آراءفنون

لست عاهرة

بقلم….. منى ياسين

في حصة التربية الدينية طلبت المعلمة من كل فتاة داخل الفصل أن تقرأ آيات من السورة القرآنية المقررة عليهم.. حينما جاء الدور على (جنى) اعتبرتها هواء وطلبت من التلميذة التي تجلس جوارها القراءة دون الالتفات إليها.. سألتها إحدى الطالبات التي تجلس في المقعد الأول المقابل لمنضدة المعلمة ” لماذا لا تقرأ (جنى)؟ ” أجابت “لأنها سافرة، متبرجة” “ماذا تعني هذه الكلمات؟” نظرت تجاه (جنى) بتحد قائلة: هي تعلم ماذا أقصد.

(جنى) الطالبة الوحيدة في المدرسة الثانوية بنات التي لا تغطي رأسها، فالحجاب أصبح كزي مُتعارف عليه في المدرسة بعد أن كان إجباريا في المرحلة الإعدادية.. هي لا تجد مبررا لارتدائه طالما لم يعد مُلزما كزي دراسي للمدرسة وترى نفسها صغيرة على ارتدائه فهي لم تصل في عمر أمها وخالاتها بعد، إذن لماذا ترتديه؟

هي دوما تشعر بالاضطهاد وخاصة من مُدرسة التربية الإسلامية ولاتعلم السبب، وحينما نعتتها بالسافرة وأنها قطعا تعلم مقصد المعلمة، لم تعلق بشيء سوى بابتسامة بلهاء، فهي حقا لاتعلم ما مقصد المُعلمة.

سألت أمها عن هذا المعنى دون أن تسرد الواقعة فأخبرتها بأن المقصود به “مكشوفة الوجه وهو كناية عن عديمة الحياء”. تشعر جنى بالصدمة، لماذا تنعتها المعلمة بهذه الصفة البشعة وهي بريئة منها.. فهي دوما تشعر بالحياء وليست بالجريئة في أي شيء مهما كان.. ففي الوقت الذي تخرج فيه زميلاتها اللاتي يغطون رأسهم مع شباب في نفس المرحلة العمرية أو أكبر قليلا سواء بعد اليوم الدراسي أو بدلا من حصص الدروس الخصوصية هي لا تحادث أحد قط ولا حتى بتبادل التحية.

هي لا تمزح مع المُدرسين الشباب مثلا كما تفعل بعض زميلاتها وتتعجب من أن يصل المزاح لمد اليد والمصافحة بالكف! فهذا بالنسبة لها من الكبائر.

نعم تنورتها قصيرة مقارنة بتنانير زميلاتها ولكن ماعلاقة ماترتديه من ملابس تراها أنيقة، بأخلاقها التي لم يتعامل معها أحد قط ورأى منها سوءا.

“حين يأذن الله لي بالهداية لن يمنعني أحد، لا أخجل من كوني لا أقيم الصلاة وهي أولى بالأداء، أفأخجل من عدم تغطية رأسي! لماذا؟ ومن أجل من؟.. الله أحق بترضيته من عباده الذين ينصبون أنفسهم وعاظا، لا شأن لأحد بما أرتدي فأنا لا أتدخل فيما يرتدون مهما بدى في عيني باليا، أو لا يمت للذوق بصلة”

عزمت جنى أن تترك ورقة لمُعلمتها في كشكول التحضير الخاص بها، ولن توقع باسمها فهي حتما ستعلم من المرسل

(إذا لم يكن النعت بالعهر من قذف المحصنات فماهو إذاً؟)

استقبلت المعلمة الرسالة بغضب ونظرت لـ جنى بتحد ثم كظمت غيظها وتجاهلت الموقف وكتبت على السبورة “تسميع”.

زر الذهاب إلى الأعلى