أهم الأخبارالدولةالعمالعرب و عالم

الدكتورة ربا جرادات، المدير الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية في حوار مع “العمال”

حاورت “العمال” الدكتورة ربا جرادات، المدير الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية حول كل مايخص العمل والعمال والحماية الاجتماعية والتدريب وادماج المرأة في سوق العمل بشكل أكبر واعمق والدخول الي عالم الرقمنة وجاءت الأسئة كالتالي…….

1_هناك ٢٣ مليون شاب في المنطقة العربية خارج دائرة العمالة والتعليم والتدريب كما ذكرتم .. ما المطلوب من وجهة نظرك لدخولهم الي تلك العوالم؟

تمثل الأعداد الكبيرة من الشباب غير المنخرطين في العمل أو التعليم أو التدريب تحديًا خطيرًا لواضعي السياسات في المنطقة العربية. هؤلاء الشباب لا يعملون وبالتالي لا يكتسبون خبرة في سوق العمل ولا يحصلون على دخل من العمل، وهم في الوقت نفسه لا يحسنون فرصهم المستقبلية لكسب العمل من خلال تعزيز تعليمهم ومهاراتهم.

 

المطلوب استراتيجية متكاملة لدعم هؤلاء الشباب وزيادة قدرتهم إما على العمل أو تطوير مهاراتهم وقدراتهم. ستحتاج هذه الاستراتيجية أولاً وقبل كل شيء إلى تحديد خصائص المجموعات المختلفة من الشباب غير المنخرطين في العمل أو التعليم أو التدريب، بهدف ابتكار تدابير سياساتية قادرة على تلبية احتياجات هذه المجموعات غير المتجانسة. كذلك فإن سياسات تعزيز الالتحاق والبقاء في التعليم هي أيضا حاسمة ومكون رئيسي في هكذا استراتيجية. من الضروري أيضًا وضع تدخلات تستهدف الشباب ووضع سياسات نشطة لسوق العمل لتسهيل الانتقال من المدرسة إلى العمل وتلبية احتياجات المجموعات المختلفة من هؤلاء الشباب. وتشمل هذه تدخلات وسياسات تتعلق بدعم ريادة الأعمال، والأشغال العامة، وإعانات الأجور، ومبادرات التدريب على المهارات، والمساعدة في البحث عن عمل.

 

إزالة العقبات التي تحول دون مشاركة الشابات في سوق العمل هي أيضا مصدر قلق رئيسي لواضعي السياسات في المنطقة العربية. وهذا يتطلب زيادة الوعي في المجتمع وكذلك توفير تدابير الدعم لتمكين الشابات وخاصة ذوات المسؤوليات الأسرية من الالتحاق بالتعليم أو الانضمام إلى سوق العمل.

وبشكل عام، فإنه من الضروري اتباع نهج شامل لدعم اندماج الشباب العربي في نظام التعليم وسوق العمل.

 

 

2. ما هي أشكال الحماية الاجتماعية وهل هي بالفعل متوفرة بالمنطقة العربية بصورة عادلة؟

 

في منطقة العربية، يستفيد 39.5 في المئة من السكان من فرع واحد على الأقل من الضمان الاجتماعي وهو أقل بكثير من المتوسط ​​العالمي (46.9 في المائة). أما إذا ما نظرنا بشكل معمق سنلاحظ بعض الاختلافات في التغطية بين الدول في المشرق العربي ودول المغرب العربي ، فنجد أنه في دول مجلس التعاون الخليجي يتمتع 61.4 في المائة من السكان ببعض أشكال الحماية الاجتماعية، مقارنة بـ 23.3 في المائة فقط في دول المشرق الأخرى و 33.8 في المائة من السكان في بلدان شمال أفريقيا. وتتميز المنطقة بأنظمة تأمين اجتماعي مجزأة وإقصائية تعتمد على القطاع العام والتأمين الاجتماعي للعمالة المنظمة، إلى جانب ضعف الاستثمار في نظام مجزأ غير قائم على الاشتراكات.

تعاني النساء والشباب والعمال الأجانب، بمن فيهم اللاجئين، من أكبر الفجوات في تغطية الحماية الاجتماعية، ما يرجع بشكل أساسي إلى انخفاض المشاركة في القوى العاملة، والبطالة، والعمالة غير الرسمية.

بالنسبة للنساء، وخاصة الشابات، فهن أكثر عرضة من الرجال للخروج من القوى العاملة وأن يكن عاطلات عن العمل، وبالتالي يظلن خارج نطاق الحماية الاجتماعية، كما من المرجح أن تكون النساء العاملات في القطاع الخاص يعملن وفقا لترتيبات عمل لا توفر لهن التغطية القانونية ولا الامتثال للتأمين الاجتماعي مثل العمل الحر والعمل من المنزل، العمل بدوام جزئي والأعمال التجارية الصغيرة.

أما بالنسبة للعمال الأجانب ومقارنة بالمواطنين، فإنهم يواجهون تحديات إضافية في الوصول إلى حقوقهم في الحماية الاجتماعية. وهذه التحديات تشمل الحواجز القانونية التي تنبع من الإطار القانوني لبلدان المنشأ أو المقصد، فضلاً عن العوائق العملية التي تعرقل التمتع الفعلي بحقوقهم.

