Site icon بوابة العمال

خلل أخلاقي فى المجتمع.. القسوة ضد النساء والأطفال ثقافة مغلوطة وتشريعات رخوة.. حقوقيون: العنف الأسرى يدفع إلى الانتحار.. ومطلوب تعديل الأحوال الشخصية وإنشاء شرطة الأسرة

تحقيق تكتبه: ميادة فايق

# مطالب بتشديد العقوبات المتعلقة بالإهمال والاسراع باصدار قانون مواجهة العنف الأسري

# يجب إلغاء لفظ “حق التأديب الشرعي” من قانون الطفل والنظر في قانون الأحوال الشخصية امر ملح

“إكسر للبنت ضلع يطلع لها 24”، قاعدة مجتمعية غريبة يستند إليها الكثير من الرجال في تربية بناتهم وإحكام السيطرة على زوجاتهم، لكنها في الواقع “تفويض مجتمعي” لممارسة العنف الأسري ضد المرأة بداعي التأديب والتهذيب، ليتحول الأمر بعد ذلك إلى اعتداءات جسدية مبرحة قد تفضي إلى القتل أو تتسبّب بعاهات مستديمة، أو إيذاء نفسي يدفع بالفتاة أو الزوجة إلى الانتحار. 

 

تزايدت حالات العنف ضد الأطفال، سواء في المدارس أو في البيوت. مواقف وصور ومقاطع فيديو مؤلمة، لآباء وأمهات أو معلمين يتعاملون بطرق وحشية مع زهور الحياة، دون تفكير دقيق في مآلات هذا التصرف على نفسية الطفل في المستقبل القريب أو البعيد، وآخرها وفاة الطفلة جنة التي تعرضت للتعذيب على يد جدتها. 

 

“بوابة العمال” تناقش مع حقوقيون وخبراء واستشاريون نفسيون فى التحقيق التالى قضية العنف الأسري ضد الأطفال والنساء في المجتمع، وتحدد أسباب هذه الظاهرة وطرق مواجهتها .

 

خلال النصف الأول من عام 2018 تصدّرت عمليات القتل أنواع العنف الأسري ضد المرأة، تلاها الضرب بدرجات مختلفة ومتفاوتة، وظهر أخيراً نوع جديد على خريطة العنف الأسري، وهو “الهجر” المتمثّل في ترك الزوج زوجته وأولاده لفترات طويلة من دون التواصل معهم أو الإنفاق عليهم، والتخلّي عن مسؤوليته تجاههم، فتعاني الزوجة في هذه الحالة من عنف نفسي واقتصادي ومجتمعي.

وأحياناً يتهرّب الزوج من الطلاق لتظل الزوجة على ذمته ولا تتمكن من العيش بصورة طبيعية بعد ذلك. أما الأنواع الأخرى الأكثر شيوعاً من العنف الأسري فمنقسمة بين الحبس المنزلي والتشهير والتحرش الجنسي.

 

نهاد ابو القمصان: لماذا يبحث المجتمع عن مبرر لعنف الرجل، ولا يكترث للأضرار الواقعة على المرأة

 

وقالت نهاد ابو القمصان رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة اننا لدينا فعاليات كثيرة لمناهضة العنف ضد المرأة بشكل عام، أهمها أن هناك 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، وهي فعالية تبدأ في 25 نوفمبر من كل عام، إضافة إلى أننا نعمل على مناهضة العنف الأسري ضد النساء بالتوعية وإجراء المسابقات الهادفة ونشر الفنون المختلفة، وهذا يساعد في تعزيز وعي الفتيات والنساء، ونقدّم لهن الدعم النفسي والمادي والقانوني، سواء من خلال الاستشارات القانونية، أو الوقوف معهن في ساحات القضاء مباشرةً، من خلال تجنيد محامين لمؤازرة المرأة المتضررة بدون أي مقابل مادي، إلى جانب عملنا التشريعي والمتمثل في التواصل مع المجلس القومى للمرأة لمناقشة قوانين خاصة بالعنف ضد المرأة وتقديمها الى البرلمان المصرى. 

