آراء

شعبان محمد شحاتة رئيس القلم الشرعي بالعدوة يكتب : العذراء الفاتنة والحب المفترس

الحب المفترس هذه صفية هوزان وهي الفتاة اللعوب والعذراء الفاتنة تسمرت حولها الأعين وهواها الشبان ووقع في غرامها الكهول واستعصمت عن الجميع وتعلقت بهاشم الفتي القريشي العفيف لقد جنت به وتهالكت في حبه ولم تجد إلي قلبه سبيلا وتعرضت إليه في زينتها وضايقته في مسالكه وبكت بين قدميه ولكنه لم يزد إلا نفورا ولم تظفر منه بالتفاته باسمة تبعث الأمل إلى نفسها والرجاء إلي قلبها وفزعت صفية في خيباتها المرة إلى الدمع والزفرة والسهد والأحزان وانقلب حبها إلي نقمة عاصفة

قالت لصوحيباتها : هذا الذي لمتني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم وإن لم يفعل ما امره لسجنن وليكونن من الصاغرين، ولم يدر في خلد هاشم أنه سيكون ضحية إلافك والإتهام وأن الخيبة في الحب ستكون خطرا عليه وتورده شر الموارد . ولم يصدق ان من تحت طيات الخجل والإنوثة ستنبعث الصيحة الداوية والشجاعة الداعرة والإرجاف الفظيع وقررت صفية أنها ستغسل الذل الذي تمرعت في أرحالة كيفما كان المال التهمة الخطيرة :

تقدمت صفية إلى مجلس الفاروق مشفوقة الجيوب باكية جازعة أنها كانت تسلك طريقها من بيت عمها إلي بيتها الابوي اعترض هاشم ووقع عليها وقال من نفسها وأنها تحمل ثيابها أثر وسألها الفاروق البينة ؟الإعتداء وأنها أكرهت على الفاحشة وعجزت عن دفعها وهي تطالب بالعقوبة التي فرضها الله فقالت يا أمير المؤمنين إن ثوبي يشهد بالعدوان وأن الطريق كانت خالية من الغوث واستحضر هاشم وألقيت عليه التهمة الخطيرة فانكرها وتبرأ منها

اعمال التحقيق شرع الفاروق فورا في التحقيق ودعوي نسوة أمرهن بالإختلاء بالمدعية والكشف عما يثوبها وباشرت النسوة تحرياتهن ورجعن إلي الفاروق يؤكدن له أن الثوب ملوث بمني الرجل وأوشك الفاروق أن يحكم بمقتضى العلامات الظاهرة ويأمر بجلد الشاب غير أنه جعل يستغيث ويقول يا أمير المؤمنين تثبت في أمري فو الله ما أتيت فاحشة ولا هممت فقد راودتني عن نفسي فاستعصمت وبكت المرأة وقالت إنه غلبني على نفسي وفضحني في أهلي وأنك اعدل من أن تتركه لإنكاره الكذاب وتبريه المصطنع والتبس الأمر علي أمير المؤمنين فتردد بين إهمال الدعوي وإقامة الحد المشورة العلوية

واخيرا رأي الفاروق أن يصرف الخصومة إلى مستشاره الأمين علي بن ابی طالب فاحالها عليه وبادر الإمام علي بحجز الثوب ودعا بماء حار شديد الغليان وقال إن يكون أثر مني يذيبه الماء وأثر بيض البيضة فيجمد وصب ماء حار علي الثوب فجمد الأثر وتصب وشمه تأكد لديه أنه أثر بياض البيضة وتحري طعمه فجزم بذلك

افتضاح المؤامرة علم الإمام علي أنه أمام مؤامرة انكشف أمرها وأن صفية الشاكية تكن إلا أخت زوجة العزيز
وان هاشما برئ من الفاحشة براءة الذئب من دم يوسف فاستحضر الشاكية وأشعرها بأن التحليل أثبت كذبها وأن اللوث يلطخه بياض بيضة لا أثر منوي وعزم عليها أن تعترف
بالحقيقة ما دام لها الحق في الرجوع إلي الحقيقة ورات صفية أنه لا سبيل لتاديها علي الإرجاف والإتهام الكاذب وأن القاضي ابن ابي طالب لا يتسامح في الإغراف في الكذب الطاغي دفعها لمحاولة الإنتقام من حبيبها هاشم الذي تجاهل أمرها وداس عواطفها وسخر من توسلاتها وأنها لوت ثوبها بيض البيضة لإقامتها كعلامة دانة علي الفعل وأنها تستغفر لله تعالي وتتوب إليه وتستمنح العفو من حبيبها هاشم

الفاروق يثني علي مستشاره علم الفاروق بما توصل إليه ابن ابي طالب من النتائج الحاسمة فحمد له وأثني عليه ونوه بما وهبه الله لابن عم الرسول وبعل زهرته من حكمة وفهم وعلم – وأمر بترك سبيل الشاب هاشم

وبعد فهل عرفت محاكم الدنيا وسائل الإختبار الفنية التي كان يتبعها قضاة الإسلام من الخلفاء والعلماء ؟ وهل تتجاوز الاختبارات المادية والتحايل نوع الأسلوب الذي سلكه أبو الحسن علي ابن ابي طالب ؟وهل رأيت تشریع كشريعة الإسلام تعتمد من وسائل الإثبات ما وافق المعقول والمنطق والاختبار المادي كان حجة علي البراءة في نظر علي وبين هذا وذاك سماحة الإسلام وفتح مجال الإجتهاد في وجه القاضي وليس بعد هذا من حجة علي غلط الذين يعتقدون جـهلا وتعصبا بأن الإسلام ضيق نطاق الإثبات بما عده من وسائل وقيد حرية القاضي

زر الذهاب إلى الأعلى