ما إن يفتح الجامع الأزهر أبوابه في الساعات الأولى من بداية النهار إلا وتجد العشرات، بل والمئات من الطلاب الوافدين يسارعون في الدخول، لينهلون من الأنشطة العلمية والثقافية التي يقدمها الجامع، فتجدهم في المقارىء يتعلمون أحكام التلاوة، وفي الدروس العلمية يتلقون العلم الشرعي والعربي، وكذا المكتبة التي تتواجد بالجامع الأزهر يجلسون بالساعات للقراءة وللمعرفة، فرحين بأجواء رمضان في بلدهم الثاني مصر.
ويقول خالد بن محمد، من تونس، الطالب بكلية أصول دين، إذا أردت أن تطلب العلم الشرعي والعربي فاطلبه في رحاب الأزهر، فهو صاحب رسالة عالمية وسطية انفرد بها عن كل جامعات العالم، مبينا أن الأجواء الرمضانية الموجودة بالجامع الأزهر أجواء فريدة من نوعها لا تجدها إلا في موسم الحج، فهي تجمع طلاب من أكثر من ١٢٠ دولة، ينهلوا من علومه وتُرسخ العلاقات بينهم، مما يوطد العلاقات بين الشعوب، كما أنه فرصة للتعارف مصدقا لقوله تعالى:” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا”، فهذه الفرصة لن تجدها إلا في الأزهر الشريف.
بينما قال الطالب محمد ياسين، من بنجلاديش:” رمضان في الأزهر أمر مختلف والسر في التراويح”، فالصلاة بالقراءات العشر هو أمر لم نشاهده من قبل، وأحببته وأحبه جميع الطلاب الوافدين، حيث أَشْعَر كل طالب أنه في بلده، فكل رواية تعبر عن طالب في دولة ما، موجها كل الشكر والتقدير لفضيلة الامام الاكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر ، لجهوده في رعاية الطلاب الوافدين.
“الأزهر جمعنا” هكذا بدأ الطالب أيوب عبدالرحمن، من الصومال كلامه .. ثم أردف قائلا:” ما هذا الإفطار الجماعي لطلاب من أكثر من ١٢٠ دولة يتناولون نفس الطعام إلا رسالة من الأزهر للعالم كله أننا جميعا بشر من نفس واحدة، لا فرق بين غني ولا فقير ولا عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى، مضيفا ما رأيته من هذا التجمع الكبير في جو من المحبة لم يكن حتى ليأتيني في أجمل أحلامي أوما وأن رأيته بأُم عيني فلا أستطيع إلا أن أقول:” شكرا للأزهر ورجاله المخلصين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه”.
بينما أشاد الطالب جوهر أحمد، من كاشمير بالهند، بالإفطار الجماعي، مؤكدًا أن هذا الأمر غير موجود في بلاده، وأنه أول مرة يرى هذا الأمر وبهذا العدد الكبير جدا، وأنه منتشر في مصر فهي بلد الأمن والجود والعطاء، كما أن الأجواء الرمضانية والشعائر في الجامع الأزهر تتعلق بها القلوب والأفئدة وتتهافت عليه الأنفس، فنحن في الأزهر آمنون من الجوع والخوف.
وأما أحمد عبدالرحمن، من نيجيريا، الطالب بكلية اللغة العربية، فذكر: أن الطلاب الوافدين يعيشون أجواء رمضانية رائعة في الجامع الأزهر مع أجمل الأصوات الندية في صلاتي العشاء والتراويح وكوكبة من العلماء الأجلاء يقدمون لهم الدروس الدينية، مضيفا أن سبب حضوره للدراسة في الأزهر هو حبه للغة العربية وأن أبناء بلدته نصحوه بالدراسة في الأزهر وأكدوا له أنه سيجد ما يسره في رحاب الأزهر وهو ما كان، فقد وجد ضالته وتحقق حلمه وأمله.
ومن جانبه قال الطالب مصلح عبدالحكيم، من أوزباكستان، إن الشعب المصري شعب متدين بطبعه، فتجد الجميع يصوم، حتى المسيحيين يراعون شعور المسلمين ولا يتناولون الطعام أمامهم، ليضربون أعظم الأمثلة بينهم في توادهم وتراحمهم ومراعاة أحوال بعضهم، كما أن الشعب المصري شعب كريم وجواد ومحب للخير، وأرى أن تواجد مؤسسة الأزهر في مصر لها دور مهم في ترسيخ قيم التسامح والتعايش المشترك.
وأكد يوسف عثمان، من قيرغيزستان، والذي قد حضر من أسبوعين إلى مصر، أنه جاء للدراسة في الأزهر ومن حسن حظه أنه صادف شهر رمضان في أول أيامه بمصر، معبرا عن سعادته بما رآه في الجامع الأزهر من دروس علمية ومقارىء ومن صلاة التراويح والقراءة فيها بالقراءات العشر وكأنه يسمع القرآن لأول مرة.
وينظم الجامع الأزهر للعام الثاني إفطارًا جماعيًّا بشكل يومي للطلاب الوافدين ضيوف مصر يتضمن 4 آلاف وجبة بإجمالي 120 ألف وجبة خلال الشهر المبارك، ويقوم الطلاب بالتسجيل عبر بوابة الأزهر من أجل معرفة رقم كل طالب حتى يتمكن من إيجاد وجبته في الصف والمكان المحدد في صحن الجامع الأزهر إلى جانب إخوانه من الطلاب الوافدين من أكثر من ١٢٠ دولة يدرسون بالأزهر.
ويواصل الجامع الأزهر خطته العلمية والدعوية لشهر رمضان بتوجيهات ورعاية فضيلة الإمام الأكبر، والتي تتضمن: (260 مقرأة- 52 ملتقى بعد الظهر- 26 ملتقى بعد العصر- صلاة التراويح بالجامع الأزهر ومسجد مدينة البعوث الإسلامية 20 ركعة يوميا بالقراءات العشر- 30 درسًا مع التراويح- صلاة التهجد بالجامع الأزهر ومسجد مدينة البعوث في العشر الأواخر- تنظيم 6 احتفالات متعلقة بمناسبات الشهر الكريم- 4000 وجبة إفطار يوميًّا للطلاب الوافدين).