 

واضافت ابو القمصان ان المشكلة تكمن في ثقافة المجتمع المغلوطة، والتي تقوم على تقبّل المجتمع للعنف الذكوري ضد الإناث، بل إن المجتمع نفسه يبحث عن تبرير لهذا العنف ليبرّئ الرجل منه ويرفع عنه المسؤولية. والسؤال الذي لا بد من طرحه الآن: لماذا يبحث المجتمع عن مبرر لعنف الرجل، ولا يكترث للأضرار الواقعة على المرأة؟ ما أحوجنا اليوم إلى تغيير ثقافة المجتمع بشكل عام، وتوعية الفتيات بحقوقهن منذ الطفولة، وتعليمهن رفضن العنف ومواجهة كل أشكاله، أياً كان القائم به، حتى لو كان الأب، فتعنيف الأب لبناته بداعي التربية يجعلهن بعد ذلك يتقبّلن العنف من الزوج.

وأوصت بضرورة أن تكون هناك إرادة قوية لتغيير الثقافة، والتأكيد على رفض العنف الواقع على الفتيات، سواء من خلال جمعيات المجتمع المدني والمؤسسات النسوية المهتمة بهذا الأمر، أو من خلال الحكومة فتُدخل هذه القضية في مناهج التعليم في مراحله المختلفة، فالدور التربوي مهم جداً في هذه الحالات، هذا فضلاً عن الدور المجتمعي إذ يجب أن يكون أفراد المجتمع أنفسهم راغبين في رفض العنف ضد النساء، فالجار الآن يسمع صراخ جارته التي يعتدي عليها زوجها بالضرب، ولا يحرك ساكناً، فالعنف أصبح من عادات مجتمعنا، والمرأة وحدها التي تدفع الثمن.

 

هانى هلال يطالب بتعديل ترتيب الحضانة فى قانون الأحوال الشخصية

 

ومن جانبه أكد هانى هلال أمين الإئتلاف المصرى لحقوق الطفل أن العنف ضد الأطفال انتشر داخل نطاق الأسرة وأغلبها فى حالات الخلافات الأسرية.

 

وقال إنه فى عام 2008 عندما تم وضع قانون الطفل كانت المادة7 مقرر أ من قانون الطفل خاصة بتغليظ العقوبة للعنف الأسر ضد الأطفال لكن مجلس الشورى فى 2008 لم يوافق عليها بسبب الخوف من التداخل بين العنف والتربية الأبوية.

 

وأشار إلى ضرورة تعديل ترتيب الحضانة داخل قانون الأحوال الشخصية لأن الجد والجدة كبار السن يصعب عليهم رعاية الأطفال والأحق الوالدين .

 

ونوه أنه فى القانون الحالى تتم مضاعفة العقوبة فى حالة أن يكون العنف من الشخص القائم برعاية الطفل وهذا ما حدث فى قضية الطفلة المتوفاة جنةوأختها .

 

وتابع أنه أول ما يجب فعله فى هذه القضية سحب الحضانة من الجدة، ولفت لأن الائتلاف المصرى لحقوق الطفل قد كون مع المجلس القومى للطفولة جبهة دفاع فى هذه القضية .

 

محمود البدوي المحامي يدعو إلى إعادة النظر في ضوابط منح حق حضانة الصغار لكل حالة على حدة

وقال محمود البدوي المحامي بالنقض وخبير حقوق وتشريعات الطفل أن واقعة الطفلة “جنة” والتي تداولها العديد من النشطاء والمعنين بشأن الطفولة على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، والتي جاءت لتكشف مدى تدنى الوعي المجتمعي الداعم والمؤمن بحقوق الطفل ، على الرغم من أن الدولة المصرية تتمتع بأقوى بناء حمائي تشريعي داعم لحقوق الطفل ، إلا أن هذا البناء المتميز غالباً ما يصطدم بعنف مفرط وغير مبرر من بعض الآسر بحق أطفالهم ، مما ينتقص من حقوقهم التي كفلتها المادة 80 من الدستور المصري وقانون الطفل 12/1996 والمعدل بالقانون 126/2008 .

