كتب عبدالعظيم القاضي
كيف اختار شريك حياتى؟ سؤال يتكرر كثيرا والغالبية العظمى من الفتيات تبحث عن اجابة صارمة حازمة،
كيف اختار من يكون زوجا وابا لاولادى، الاجابات قد تكون معروفة، لكن كل فتاة لها مواصفات وشروط وقواعد مختلفة،
تشعر الكثيرات من المقبلات على الزواج بالحيرة والقلق خوفاً من اختيار شريك حياة غير مناسب، يتسبب في شعورها بالتعاسة والندم على الزواج منه، ولتجنب ذلك،
اولا الرضا التام والاقتناع من جانب الفتاه ففى عهد النبى كيف خير ابنته وكيف اختارت؟
أبو العاص يخطب ابنة النبى
ذهب أبو العاص إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وقال له: أريد أن أتزوج أبنتك الكبرى زينب. ( أدب )
فقال له النبي: لا أفعل حتى أستأذنها.( شرع ) دخل النبي ﷺ على زينب: ابن خالتكِ جاءني وذكر اسمكِ فهل ترضينه زوجاً لكِ؟ فاحمر وجهها وابتسمت. ( حياء )
تزوجت زينب أبا العاص بن الربيع لكي تبدأ قصة حب قوية وأنجبت منه علي وأمامة.( سعادة )
ثم بدأت مشكلة كبيرة حيث بعث النبي نبياً وكان أبو العاص مسافراً وحين عاد وجد زوجته قد أسلمت.( عقيدة )فقالت له: عندي لك خبر عظيم فقام وتركها.( احترام )
فاندهشت زينب وتبعته وهي تقول: لقد بُعث أبي نبياً وأنا أسلمت فقال: هل أخبرتيني أولاً ؟
قالت له: ما كنت لأُكذب أبي وما كان أبي بكاذب إنه الصادق الأمين ولست وحدي لقد أسلمت أمي وأسلم إخوتي
وأسلم ابن عمي علي بن أبي طالب وأسلم ابن عمك عثمان بن عفان وأسلم صديقك أبو بكر الصديق
فقال: أما أنا لا أحب أن يقولوا خذل قومه وكفر بآبائه إرضاء لزوجته وما أبوك بمتهم فهلا عذرتِ وقدرتِ ؟
( حوار بناء )
فقالت: ومن يعذر إن لم أعذر أنا ؟ ولكن أنا زوجتك اعينك على الحق حتى تقدر عليه.( فهم واحتواء )ووفت بكلمتها له 20 عام. ( صبر لله )
ظل أبو العاص على كفره ثم جاءت الهجرة، فذهبت زينب إلى النبي ﷺ وقالت: يا رسول الله أتأذن لي أنْ أبقى مع زوجي؟( حب ) فأذن لها ﷺ ( رحمة )
وظلت بمكة إلى أنْ حدثت غزوة بدر وقرّر أبو العاص أن يخرج للحرب في صفوف جيش قريش
زوجها يحارب أباها فكانت زينب تبكي وتقول: اللهم إنّي أخشى من يوم تشرق فيه شمسك فييتم اولادي أو أفقد أبي.( حيرة ورجاء )
ويخرج أبو العاص بن الربيع ويشارك في غزوة بدر وتنتهي المعركة فيقع أسيراً وتذهب اخباره إلى مكة
فتسأل زينب: ماذا فعل أبي؟ فيقال لها: انتصر المسلمون فتسجد شكراً لله
ثم تسأل: وماذا فعل زوجي؟ فيقال لها :أسره محمد فقالت: أُرسل في فداء زوجي. ( عقل )
ولم يكن لديها شيئ ثمين تفتدي به زوجها فخلعت عقد أمها الذي كانت تُزيِن به صدرها وأرسلت العقد مع شقيق أبي العاص بن الربيع إلى رسول الله ﷺ
وكان النبي جالساً يتلقى الفدية ويطلق الأسرى وحين رأى عقد السيدة خديجة سأل: هذا فداء من؟
قالوا: هذا فداء أبي العاص بن الربيع فبكى النبي وقال: هذا عقد خديجة. ( وفاء )
ثم نهض وقال: أيها الناس
إن هذا الرجل ما ذممناه صهراً فهلا فككتم أسره؟ ( عدل )
وهلا قبلتم أن تردوا إلى زينب عقدها ؟ ( تواضع القائد )فقالوا: نعم يا رسول الله.( أدب الجنود )
فأعطاه النبي العقد ثم قال له: قل لزينب لا تفرطي في عقد خديجة ( ثقة في أخلاقه مع أنه كافر )
ثم قال له: يا أبا العاص هل لك أن أساررك؟ ثم تنحى به جانباً وقال له:
يا أبا العاص إن الله أمرني أنْ أفرِق بين مسلمة وكافر فهلا رددت إلي ابنتي؟ فقال: نعم ( رجولة )
