أهم الأخبارمنوعات

ثلاثة مواقع أثرية بينها معبد يهودي تفتح أبوابها للجمهور بعد ترميمها


كتب: محمد حربي
ثلاثة مواقع أثرية تاريخية، تم إعادة ترميمها، بمنطقة مصر القديمة، وهي معبد إبراهام بن عزرا، وحصن بابليون، وبرج مأخذ مجرى العيون، وإفتتاحها أمام الجمهور، ووضعها على الخريطة السياحية.
وأكد محمد عبده شاكر، الباحث بدرجة الدكتورا، ومفتش آثار بمنطقة آثار مصر القديمة والفسطاط، أن معبد بن عزرا، ينسب إلى ابراهام بن عزرا وهو واحدا من عظماء اليهود في العصور الوسطي، ، كان في الأساس جزء من المجمع الكنسي، بمنطقة مجمع الأديان، بمصر القديمة، حيث قد مرت بالكنيسة ضائقة مالية، مما دفعها للتنازل عن جزء من مبانيها، أخذته الطائفة اليهودية، التي أقامت عليه معبد بن عزرا.
والمعبد، يعد واحدا من أهم وأقدم المعابد اليهودية في مصر، حيث كان يحوى على العديد من نفائس الكتب المرتبطة بالعادات والتقاليد اليهودية، وحياتهم الاجتماعية في مصر، بالإضافة إلى الجنيزا وهي عبارة عن مجموعة من الكتب واللفائف والأوراق والتي تمثل أهمية لدي الدارسين والباحثين المهتمين بالحياة الاجتماعية لليهود في مصر
والمبنى الأصلي للمعبد الحالي، الذي تم بناؤه في القرن الثاني عشر الميلادي، قد تعرض للتهدم، بينما المبنى الحالي أنشئ في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، ونفس الشئ تعرض المعبد لحالة من التدهور، استدعت عمليات ترميم له في عام 1990، ثم مر بمراحل أخرى من التدهور، استدعت المشروع المتكامل 2020 -2021، وكان الافتتاح على يد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي .
وقد تمثلت معظم أعمال الترميم، في جزء منها في الأخشاب، والأحجار، والسقف.. فبالنسبة للأخشاب، فأغلبها كانت معالجة، وتغيير للبراطيم، وهي الأجزاء المستطيلة التالفة في السقف، حيث تمت عملية حقن لبعضها، وإستبدال آخر، ومعالجة الألوان.
أيضا شمل الترميم أعمال السقف، حيث للمعبد سقفين، أحدهما الخشبي، وألا خر حجري، الذي تم تفكيكه، وإعادة تسقيفه مرة أخرى، إذ يصلي الرجال بالطابق السفلي، والسيدات بالطابق العلوي .. كما شملت عمليات الترميم، الميكفاه – مكان مليء بالماء يستعمل من أجل الاستحمام والاغتسال التعبدي عند اليهود-، الذي ينفصل فيه الرجال عن النساء، بالإضافة إلى الغرفة الخاصة، بإلقاء الأمنيات من الزائرين .
كذلك تمت معالجة أرضيات الرخام، واستبدال التالف منها بأخرى حديثة، كما جرت أعمال الصيانة للإضاءة وشبكة الكهرباء بالمعبد، ورفع كفاءتها، كما تم وضع الحواجز لمنع الطيور، كالغربان، والخفافيش، وغيرهما من دخول المعبد .
وللزائر لمعبد بن عزرا، أول ما يشاهده عند الدخول مستطيل بالرخام وهو تجسيد للصندوق – يسمى عند اليهود أطلس المعجزة -الذي وضعت فيه أم سيدنا موسى طفلها، عندما ألقته بالنيل، يليه ألبيما، ما يشبه المنبر يعتليه الحاخام، عند الصلاة، وفي النهاية هناك قدس الأقداس، ما يشبه المحراب، الذي يحدد اتجاه القبلة لليهود لأدار الصلوات.
كما يلمس الزائر للمعبد انعكاسات الطابع المعماري للقرن التاسع عشر الميلادي، بداية من الملك فؤاد، مجموعة من النقوش والزخارف، ذات الطراز العربي الإسلامي، سواء كانت رموز نباتية كالأوراق الثلاثية، والمراوح النخيلية، أو شغل الأرابيسك، بالعاج والصدف، والنقوش الإسلامية، كالمربعات، والنجوم، تتوسطها نجمة داود السداسية، ذات الدلالة الدينية والسياسية.
أما مكتبات الرواق الجنوبي الغربي فهي عبارة عن ست دواليب مُتلاصقة يجمعها إطار مُستطيل واحد والكل مُزخرف بالعاج والصدف وعليها زخارف كتابية بالعبرية .وقد تم اكتشاف الجنيزا لأول مرة عند ترميم المعبد وانهيار سقف غرفة الجنيزا عام 1890.
أعمال الترميم
شهد معبد بن عزرا عدد من أعمال الترميم كان أهمها عام 1889م حيث تم هدم معظم البناء وبناءه من جديد على أسلوب البناء القديم المعروف بالطراز البازيليكى، وفي عام 1982، أجريت للمعبد أعمال ترميم شاملة قامت بها بعثة المركز الكندي للعمارة بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار استغرقت حوالى عشر سنوات، شملت الترميم المعماري والترميم الدقيق للأثاث وأدوات المعبد.
حصن بابليون
أما الجزء الآخر الذي تم إعادة ترميمه وافتتاحه، الخاص بحصن بابليون، الذي يقع في وسط حي مصر القديمة بجانب المتحف القبطي، حيث يوجد أبراج يعلوها بقايا حصن قديم يسمى “حصن بابليون”، تم تسجيله في عداد الآثار الإسلامية عام 1951.