 

3. ماهي أهم قضايا العمل والعمال التي تحتاج حلول سريعة وعاجلة؟

يتغير عالم العمل بوتيرة سريعة للغاية. وتشكل البطالة وبالأخص تراجع نسبة الوظائف في قطاع الصناعة، وتنامي العمل في الاقتصاد غير الرسمي، وتوسع علاقات العمل اللانمطية، بالإضافة إلى ضعف أنظمة الحماية الاجتماعية ومحدودية برامج التعليم والتدريب المهني من أهم القضايا التي تحتاج إلى تدخلات وحلول سريعة. كما ويساهم ضعف إنفاذ قوانين العمل وعدم مؤامتها مع معايير العمل الدولية وبالأخص غياب الحوار الاجتماعي الثلاثي المبني على احترام المبادئ والحقوق الأساسية في العمل سلباً في قدرة صانعي السياسات على انتاج حلول اقتصادية واجتماعية أكثر توازناً وعدالة. وتعتبر منظمة العمل الدولية أن الحوار الاجتماعي الثلاثي القائم على أسس معايير العمل الدولية شرطاً مهماً يساعد على تعزيز الاستقرار الاجتماعي وذلك عبر تمكين منظمات العمال من المساهمة في انتاج قوانين عمل وسياسات اقتصادية واجتماعية محورها الانسان، وهي وحدها القادرة على محاربة الفقر، والقضاء على التمييز في الاستخدام والمهنة، وإنهاء عمل الاطفال والعمل الجبري. وبالتالي تعتبر المنظمة أن تطوير تشريعات العمل وتعزيز الحقوق والحريات النقابية، ومأسسة الحوار الاجتماعي في المنطقة العربية من التحديات التي تتطلب حلولاً عاجلة.

4. هل تم ادماج المرأة في سوق العمل بشكل كافي؟

هناك بعض التحسن في مشاركة المرأة في القوى العاملة في المنطقة العربية، إذ نرى زيادة في عدد النساء المشاركات في سوق العمل في بعض البلدان مثل المملكة العربية السعودية، وكذلك نرى انخراط النساء في قطاعات متنوعة أكثر كما هو الحال في الأردن. بذلت بعض البلدان الجهود لتعزيز مشاركة المرأة والاحتفاظ بها في سوق العمل، مثل إجراء تعديلات على قانون العمل لتعزيز المساواة في الأجور في الإمارات العربية المتحدة، أو توفير رعاية الأطفال في الأردن.

إلا أن هذه التغييرات تبقى محدودة من حيث العدد، ولا تزال المرأة تواجه حواجز تحول دون انخراطها في القوى العاملة والبقاء فيها. هذه الحواجز موثقة جيدًا، وتشمل المعايير الثقافية التي تحمل النساء مسؤولية العناية بالمنزل أو تدفعها للعمل فقط في قطاعات معينة تعتبر “مناسبة”، وتشمل كذلك عدم توفر رعاية أطفال عالية الجودة وبأسعار معقولة، وعدم توفر وسائل النقل.

في بعض الحالات، يحول الوضع الاقتصادي في البلد دون خلق فرص عمل كافية، والفرص القليلة المتوفرة لا تلبي طموحات ومهارات النساء أو تكون أجورها منخفضة، وبالتالي فإن تكلفة الانضمام إلى القوى العاملة مرتفعة للغاية. تعمل منظمة العمل الدولية على كل هذه الجبهات. ما لم تكن الوظائف وظائف لائقة، وتوفر الأجور العادلة والمتساوية مع أجور الرجل، وتعزز الحق في التنظيم والمفاوضة الجماعية، وتوفر السلامة والأمن – فسيظل التقدم نحو إدراج المرأة في سوق العمل بشكل كاف في منطقتنا بطيئًا.

 

5. التحول الرقمي أصبح واقع لا يمكن اغفاله..هل سيساهم في تخفيض نسبة البطالة ام يتسبب في ارتفاعها؟

يتحدى التحول الرقمي فهمنا التقليدي للعمالة وطريقة تقديرها، ويحول أنماط العمل ويدمر بعض الوظائف ويخلق وظائف أخرى ويغير طبيعة المهام التي يتم تنفيذها. كذلك تتطور المواصفات الوظيفية بسرعة وتتغير طريقة عملنا. التحول الرقمي في حد ذاته لن يقلل من معدلات البطالة، بل يعتمد مدى مساهمته في تقليل معدلات البطالة على العديد من العوامل بما في ذلك السياسات التي تعتمدها البلدان والهياكل المؤسسية التي تنشئها والاستثمارات العامة الذي تقوم بها، ومناخ الأعمال الذي تطوره، وكيفية تنظيم أسواق العمل لضمان الإدماج وظروف العمل اللائق.

رقمنة سوق العمل تتطلب استثمارات كبيرة في التكنولوجيا – بما في ذلك في البنى التحتية التكنولوجية، وفي إمكانية وصول السكان إليها – وفي سد الفجوة الرقمية، ووضع تدابير لضمان عدم ترك الفئات الضعيفة خلف الركب. وتتطلب أيضا تغيير النموذج الذي يعالج هذه الأمور من خلال إظهار أن السياسات هي مهمة وأن السياسات والمؤسسات تتماشى مع الاقتصاد الرقمي. تشمل مجالات الاهتمام: سياسة المنافسة والأنظمة التنظيمية، والنظام الإيكولوجي للابتكار، والبنية التحتية الرقمية، وتنمية القوى العاملة، وأطر الحماية الاجتماعية، والسياسات الضريبية. كما ستحتاج مؤسسات التعليم والتدريب أن تتكيف مع هذه الحقائق الجديدة.

وفي هذا السياق، يكتسب إعلان مئوية منظمة العمل الدولية من أجل مستقبل العمل والذي اعتمده مؤتمر العمل الدولي عام 2019 أهمية كبيرة، إذ يوفر أساسا قويا لبناء نهج شامل محوره الإنسان لمستقبل العمل.

زر الذهاب إلى الأعلى