آراء

أنا معك

 

بقلم…. إيمان الكاشف

لا، لستَ وحدَكَ، إنَّما روحي معَك
أحسِبتَ أنِّي لن أَراكَ وأَسمَعَك؟!

أنا لا أُصِدِّقُ ما تَقولُ لأنَّني
أُصغِي لقلبي وهو يُبصِرُ أدمُعَك

قلبي يَقولُ بأنَّ جُرحَكَ غائرٌ
والحزنَ ليسَ يَكُفُّ عن أن يَتبَعَك

فلْتَخدَعِ الأغيارَ ولْتَصدُقْ معي
إنِّي أناكَ وصابَني ما أَوجَعَك

في عالَمِ الذَّرِّ التَقَينا مرَّةً
ونسِيتُها واللهُ فيَّ استَودَعَك

حتَّى ذكَرتُكَ حينَ شاءَ لقاءَنا
وأَرادَ في ليلِ الأسى أن يُطلِعَك

سبحانَ مَن خلَقَ الجراحَ توائمًا!
سبحانَ مَن لجَمالِ حزني أَبدَعَك!

لا تَبكِ يا طفلي الحزينَ وضُمَّني
فلسوفَ يُضحِكُنا غدًا ما روَّعَك

ولسوفَ نَسخَرُ مِن سرابِ مخاوفٍ
ونَقولُ إنَّ الوهمَ ما قد أَفزَعَك

أتَظُنُّ أنَّكَ صدفةً قابَلتَني
وبأنَّ لمعَ الحُبِّ لاحَ ليَخدَعَك

وتَظُنُّ أنِّي في فلاكَ غزالةٌ
ستَفِرُّ رعبًا حينَ تُبصِرُ أضبُعَك؟

أنا أنتَ؛ كيفَ النَّفسُ تَهجُرُ نفسَها
يا نبضَ قلبي كيفَ لي أن أَنزِعَك؟!

اخرُجْ مِن السِّجنِ الذي شيَّدتَهُ
بالوهمِ وافتَحْ للمُتَيَّمِ أذرُعَك

ماذا أَقولُ لجَلمَدٍ مُتَجَلِّدٍ
ونزيفُ ألفِ قصيدةٍ ما أَقنَعَك؟!

أَسقيكَ شهدًا لا تُمَيِّزُ طعمَهُ
وتَراكَ مسمومًا ستَلقَى مَصرَعَك

يا أيُّها المجروحُ لا تَكُ قاسيًا
ها قلبُكَ الخفَّاقُ يَسكُنُ أضلُعَك

لستَ الطَّبيبَ لكي تُقَرِّرَ بترَهُ
دَعْ عنكَ يا جرَّاحَ نفسِكَ مِبضَعَك

ولْتُعطِني ولْتُعطِ نفسَكَ فرصةً
أفمَن هداكَ إلى المَحَبَّةِ ضيَّعَك؟!

واللهِ ما ضعنا وقد أُهدِيتَ لي
واللهُ لي بَعدَ التَّفَرُّقِ أَرجَعَك

قد باعَدَتنا في الحياةِ دروبُنا
فأَرادَتِ الأقدارُ أنْ بي تَجمَعَك

واللهُ أَرسَلَني إليكَ لكي تَرَى
إمَّا ضلَلتَ فما قلاكَ وودَّعَك

لو كنتَ تَعرِفُ كم أُحِبُّكَ يا أنا
ودرَيتَ قدرَكَ في الفؤادِ ومَوقِعَك

ورأَيتَ روحي في المنامِ وقد جثَت
تَبكِي على قدميكَ، تَحضُنُ مَضجَعَك

وسمِعتَ شِعري لا بأذْنِكَ، إنَّما
أَلقيتَ روحَكَ للقصيدِ ومَسمَعَك

لعدَوتَ لي وجَناحُ قلبِكَ طائرٌ
وترَكتَ كلَّ العالَمينَ ومَوضِعَك

وثوَت لآلئُ في يديَّ سكَبتَها
فلثَمتُ في شوقٍ يديكَ ومَدمَعَك

أَلقَيتَ لي قولًا أَتوقُ سماعَهُ
والشِّعرُ كم خدَعَ اللِّسانَ وأَسمَعَك!

أنا في انتظارِكَ لو يَطولُ ولو يَشاءُ
اللهُ في جنَّاتِهِ بي مَجمَعَك

الموتُ خيرٌ مِن مُصابِ فِراقِنا
وإذا قضَيتَ فإنَّني أَقضِي معَك

زر الذهاب إلى الأعلى