الشيخ محمود امين راجح يكتب : سعد بطل القادسية وفاتح المدائن
حديثا اليوم عن الرجل الثامن من العشرة المبشرين بالجنه انه احد الثمانيه الذين سبقوا الى الاسلام واحد الخمسه الذين اسلموا على يد الصديق رضى الله عنه انه احد السته اصحاب الشورى الذين اختارهم الفاروق حين طعن ليكون منهم الخليفه انه صاحب الدعوه المستجابه انه احد البدريين الذين شهدو بدرا واحدا وجميع المشاهد وانه رضوانى ممن شهد بيعة الرضوان اننا الليله على موعد مع واحد من اصحاب اللهمم العاليه التى فاقت البحار وعلت الجبال وسمت فوق السحاب انه بطل الابطال انه سيد الرجال انه الفاتح العملاق انه العابد التقى الورع النقى انه خال رسول الله صل الله عليه وسلم انه بطل القادسية وفاتح المدائن انه اول من رمى بسهم فى الاسلام انه الرجل الذى فداه رسول الله بابيه وامه وقال ارمى فداك ابى وامى انه صاحب الهجرتين المصلى للقبلتين انه الرجل الذى امسك بتاج كسرى كأول عربى مسلم فيرسله الى المدينه غير منقوص الى خليفة المسلمين انه القائد الذى حطم اسطورة الفرس بكتائب الاخلاص.
انه سعد بن ابى وقاص رضى الله عنه وارضاه وبعد هذه المقدمه المختصره عن بطلنا فمن يكون .. نسبه ..وصفته ونعته ..واسلامه ..
فاما اسمه فهو سعد بن مالك بن أهيب بن عبدمناف بن زهره بن كلاب بن مره بن كعب بن لؤى القرشى الزهرى فهو من بنى زهره اخوال رسول الله صل الله عليه وسلم فأم رسول الله صل الله عليه وسلم امنه بنت وهب بن عبدمناف بن زهره وهى ابنة عم والد بطلنا فابوه مالك بن أهيب بن عبد مناف فبطلنا من بنى زهره اخوال رسول صل الله عليه وسلم وكان رسول الله يعتز بهذه الخؤوله ايما اعتزاز لذلك كان يفتخر به ويقول للصحابه (هذا خالى فليرن امرؤ خاله ) وبطن بنى زهره ايضا منهم عبدالرحمن بن عوف والذى تحدثنا عنه فى اللقاء السابق فهذا البطن العظيم انجب بطلين عظيمين من العشره الكبار المبشرين بالجنه ويلتقى مع رسول الله فى كلاب بن مره ..فهذه لمحة عن نسبه
اما صفته الخلقيه فتصفه لنا ابنته عائشه بنت سعد فتقول ان ابى كان رجل قصير دحداحا اى بدين غليظ اليدين ذو هامة ضخمة اى عظيم الرأس شسن الاصابع اى قصير الاصابع سمينها كثيف الشعر فهو رجل قصير قوى الجسم قوى البنيه فكان يبارز ويصارع ولايعرف الهزيمه وكان بارعا فى كل فنون القتال وكان من اعظم الرماه لدعاء رسول الله له حين قال اللهم سدد رميته واجب دعوته فكان رامى بل من اشهر الرماة فى جيل الصحابه والعرب قاطبه …
اما اسلامه فقد اسلم مبكرا وكان لم يتجاوز السابعه عشر من عمره وهذا درس لشبابنا فهؤلاء هم قدوتنا وهؤلاء هم أأمتنا وكان اسلامه على يد الصديق هذا الرجل المبارك رضى الله عنه وعن سعد فبطلنا احد العمالقه الخمسه الذين اسلمو فى الايام الاولى وكان بطلنا ترتيبه الثالث من الرجال الاحرار بخلاف الفتى على والزوجه خديجه والمولى زيد بن حارثه اما الرجال الاحرار فالاول الصديق والثانى اما طلحة اوالزبير والثالث بطلنا سعد بن ابى وقاص فقد ورد فى الصحيحين عن سعد يقول عن نفسه ما اسلم احد فى اليوم الذى اسلمت فيه ولقد مكثت سبعة ايام وانى لثلث الاسلام وفى لفظ وانى لثالث الاسلام )