وخرجت زينب تستقبل أبا العاص على أبواب مكة فقال لها حين رآها: إني راحل فقالت: إلى أين؟
قال: لست أنا الذي سيرحل ولكن أنت سترحلين إلى أبيك. ( وفاء بالوعد ) فقالت: لماذا؟ قال: للتفريق بيني وبينك فارجعي إلى أبيك
فقالت: فهل لك أن ترافقني وتسلم؟ فقال: لا فأخذت ولدها وابنتها وذهبت إلى المدينة. ( طاعة )
وبدأ الخُطاب يتقدمون لخطبتها على مدى 6 أعوام وكانت ترفض على أمل أن يعود إليها زوجها. ( وفاء )
وبعد 6 أعوام كان أبو العاص قد خرج بقافلة من مكة إلى الشام وأثناء سيره قابل مجموعة من الصحابة فأسروا منه قافلته
فسأل على بيت زينب وطرق بابها قبيل آذان الفجر. ( ثقة )
فسألته حين رأته: أجئت مسلماً ( رجاء )
قال: بل جئت هارباً فقالت: فهل لك إلى أن تُسلم؟ ( إلحاح وتعهد )فقال: لا
قالت: لا تخف مرحباً بابن الخالة مرحباً بأبي علي وأمامة ( فضل وعدل )
وبعد أن أمّ النبي المسلمين في صلاة الفجر إذا بصوت يأتي من آخر المسجد: قد أجرت أبا العاص بن الربيع. ( شجاعة )
فقال النبي: هل سمعتم ما سمعت؟ قالوا: نعم يا رسول الله قالت زينب: يا رسول الله إن أبا العاص إن بعد فهو ابن الخالة وإن قرب فهو أبو الاولاد وقد أجرته يا رسول الله فوقف النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا أيها الناس إن هذا الرجل ما ذممته صهرا وإن هذا الرجل حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي
فإن قبلتم أن تردوا إليه ماله وأن تتركوه يعود فهذا أحب إلي وإن أبيتم فالأمر إليكم والحق لكم ولا ألومكم عليه. ( شورى ) فقال الناس: بل نعطيه ماله يا رسول الله. ( أدب الجنود )
فقال النبي: قد أجرنا من أجرتِ يا زينب ثم ذهب إليها عند بيتها وقال لها: يا زينب أكرمي مثواه فإنه ابن خالتك وإنه أبو العيال ولكن لا يقربنك فإنه لا يحل لك.( رحمة وشريعة ) فقالت: نعم يا رسول الله.( طاعة )
فدخلت وقالت لأبي العاص بن الربيع: يا أبا العاص اهان عليك فراقنا؟هل لك إلى أن تسلم وتبقى معنا ؟( حب ورجاء )قال: لا وأخذ ماله وعاد إلى مكة
وعند وصوله إلى مكة وقف وقال: أيها الناس هذه أموالكم هل بقي لكم شيء؟ ( أمانة )
فقالوا: جزيت خيراً وفيت أحسن الوفاء. ( فطرة )قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله( هداية من الله ونعمة )
ثم دخل المدينة فجراً وتوجه إلى النبي وقال: يا رسول الله اجرتني بالأمس واليوم جئت أقولها صادقاً اشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.( دفع بالتي هى أحسن )
ثم قال أبو العاص بن الربيع: يا رسول الله هل تأذن لي أن أرجع زينب ؟ ( عشرة وحب ) فأخذه النبي وقال: تعال معي ووقف عند بيت زينب وطرق الباب وقال: يا زينب
إنّ ابن خالتك جاء لي اليوم يستأذنني أن ترجعي له فهل تقبلين؟ ( أب و راعي ) فأحمرّ وجهها وابتسمت.( رضى دائم )
بعد سنة من هذه الواقعة ماتت زينب..فبكاها إبو العاص بكاء شديداً حتى رأى الناس رسول الله
يمسح عليه ويهون عليه فيقول له أبا العاص: والله يا رسول الله ما عدت أطيق الدنيا بغير زينب.( رفيقة العمر )
ومات بعد سنة من موت زينب. ( أرواح مجندة )
ثانيا ماتضعه الفتاة من شروط مقبولة، كيف اختار شريك حياتى؟ القرار ليس سهلا كما يتوقع الكثير من الناس، والشباب يحزن كثيرا عندما يتم رفضه من قبل الفتيات، هل انت افضل من امير المؤمنين عمر ابن الخطاب؟
