سحر الزارعي تكتب : كيف نقرأ التاريخ ؟
لكل اتجاه ثقافي وفني أسلوب معين في تناول الحضارات القديمة وتقييمها وتصنيفها ومنحها علامة تتناسب مع المعايير المستخدمة في التناول. منذ بدايات استيقاظ حواسي الثقافية وأنا ألاحظ الفروقات الكبيرة والجوهرية بين هؤلاء وهؤلاء والآخرين المختلفين معهم في محاسبة التاريخ ووضع أصابع الاتهام هنا وإشارات التعجّب هناك والكثير من المديح حسب الرغبة.
العديد من المدارس الفكرية تعتمد سياسة الإقصاء الكلي لحقب زمنية وحضارات عريقة لأسباب يختلف المؤرخون في حجمها وتأثيرها. السبب الرئيسي لهذه السياسة يكمن في وضع العدسة المكبّرة على أخطاء وقع فيها بعض المنتمين لهذه الحضارة أو تلك وبالتأكيد ليس الكل ! .
ولا يدركون أن الإقصاء الذي ينتهجونه يخلق طبقاتٍ من التعتيم والظلامية المتزايدة جيلاً بعد جيل على هذه الحقبة الزمنية وأهلها ! ويغبنهم في كثير من المميزات والإنجازات والاكتشافات المضيئة التي إن أمعنّا النظر فيها نجد فيها العديد من الفوائد المعرفية.
من الأجواء الصحية المريحة التي ألمسها في القاهرة والاسكندرية وعموم المناطق المصرية التي تعجّ بمتاحف الفنون والحضارات التي تختزن آلاف السنين من تاريخ الإبداع البشري وروائع الفكر والأدب والنحت والعلوم والإضاءات اللامعة، التناول المنصف لكل المارين بتاريخ البشرية ممّن تركوا آثاراً خالدة تعمل على تحريض الفكر والعقل وتشغيل الذهن لفهمها!
لستُ مع إقصاء أي جزء من التاريخ قد يحوي نفائس من الميراث البشري غير القابل للتثمين.
- كاتبة ومستشارة في مجالات الفنون والثقافة وأثرهما على الحضارة والمجتمعات