تعد صناعة الكتان في مصر من أعرق الصناعات التي عرفها الإنسان على مر الزمن، فقد استعان به القدماء المصريين فى الكثير من الإستخدامات التي لم تقتصر على الملابس فقط، وإنما استخدموه أيضا فى صناعة الحبال لرفع الصخور التي شيدوا بها مبانيهم، والأشرطة التي تلف حول مومياوات الفراعنة، لحفظها بعد إتمام عملية التحنيط.
ظلت مصر تشتهر بصناعة الكتان حتى وقت قريب، وكنا ندرس في الجغرافيا أن من بين أشهر الزراعات و الصناعات المصرية ، زراعة الكتان وصناعة الزيوت والمنسوجات والملابس، ففي العصر الحديث كانت عمليات التصنيع تتم من خلال شركتين تابعتين للدولة الأولى الشركة الشرقية للكتان التي توقف إنتاجها عقب بيعها، والثانية شركة طنطا للكتان والزيوت التى بيعت ايضاً عام 2005، لمستثمر سعودى ضمن سياسات الخصخصة التي انتهجتها الدولة انذاك، الأمر الذي أدى الى قيام أهالي قرية شبرا ملس لتصديره كمواد خام لدول عديده.
تعد قرية شبرا ملس ، قلعة صناعة الكتان فى مصر والشرق الأوسط فهي إحدى أهم وأكبر القرى التي تعمل بهذا المجال، حيث تقوم بتجميع الكتان من جميع محافظات مصر وتصنيعه كمواد خام أولية استعداداً لتصديره، حيث يعمل مايقرب من 90% من أبناء القرية فى زراعة وصناعة الكتان ويوجد بها حوالى 30 مصنع صغير، ويعمل بهذه الصناعة المهمة أكثر من 20 ألف عامل بمختلف دورات الكتان من الزرع والتحميل التصنيع.
يمر الكتان بعدة مراحل للتصنيع، تبدأ بمرحلة«التشوين» ثم دهسه بالجرارات الزراعية حتى يتم فصل البذور عن الأعواد، وتسمى هذه المرحلة بـ«الهدير»؛ حيث تجمع البذور فيما بعد لتدخل فى صناعة زيت بذر الكتان ( الزيت الحار) الذي يحتوي على الكثير من البروتينات و الألياف و الأوميجا 3، والزيت المغلي منه يدخل فى صناعة الورنيش
و البويه والشموع، فضلًا عن الإستفادة من مخلفات البذور بعد عصر الزيت فى صناعة الأعلاف.
تأتى بعد ذلك مرحلة «التعطين» وخلالها تُنقع أعواد الكتان فى «المعطنة»، وهو مكان يشبه بركة المياه لمدة تصل إلى 10 أيام لفصل الخشب عن العود، ثم يتم نشر الكتان لتجفيفه ليدخل إلى الماكينات على 3 أجزاء هى.. «كتان شعر» و«العوادم» و«الساس» فالشعر هو الهيئة المبدئية له قبل التصنيع النهائي؛ حيث يستخدم فى صناعات كثيرة مثل الملابس وقلوع المراكب وشِباك الصيد وخراطيم الحريق.
الألياف الطويلة من الكتان تنتج خيوطًا فاخرة، بينما يتم الإستفادة من الخيوط القصيرة في صناعة الحبال والدوبارة وأوراق الطباعة والعملة (البنكنوت) وفلاتر السجائر ، أما «العوادم» و«الساس» فيستخدمان فى صناعة الخشب الحبيبي.
على الرغم من الأهمية الكبرى لنبات الكتان نظراً للإستفادة من كل عناصره، ووجود العمال المهره، إلا انه بعد بيع شركات تصنيع الكتان اضطر أهالي قرية شبرا ملس إلى تصدير شعر الكتان إلى الصين التي تعتبر من أكبر الدول المستوردة له كما يتم تصديره أيضاً لأكثر من دوله أوروبية حيث يتم تصديرة كمادة خام أولية بمتوسط سعر الطن 3500 دولار بينما يتم إعادة استيرادة مرة أخرى بعد تصنيعه إلى منتجات عديده بمتوسط سعر 60000 دولار للطن الواحد، وهذا بالطبع يؤثر على الدخل القومي المصري.
ونحن على اعتاب الجمهورية الجديدة أأمل أن تسترد مصر مكانتها كرائده في مجال تصنيع الكتان خاصة أننا نمتلك كل أدوات النجاح في هذا المجال من حيث المادة الخام والأيدي العاملة الماهره المدربة والأسواق التي يكتسب الكتان المصري فيها سمعة طيبة ، خاصة أن الدولة تستعد لتنفيذ المرحلة الثانية التي تعتمد على المشاريع الصناعية بعد أن انتهت من المرحلة الأولى، التي اعتمدت فبها على إنشاء بنية تحتية قوية من شبكات طرق وكبار وأنفاق لربط الدولة ببعضها استعداداَ لعمليات التصنيع، التي تعتمد فيها على الزراعة والصناعة وحسن استخدام المواد الخام في التصنيع لزيادة الدخل القومي والقضاء على البطالة، وبالتالي خفض نسبة التضخم والوصول للإكتفاء الذاتي وزيادة الصادرات ،فالزراعة والصناعة أساس إقتصاد أي دولة وأساس تقدمها وازدهارها