كيف تختارين شريك حياتك؟ السيدة ام كلثوم ابنة ابوبكر الصديق وضعت شروطا لشريك حياتها فماذا قالت وكيف رفضت امير المؤمنين ومن اختارته ليكون لها زوجا؟
لما اراد عمر بن الخطاب الزواج من أم كلثوم بنت أبي بكر وكان حينئذ أمير المؤمنين فبعث إلى أختها السيدة عائشة رضي الله عنها فرحبت بذلك السيدة عائشة وسعدت بهذا الخبر
فأسرعت إلى أختها تبشرها بالنبأ السعيد ففوجئت بأم كلثوم تقول لها : وما أفعل بعمر ؟!!! ذلك رجل خشن العيش شديد الغيرة لا يملأ رأسه إلا الرعية وأنا شابة أريد من يصب عليَّ الحب صباً ويكون عابداً لله
فاستنكرت عليها ذلك السيدة عائشة قائلة :يا بنيتي إنه عمر أمير المؤمنين فغضبت أم كلثوم وقالت : والله إن لم تتركيني لأصرخن أمام قبر رسول الله أني لا أريد عمر بن الخطاب فحارت السيدة عائشة في أمرها فذهبت تستنجد بعمرو بن العاص تخبره أنها حائرة في أمرها فذهب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب وقال له ألا تتزوج ؟
فقال عمر بسعادة بلى فسأله عمرو بن العاص ممن ؟ فرد عليه أم كلثوم بنت أبي بكر !! فرد عليه عمرو بن العاص : ومالك وتلك الجارية مات أبوها منذ شهور فتبكي لك بالليل والنهار تنعي أباها
فنظر إليه عمر بن الخطاب نظرة ذات مغزى سائلاً إياه : أو حدثتك عائشة ؟ فرد عمرو بن العاص : نعم ففهم عمر بن الخطاب ثم أومأ برأسه : إذن لا داعي لها .
انظروا الى جُرأة هذه الفتاة الصغيرة وهي ترفض أمير المؤمنين !! وانظروا الى هذا المجتمع الرائع الذي تقبل وجهة نظرها باحترام..!! وانظروا الى حسن تدبير امنا عائشة وعمرو بن العاص في ايجاد طريقة لبقه لابلاغ عمر بالامر
وانظروا الى عمر وهو يتقبل هذا الرفض – و هو الفاروق امير المؤمنين- بروح رياضية
وانظروا لأُم كلثوم و هي تعلن دون حرج حاجتها لرجل يصب عليها الحب صبا دون ان يتنافى ذلك مع اشتراطها للدين حين قالت (ويكون عابدا لله) و لهذا تزوجت رضي الله عنها بعد ذلك طلحة بن عبيد الله وهو من العشرة المبشرين بالجنة.
ثالثا اتعرفى على نفسك :
يجب علي الفتاة أن تتعرف على نفسها وصفاتها بشكل واضح، وتعرف ميولها وتطلعاتها ومن هنا سوف تستطيع أن تحدد شريك حياتها، فمثلاً إذا كانت رومانسية فلن يتوافق معها الرجل ذو التفكير المادي، وإذا كانت هادئة الطبع فلن يتوافق معها الشريك المتوتر العصبي .
رابعا شريك يدعم أحلامك وطموحاتك:
لكل مرأة تطلعاتها وطموحاتها الخاصة منهن من تنحصر تطلعاتها في تكوين أسرة مستقلة لتهب لها كل وقتها وحياتها ومنهن من ترغب في إتمام الدراسات العليا بعد الجامعة مثلًا أو التقدم في عملها، وهذه الطموحات يجب مناقشتها بوضوح مع شريك الحياة والتأكد من دعمه التام لها قبل إتمام الزواج منه .
خامسا التوافق من الجانب الفكري:
بعض الرجال يكون لهم اتجاهات متشددة نحو معتقدات وأفكار معينة؛ سواء سياسية كانت أو دينية أو إجتماعية وهذا إذا لم يكن متوافق مع أفكار الطرف الآخر فإن العلاقة سوف تفشل بشكل حتمي إذا يجب أن تتوافق المرأة فكرياً مع الطرف الأخر قبل الزواج.
سادسا توافق في المستوى العلمي:
التوافق على المستوى العلمى يخلق بيئة صحية للحوار بين الطرفين لكن عدم التوافق يشعر أحدهم بالدونية والنقص أمام الآخر وهنا ستفقد هذه العلاقة أهم مميزاتها وهى التكامل بين الطرفين وهذا لن يتحقق أبداً في ظل وجود فجوة ثقافية كبيرة بينهما .