 

وأشار محمود البدوي المحامي ورئيس الجمعية الي أنه أن الأوان لكى يتم إعادة النظر من جديد في قانون الأحوال الشخصية ، وبخاصة المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المستبدلة بالقانون 100 لسنة 1985 ، والخاصة بترتيب الحاضنات من النساء طبقا لما ورد بالمذهب الحنفي ، والتي نظمت حق الحضانة للأم كأولى الحاضنات فى الترتيب ، ويليها أم الأم ثم أم الأب ثم أخت الأم ثم أخت الأب وفى العموم للنساء وأن علون ، وهو وما تحقق في واقعة الطفلة “جنة”والتي حصلت جدته على حضانتها بموجب حكم قضائي طبقاً لهذا الترتيب على الرغم من عدم كفاءتها لهذا الحق ، مما كان سبب مباشر في حدوث تلك الفاجعة ، الآمر الذي يتحتم معه إعادة النظر في ضوابط منح حق حضانة الصغار لكل حالة على حدة ، وبما يضمن حقوق الطفل المحضون وتحقيق مصلحته الفضلي ، وهو المبدأ الذي اعتنقته الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل CRC ، وهو ذات التوجه الذي اعتنقه قانون الطفل المصري ، وكذا المادة 80 من الدستور المصري المعدل ، والتي جاءت لتضع اطار حمائي دستوري للطفل مكمل للقانون ، وكأول ظهير حمائي دستوري لحقوق الطفل المصري .

 

كما ناشد البدوي مجلس النواب المصري بضرورة تبني مقترح يتبني إعادة النظر في بعض مواد قانون الطفل الحالي وبخاصة بالنظر في الغاء لفظ “حق التأديب الشرعي” من المادة 7 مكرر ( أ ) من قانون الطفل 12/1996 المعدل بالقانون 126/2008 لأنها أصبحت باب خلفي لممارسة العنف بحق الأطفال ، وهروب العديد من منتهكي حقوق الطفل تحت زعم استخدام “حق التأديب الشرعي” الي نصت عليه تلك المادة ، وبخاصة أنها مادة فضفاضة خالية من الضوابط الواضحة والقادرة على حماية الطفل من بطش بعض الأهالي به تحت زعم تأديبه ، وبما ينتقص من حقوقه ويعرض أمنه البدني والنفسي لمخاطر لا يمكن تداركها ، مما يستوجب معه إعادة النظر في تعديل تلك المادة التي تتعارض مع مفهوم تحقيق المصلحة الفضلي للطفل ، والذي تبنته واعتنقته المادة 80 من الدستور المصري المعدل ، وفي تصريح واضح الدلالة من المشرع الدستوري المصري ، والذي عبر عن توافر الإرادة لدي الدولة المصرية بتحقيق وكفالة حقوق الطفل كاستحقاق دستوري هام من الدولة بحق أطفالها الذين يقدرون بحوالي 40.1% من جملة تركيبتها. 

 

 

 

 

 

 

 

هالة عثمان تدعو إلى انشاء الشرطة الأسرية مثل الدول المتقدمة من أجل استقرار المجتمع

 

قالت الدكتورة هالة عثمان المحامية بالنقض، ورئيس مركز «عدالة ومساندة» لقد أصبح من الضرورى فى طريق الاهتمام بالأسرة واستقرارها إنشاء «الشرطة الأسرية» تكون مهمتها التدخل السريع فى حالات النزاعات الأسرية بما لها من خصوصية، وكذلك فى حالات العنف الأسرى وضحاياه.

 

وأضافت عثمان لدينا الآن قضاء متخصص فى الأسرة فلماذا لا تصبح لدينا شرطة متخصصة فى الأسرة أيضاً؟، خاصة أنه قد سبقنا فى هذا الأمر بعض الدول العربية مثل العراق والسعودية، وأخذت به الدول المتقدمة حفاظاً على خصوصية هذه النزاعات التى تمثل النسبة الأكبر فى مصر ووأدها يؤدى إلى استقرار المجتمع الذى هو المستهدف الأمنى والاستراتيجى للشرطة المصرية.

 

وطالبت هالة عثمان بضرورة تعديل تشريعى فى قانون هيئة الشرطة لاستحداث إدارة جديدة تحت مسمى «الشرطة الأسرية» على غرار إدارة حقوق الانسان وهو ما يؤكد الدور المجتمعى لجهاز الشرطة التى يبذل رجالها كل الجهد من أجل تحقيق هذا الدور بعد حالة التلاحم اللامتناهية بين الشعب والشرطة.