وهنا تعليق جميل لابن حجر العسقلانى على هذا الحديث فيقول قال سعد ذلك بحسب اطلاعه على من اسلم فى هذا الوقت لان البعض كان يسلم ويخفى اسلامه فربما يكون قد سبقه رجل او اثنين وهو لايعلم رضى الله عنه وعلى اقل تقدير انه من العشره الاوائل الذين نطقوا بلفظ التوحيد فى جزيرة العرب.. وحين اسلم اخفى اسلامه ولكن مكه كان لايخفى فيها سر فسرعان ماعلمت امه بأسلامه يقول سعد وما ان علمت امى بأسلامى حتى ثارت ثائرتها وكنت فتى بارا بها محبا لها فاقبلت على تقول ياسعد ما هذا الذى اعتنقته فصرفك عن دين امك وابيك والله لتدعن دينك الجديد او لاأكل ولااشرب حتى اموت فيتفطر فؤادك حزنا على ويأكلك الندم على فعلتك التى فعلت وتعيرك الناس بها ابد الدهر فقلت لاتفعلى يااماه فأنا لا ادع دينى لأى شئ لكنها مضت فى وعيدها فاجتنبت الطعام والشراب ومكثت اياما على ذلك لاتاكل ولاتشرب فهزل جسمها ووهن عظمها وخارت قواها فجعلت آتيها ساعة بعد ساعه اسألها ان تتبلغ بشئ من طعام او قليل من شراب فتأبى ذلك اشد الاباء وتقسم ألا تأكل ولاتشرب حتى تموت او ادع دينى
فهذا من اصعب المواقف التى يتعرض اليها بشر انه فتى يرى امه تذوب وتتحطم امامه فقد تعرض الفتى المؤمن لتجربه من اقسى التجارب قسوة واعنفها عنفا فحين وصلت الى مرحلة الهلاك واشرفت على الموت اخذه بعض اهله الى امه ليلقى عليها نظرة الوداع الاخيره مؤملين ان يرق قلبه حين يراها وهى فى سكرات الموت فذهب سعد ورأى مشهد امه وهى تموت ببطء وانتظر الناس ان يستجيب لامرها لعلمهم بحبه العظيم لامه ولكن لايعرفون قوة الايمان حين تتغلغل فى القلوب وتتمكن من النفوس فتحولها الى قوة تفوق الجبال الراسيات ثباتا وعزما فيقترب منها وهى تئن فقال لها والله يااماه لوكانت لكى مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت دينى هذا لشىء.
فلما رات الجد منه ورات قوة هذا الايمان العميق من ولدها عدلت عن صومها فخلد رب العالمين هذا الموقف فى كتابه الكريم قصة هذا الشاب الذى لم يتجاوز العشرين من عمره بقرأن يتلى فى المحاريب الى قيام الساعه..
(وان جاهداك على ان تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما فى الدنيا معروفا واتبع سبيل من اناب الي ثم الي مرجعكم فانبئكم بما كنتم تعملون ) ..
انه اعظم تكريم يناله بشر على وجه الارض هو ان يخلد رب العالمين موقفه وثباته وقوة ايمانه انه سعد وانه رجل لا كالرجال…
ولبطلنا مناقب كثيرة وجليلة وعظيمه اختم لقاء اليوم بمنقبه واحده فقد روى ان النبى صل الله عليه وسلم كان جالسا بين نفر من اصحابه فرنا ببصره الى الافق فى اصغاء كأنه يتلقى همسا وسرا ثم نظر فى وجوه اصحابه وقال يطلع عليكم لان رجلا من اهل الجنه فأخذ الصحابه يتلفتون واشرأبت الاعناق لترى من هذا السعيد الذى سيطلع عليهم لان فاذا بسعد بن ابى وقاص يخرج عليهم تقطر لحيته ماء من اثر الوضوء ويحمل نعليه تحت ابطه)فهذه بشاره عظيمه لبطلنا انه من اهل الجنه وهو مازال يدب على بقدميه على وجه الارض .