مؤتمر حوار الحضارات :العولمة ذوبان للهوية وزعزعة للدولة الوطنية
كتب: محمد حربي
دعا المشاركون في الملتقى العلمي ” دور الإعلام في إثراء الحوار بين الحضارات “، التي نظمته كلية الإعلام بجامعة القاهرة، بالتعاون مع رابطة العالم الإسلامي، إلى توخي الحيطة والحذر من ظاهرة العولمة، لما تنطوي عليه من مؤامرة لزعزعة الدولة الوطنية، حيث تسعى إلى ذوبان الهوية، ليكون عالم بلا دولة، أو أمة، وظهور، وتولد نزعة الانتماء القبلي، وبالتالي يؤدي للتطرف.
وقد ناقش الملتقى العلمي ” دور الإعلام في إثراء الحوار بين الحضارات “، برعاية الشيخ محمد بن عبدالكريم العيسى، رئيس رابطة الجامعات الإسلامية، والدكتور عمرو عزت سلامة، أمين عام اتحاد الجامعات العربية، والدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، وإشراف للدكتورة حنان جنيد، عميدة كلية الإعلام بجامعة القاهرة، والدكتور سامي الشريف، الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، عدد من المحاور الرئيسية هي:العلاقات بين الحضارات صدام أم تكامل؟!، الصور المتبادلة بين الشرق والغرب .. الأسباب وسبل الإصلاح.، وسائل الإعلام العابرة للقارات وتوظيفها لخدمة الحوار بين الحضارات.، استراتيجية إعلامية لدعم فكرة الحوار والتكامل بين الحضارات.، المشتركات الإنسانية بين الشرائع السماوية ودور الإعلام فى إثرائها
وأكد الشيخ محمد بن عبد الكريم العيسى، أهمية الفكرة التي يناقشها هذا الملتقى، لكونها تمس جوهر الوجود البشري، ومساره، وتطلعاته المستقبلية، موضحا أن البشرية كلها، وصلت إلى قناعة بأن الصراعات والحروب، أصبحت أكثر كلفة وأشد خطرا، وتدميرا من أي وقت مضى، على الرغم من أنه مازال هناك حملة الأحقاد التاريخية، ومروجي الكراهية الدينية، ومنظري الصراع الحضاري، لإشعال فتيل الصدامات والانقسامات.مشيرا إلى أهمية الحوار الصادق والمثمر بيننا، كإخوة في الإنسانية، وشركاء في عمارة الأرض، لافتا إلى جدوى محور الإعلام.
من جانبه أكد الدكتور سامي الشريف، على أهمية هذا الملتقى العلمي، والذي جاء في إطار مبادرة “أصول التفاهم والسلام بين الشعوب وبين الشرق والغرب”، منذ أطلقها الشيخ محمد بن عبد الكريم العيسى رئيس رابطة الجامعات الإسلامية والأمين العام لرابطة العالم الاسلامي، في شهر يونيو الماضي، من فوق منبر الأمم المتحدة، ووجدت صدى كبير من جانب العلماء والسياسيين والمفكرين في مختلف دول العالم، باعتبارها خطوة نحو إقامه جسور الصداقة بين شعوب العالم على اختلافهم.
واشار الدكتور سامي الشريف إلى أن التكامل شرقا وغربا، هو خيار استراتيجي لتقارب الشعوب، لافتا إلى ضرورة استثمار الجامعات بوصفها منارة العلم والفكر المستنير، لإعداد أجيال المستقبل، التي تمثل اللبنة الأولى لتبني مثل هذه المبادرات التي تحمي البشرية من ويلات الحروب والصراعات التي يؤججها دعاة الفكر المتطرف.
وأضاف، أنه لا سبيل للعيش في هذا الكوكب إلا من خلال الحوار البناء والتعامل الوثيق بين مختلف الدول والشعوب دون اعتبار إلى صراعات واختلافات إذا استمرت ربما تهدد الجميع بالهلاك، مشددا على أن ثورة الاتصال وتكنولوجيا المعلومات حققت طفرة واسعة وأصبحت وسائل الإعلام واحدة من أكبر المؤسسات المجتمعية انتشارا وقدرة على التأثير. ونوه الدكتور سامي الشريف، إلى أن هذا الملتقى أهتم بمناقشة دور وسائل الإعلام في إثراء الحوار بين الحضارات، نظرا لازدياد أهمية وسائل الإعلام التقليدية والجديدة في ظل ما نشهده من ظروف وسيادة مفاهيم جديدة كالعولمة والكوكبة التي تستهدف تدمير الانتماءات الوطنية وطمس هويتها، محذرا من أن العولمة التي تبشر بها وسائل الإعلام هي دعوة لعالم بلا دولة دون أمه دون وطن.مطالبا الدول العربية والإسلامية للقيام بدورها الوطني لدعم قيم الانتماء الوطني، وتكون حائط صد لكل محاولات وسائل الإعلام المعادية التي تعمل على زعزعة أمن الأوطان واستقرارها.
من جانبها أكدت الدكتورة حنان جنيد، عن فكرة للخروج بمؤلف علمي يجمع بين رابطة الجامعات الإسلامية وجامعة القاهرة، لوضع آليات لصورة ذهنية متميزة حضارية تخاطب الأخر لدعم مكانة مصر والوطن العربي، داعية المختصين للإسهام في هذا المؤلف.
واتفق الدكتور عمرو عزت سلامة مع الآراء المؤكدة على أهمية هذا الملتقى في الوقت الراهن، خاصة تلك الظروف التي يشهدها العالم، مع ازدياد حدة الانقسامات، نتيجة لمظاهر التوتر والنزاعات وعدم الاستقرار في مناطق عديدة من العالم، وأن التنوع والاختلاف هو أمر طبيعي في المجتمعات الإنسانية، مشيرا إلى أن التاريخ يكشف لنا عن مساهمة مختلف الحضارات في تشكيل الحضارة الانسانية على مر العصور، حيثد تمت على مدى قرون عديدة من الزمن عملية اخصاب بين الحضارات، لتكون عملية التفاعل هذه هي احدى اعظم انجازات الانسانية.لافتا إلى أهمية الاستفادة من تقنيات الثورتين الصناعية الرابعة والخامسة من أجل تطوير صناعة الإعلام في المنطقة العربية والاسلامية وتقديم إعلام موحد ومعاصر يقوم على التعددية والاستقلالية والتنافسية والمهنية والحرية المسؤولة، وتقديم صورة صادقة وموضوعية عن واقع الدولة للمجتمع وللعالم الخارجي، والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة والشاملة من خلال الاتصال والإعلام والتعبيرعن أولويات المجتمع وحاجاته.
بدوره أكد السفير محمد العرابي، أن موضوع الملتقى له بعد سياسي، وقد برز ذلك بشكل واضح في بعض المواقف المعادية للديانات، من حرق للكتب المقدسة، وما ترتب عليها من إثارة حالة الغضب، وإحراق للسفارات ومقرات البعثات الدبلوماسية، وسحب للسفراء، وتوتر في العلاقات بين الدول.
لافتا إلى الفكرة التي قامت عليها نظرية صموئيل هنتنجنتون، بأنه بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، كان لابد من البحث عن خلق عدو جديد، للمحافظة على الحضارة الغربية.