وقالت الشرطة الأسرية لصالح المجتمع كله ولصالح المرأة والطفل خاصة فى حالات تسليم المحضونين بالقوة والتى يمكن أن يصاحبها تأثير نفسى سلبى على الأطفال. 

 

 

 

 

 

 

 

المحامي رضا الدنبوقي: الجنحة لاتكفى لعقاب العنف الأسرى الذى يؤدى للموت والانتحار

أكد المحامي رضا الدنبوقي مدير مركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية ان قضية العنف الأسري بشكل عام تعتبر كارثة مجتمعية، ولكي نقوم بتغييرها فنحن بحاجة إلى إرادة مجتمعية أيضاً للفظ هذه التصرفات المشينة ضد المرأة والأطفال. وللأسف، ليس في القانون مادة تتعلق بالعنف الأسري بشكل قاطع وبعقوبة منفصلة، بل العنف موجود ويعاقَب عليه كجنحة تعدٍ بالضرب عادية جداً، تصل أقصى عقوبة فيها عند الضرب بآلة حادة إلى السجن 3 سنوات فقط، لكن لا بد من إنزال أشدّ العقوبات بكل معنِّف، فاعتداء الأب على طفلته أو طفله أو زوجته بالضرب المبرح الذي قد يؤدي أحياناً إلى الإصابة بعاهة مستديمة، يعتبر خيانة للأمانة، لأن الأب مؤتمن على أولاده، والزوج مؤتمن على زوجته، ولذلك لا بد من أن ينال أقصى عقوبة على ما اقترفته يداه. 

 

وعن تبرير المجتمع لتعنيف الرجل أبناءه وزوجته جسدياً، يقول الدنبوقي للأسف، يرتكز مجتمعنا على قاعدة أساسية يبيح ويبرر من خلالها تعنيف الرجل لزوجته وأولاده، وهي “الحق في التأديب”، بمعنى أن القانون يتغاضى عن الرجل الذي يضرب أطفاله وزوجته ضرباً مبرحاً، بذريعة أنه يربّي ابنه، أو يُحكِم سيطرته على زوجته من منطلق رجولته، وبالتالي تحتاج قضية العنف الأسري إلى تشريع محدد وقاطع، تُدرج فيه أشكال العنف الأسري المسكوت عنها، ولا بد من أن تكون هناك مدونة كاملة للأسرة في القانون، بدءاً من رفع الدعوى وصولاً إلى تنفيذ الأحكام، حتى تُحسم الأمور”.

 

 

 

 

 

 

استشارى  نفسى: أغلب مشكلات مجتمعنا المصري بسبب الجهل وعدم تثقيف الأسرة

وقال الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إن أغلب المشكلات التي يعاني منها مجتمعنا المصري بسبب الجهل وغياب الرؤية، وهو الأمر الذي يحتاج إلى تفعيل دور الأسرة والمدرسة والمؤسسات التعليمية المختلفة التي يجب أن تعمل على تقديم النماذج السلوكية الإيجابية بما يسهم في تحقيق الوعي الاجتماعي خاصة في المناطق التي يزداد بها معدلات ونسب الجهل أو يقل فيها تواجد الخدمات وهكذا، مشيرا إلى أهمية دور المؤسسات الدينية في نشر الأخلاق القومية، والعمل على تثقيف الأسرة بصورة إيجابية، على حد قوله.

 

الطلاق وبال على الاطفال الأبرياء

واستنكر  الدكتور جمال فرويز إهمال الأهالي لأبنائهم بفعل الظروف الاجتماعية السيئة التي تتسبب في إهمالهم بفعل الطلاق داخل المجتمع، والذي ترتفع نسبته في مصر بصورة كبيرة، مشيرا إلى وجود آثار سلبية للطلاق في ظل التفكك الأسري وغياب الاحتواء، حيث يؤدي هذا إلى هروب الأطفال من منازلهم إذا لم يصل أي طرف من الوالدين إلى الابن أو البنت بعيدا عن الآخر.

Exit mobile version