية النابعة من إختيار الشعب لرئيسه ولنوابه وممثليه، وأن الصوت الانتخابي يستطيع أن يقلب الموازين السياسية إذا نظمت الانتخابات وفقاً للشروط القانونية والدستورية التي يحددها القانون والدستور، ولذلك فعدم المشاركة الانتخابية في بعض البلدان يعكس عدم ثقة الشعب في النظام، وفي التزام النواب تجاهه بطبيعة الحال .

كما أن المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة في مصر من قبل جميع فئات المجتمع تعد واجب وطني وإستحقاق دستوري اصيل بالدرجة الاولي وتأكيدعلى الإلتزام بالنهج الديمقراطي والحرص على اتاحة المجال للمشاركة الشعبية في صنع القرار.

الرئيس عبد الفتاح السيسي دعا المصريين للمشاركة فى المشهد الديمقراطى ليختاروا بضميرهم المتجرد من يصلح لتولي منصب الرئيس .وقال فى ختام اليوم الثالث والأخير لمؤتمر «حكاية وطن» الذى انعقد فى العاصمة الإدارية، وقدم خلاله العديد من الوزراء كشف حساب لما حققته وزاراتهم فى الفترة من ٢٠١٤ وحتى الآن: «يشرفنى جدا أن نسب المشاركة من كل المصريين اللى ليهم حق الانتخاب إنهم ينزلوا حتى لو لم يختارونى، الناس كلها تشجع بعضها وتنزل، واختاروا ما شئتم، اللى بيختار ربنا واللى بيؤمر بيه هيكون وأنا والله راضى». وحازت كلمته بتصفيق حار وطمأنينة كبير لاهمية المشاركة في هذه الانتخابات حتي ولو كان التصويت لمرشح اخر غيره !

وكما أن للمشاركة الإنتخابية أهمية كبرى في تعزيز الديمقراطية، والنهوض بالأوطان، فإن وجود نهج ديمقراطي وسعي والتزام بالنهوض بالأوطان في كافة الميادين يعمل أيضا على رفع نسبة المشاركة الانتخابية لإدراك الناخب بأهمية صوته في تغيير مصير الشعب، ووضع الوطن في الإتجاه الصحيح , خاصة ان هناك 65 مليون ناخب لهم حق التصويت والانتخاب .ولنتذكر معا نتيجة الانتخابات الرئاسية الماضية عام 2018 والتي فاز فيها الرئيس السيسي بنسبة كبيرة تتعدي ال 97% من اصوات المشاركين في هذه الانتخابات بينما المصوتين والمشاركين فيها بلغ 24 مليون و254 ألف فقط ، بنسبة إقبال بلغت 41 %، من إجمالي عدد الناخبين المقيدين في الكشوف الانتخابية والذي يصل إلى 59 مليون و78 ألف, بالرغم من ان هذه الانتخابات شهدت أكبر نسبة من الأصوات الباطلة في أي انتخابات شهدتها البلاد بمجموع مليون و762 ألف صوتا وبنسبة تتجاوز 7 % من إجمالي أصوات الحضور.فيما حصل منافس السيسي انذاك موسى مصطفى موسى رئيس حزب الغد على 656 ألف صوت بنسبة 2.9 بالمئة من الأصوات الصحيحة.

كما إن الانتخاب يعد أحد مظاهر المشاركة السياسية في النظم الديمقراطية إلا أنه كفعل لا يكفي وحده لتحقيق الديمقراطية، والتي يتطلب الوصول إليها تحقيق مصفوفة من الشروط المؤسساتية والقانونية والثقافية والسياسية في الكثير من النظم التي يتمتع أفرادها بحق الانتخاب, ففي بعض البلاد نجد مثلا تركيا فيها اعلي نسبة مشاركة انتخابية بين دول العالم فقد ذكرت بعض التقارير أن تعداد الناخبين بلغ 64,190,651 ناخبا، منهم 60.9 مليون في تركيا و3.2 مليون في الخارج, اي ان نسبة المشاركة في الانتخابات التركية الي 90% , بنتيجة هذه الانتخابات، تم التجديد للرئيس الحالي رجب طيب أردوغان لولاية جديدة مدتها خمس سنوات حتى العام 2028. هذه الولاية هي الثانية له وفق الدستور الجديد للبلاد الذي غير نظام الحكم من جمهورية برلمانية إلى جمهورية رئاسية.. ومصر ليست اقل من تركيا بل تفوقها في كثير من المجالات .

واعتقد ان المشاركة الإنتخابية ضرورية حتي نشعر بان هناك دولة حقيقية ديمقراطية جديدة يراها العالم بشكل مختلف وفيها اكبر نسبة مشاركة بين فئات المجتمع وهذا ما دعا اليه الرئيس السيسي في كلمته في ختام المؤتمر سابق الذكر :” أدعو المصريين دعوة صادقة أن يجعلوا من الانتخابات الرئاسية بداية حقيقية لحياة سياسية مفعمة بالحيوية، تشهد تعددية وتنوعا واختلافا دون تجاوز أو تجريح، وكمواطن مصرى ــ قبل أن أكون رئيسا ــ كانت سعادتى بالغة بهذا التنوع فى المرشحين، الذين بادروا لتولى المسئولية، ولهم جميعا منى كل التقدير والاحترام، فالاختلاف سنة الله فى خلقه، وحقيقة لا يمكن إنكارها والتنوع هو ثراء حقيقى يدلل على خصوبة أمتنا وقدرتها على البقاء”.

والمشاركة الانتخابية الشعبية تعني أن المواطنين يدركون أهمية دورهم والتزامهم تجاه العملية الانتخابية، وواجبهم وحقهم في الوقت نفسه التعبير واختيار من يرأسهم او يتولي زمام القيادة لبلادهم خلال الفترة الرئاسية المقبلة وأنهم يعرفون كيف يختارون المترشح صاحب البرنامج الانتخابي الأجدى له، ويحدد أولوياته وفقا لطموحاته ورؤيته الخاصة، خصوصا وأن المشاركة الانتخابية تعني شعور الناخب والمترشح بالمسئولية تجاه الأفراد وتجاه المجتمع، وتجاه الوطن كله. الا يستحق الوطن الغالي مصر ان نقف ونشارك في صنع المستقبل واستكمال الحلم الذي بدأناه منذ سنوات باختيار رئيس يعبر عن طموحات الشعب واماله في السنوات المقبله وما تحمله من تحديات وامال مقبله بإذن الله . وفي هذا الاطار قوله عز وجل في الاية 26 من سورة اّل عمران : ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ صدق الله العظيم .

زر الذهاب إلى الأعلى