آراء

شعبان شحاته رئيس القلم الشرعي بالعدوة يكتب : صلاحية القضاة وظلم الناس

مبدأ صلاحية القضاة وكفاءتهم وعدم الغضب وعدم ظلـم النـاس والسـماع للخصوم بسعة الصدر .. الاشعري رضي الله عنه قال “واياك والغلق والضجـر قال عمر بن الخطاب في رسالته لابي موسى والتأذى بالناس والتنكر للخصم في مجالس القضاء التي يوجب الله فيها الاجـر ويحسـن فيـا الذخر” وعن عائشةرضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ليأتين على القـاضي العدل يوم القيامة يتمنى أنه لم يقضى بين اثنين في عمرة رواه احمد في مسنده.

وعن بريدة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. “القضـاة ثلاثة، اثنان في النار وواحد في الجنة رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة ورجل عرف
الحق فلم يقضي به وجار في الحكم فهو في النار ورجل لم يعرف الحق فقضى للنـاس علـى جهل فهو في النار “وينبغي أن يكون القاضي شديدا في غير عنف لينا في غير ضعف فكل من هو اعـرف واقدر واوجه واهيب واصبر على ما يصيبه من الناس كان اولي

وعن ابي بكرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عيه وسـلم يقـول “لايحكم أحد بين اثنين وهو غضبان” متفق عليه وذكر في الروض المربع : ويحـرم القضاء وهو غضبان كثيرا لا يسيرا فانه لا يمنع فهم الحكم. لان الغضب يشوش عليـه قلبـه وذهنه ويمنعه من كمال الفهم ويحول بينه وبين استيفاء النظر ويعمى عليه طريق العلم والعقـد فهو نوع من الاغلاق وقال في الحاشية : ولا يستريب عاقل أن من قصر النهي على الغضـب وخده دون الهم المزعج والخوف المقلق والجوع والطئ الشديد وشغل القلب المانع من الفـهم فقد قل فهمه وفقهه.

وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسـلم الراشــي والمرتشي في الحكم اخرجه احمد وابن ماجة والترمذي والحاكم.وقيل في شرح الاقناع : ويحرم قبول القاضي هدية وهي الدفع للقاضي ابتداء من غير طلب ؟ وكذلك يحرم بذل الرشوة واخذها والامانة عليها والتوسط فيها لان ذلك من اكل امـوال الناس بالباطل مع ما فيها من تغيير حكم الله تعالى والحكم بغير ما انزل الله فقد ظلــم باخذهـا نفسه وظلم المحكوم له وظلم المحكوم عليه.

وروى عن ابی مریم الازدی رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : مـن ولاه الله شيئا من امور المسلمين فاحتجب عن حاجتهم وفقيرهم احتجب الله دون حاجته اخرجه ابو داود والترمذي.ومعنى احتجب عن حاجتهم أي امتنع عن مصالحهم واهملهم ويجـــب عليـه سـماع قضاياهم وطلباتهم ليقضى ما يتعين قضاؤه وليكن القاضي على حذر من قرناء السوء ومروجـى الدعاوى باسمه بواسطة القرب منه فانهم يموهون على الناس أن لهم تأثيرا على القضاة وعلى القاضي أن يراقب اعوانه وان يكونوا من الامناء اصحاب النفـوس العفيفـة والضمـائر

وعن ابي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال : يا رسول الله اوصني قال لا تغضـب فرده مرارا وقال لا تغضب اخرجه البخاري وحقيقة الغضب هو غليان الدم لطلـب الانتقـام والناس في قوة الغضب على درجات فمن قويت نار الغضب في وجهه اعمته واصحتـه عـن كل موعظه وارشاد والقاضي مطالب بعدم الغضب وان يفكر في الاخبار الواردة فـى فضـل
كظم الغيظ والحلم والاحتمال.

والخليفة على بن ابى طالب ارسل كتاب لعامله في مصر قال فيه (ثـم اختر للحكم بين الناس، افضل رعيتك في نفسك، ممن لا تضيق الامور ولا تمحكه الخصـوم، ولا يتمادي في الزلة ولا يحصد من الغي إلى الحق إذا عرفه ولا تشرف نفسه على طمـع ولا يكتفى بادنى فهم دون اقصاه واوقفعهم في الشبهات واخذهم بالحجج واقلهم تبرمـا بمراجعـة الخصم، واصبرهم على تكشف الامور واحد مهم عند اتضاح الحكم ممن لا يزدهيه بــاطراء ولا يستميله اغراء واولئك قليل. ثم أكثر تعاهد قضائه وافسح له في البذل مما يزيل علته وتقـل معه حاجته إلى الناس. واعطه المنزلة لديك فلا يطمع فيه غيره من خـاصتك، ليـأمن بذلـك اغتيال الرجال له عندك فانظر في ذلك نظرا بليغا)

وروى عن عمر بن الخطاب أنه قال : لا يصلح أن يلى القضاء إلا من كان حصيـف بعيد الهيبة ولا يطلـع النـاس العقل شديدا في غير عنف لينا في غير ضعف، قليل العزة منه على عورة، وقد روى عن عمر بن عبد العزيز أنه قال في خصال القـاضى يكون عالما بالفقه والسنة، نزاهة عن الطمع يريد مستخفا بالائمة والمقصود بذلك أنــه يديـر الحق على من دار عليه ولا يبالي بمن لامه على ذلك.

قال صلى الله عليه وسلم “إذا غضب احدكــم وهـو قـائم فليجلس فان ذهب عنه الغضب والا فليضطجع” وقد امر الذي يغضب بالوضوء لان الوضـوء يطفى نيران الغضب. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حديث سنان بن سعد عـن انس عن النبي ومن حديث الحسن مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “الغضب جمـرة في قلب الانسان توقد، ألا ترى إلى حمرة عينيه وانتفاخ أو داجة فاذا احس احدكم مـن ذلـك شيئا فليجلس ولا يعدونه الغضب” والمقصود أن يحبس الغضب ويكتم غيظه وقـال صلـى الله عليه وسلم في الفتن ” أن المضطجع فيها خير من القاعد والقاعد فيها خير من القائم والقائم خير ومعنى ذلك أن من كان اقرب إلى الاسراع فيها فهو شر مما كان ابعد عن ذلك.

وقد غضب عمر بن عبد العزيز يوما فقال له ابنه “انت يا امير المؤمنيـن مـع مـا اعطاك الله وفضلك به تغضب هذا الغضب ؟ فقال : أو ما تغضب يا عبد الملك ؟ فقـال عبـد الملك : وما يغني عن سعه جوفي إذا لم اردد فيه الغضب حتى لا يظهر.وقال جعفر بن محمد : الغضب مفتاح كل شر. وقال مورق العجلي ما امتلأت غيظـا قط ولا تكلمت في غضب قط بما اندم عليه إذا رضيت.

والقاضي احوج ما يكون إلى ترك الغضب لانه مفتاح كل شـر. وقال ابن القيم، الحاكم محتـاج إلى ثلاثة اشياء لا يصح له الحكم إلا بها، معرفة الادلة والاسباب والبينات فالادلة تعرفه الحكم الشرعي الكلى والاسباب تعرفه ثبوته في هذا المحل المعين، أو انتفاءه عنه والبينـات تعرفـه طريق الحكم عند التنازع

زر الذهاب إلى الأعلى