وحصن بابليون، يتكون من مجموعة من الأبراج، بعضها على شكل مربع، والآخر مستدير، وهي من الحجر، والطوب، بطريقة هندسية، وبينهما قواطع خشبية، تزيد من درجة المتانة والصلابة، لدرجة أن الكنيسة المعلقة – ليس لها أساسات، وتم تشييدها على أحد أبراج الحصن.

أُطلق عليه هذا الاسم منذ عهد الفراعنة نسبه إلى أسرى بابل الآسيوية وأن الأبراج والأسوار الظاهرة حتى اليوم إنما هي بقايا لحصن بابليون الذي استمد اسمه بطبيعة الحال من المدينة العظيمة التي شيد فيها وترجح أغلب المصادر التاريخية أن “تراجان” أحد أباطرة الرومان هو الذي اهتم بإعادة بناء في بداية القرن الثاني للميلاد.
وقد أطلق الفُرس على حصن بابليون اسم قصر الشمع، حيث كانوا قد خصصوا قاعة كبيرة في أحد أبراجه لإشعال الشموع الكثيرة كل شهر في ليلة انتقال الشمس من برج إلى آخر.
يتميز حصن بابليون بأهمية خاصة حيث يعتبر الأثر الوحيد الباقي من آثار الامبراطورية الرومانية في مصر. وقد كان حصن بابليون أقوى حصون الديار المصرية على الإطلاق ومنه دخل القائد “عمرو بن العاص” مصر أثناء الفتح الإسلامي.
وللحصن 5 أضلاع غير منتظمة تدعمها أبراج جدارية نصف دائرية عديدة ولم يبقَ من مباني الحصن سوى الباب القبلي به برجان كبيران، بني فوقهما كنائس كل من المعلقة، ومار جرجس، وأبو سرجة، ومار جرجس، والعذراء قصرية الريحان، ودير مار جرجس للراهبات، والست بربارة، والمعبد اليهودي والمتحف القبطي.
مشروع ترميم الحصن:
تضمن المشروع أعمال ترميم وتطوير الجزء الجنوبي من الحصن الموجود أسفل الكنيسة المعلقة والمسمى ببوابة عمرو، وذلك بعد الانتهاء من أعمال المرحلة الأولى من المشروع والتي شملت تنظيف جميع واجهات الحصن الخارجية والداخلية، وإزالة كافة الاتساخات والأتربة والبقع العالقة بالأحجار، كما تم تطوير منظومة الإضاءة به، والتي ساهمت بشكل أساسي في إظهار الجمال المعماري للحصن والوظيفة الأصلية للمبنى. كما تم معالجة الجدران وتكحيل العراميس لتوضيح شكل الأحجار المتواجدة وترميم الأجزاء المتدهورة منها، وعمل تغشيه للشبابيك الخاصة بالحصن بمشاركة معهد الحرف الأثرية بالمجلس الأعلى للآثار، وكذا تنفيذ خدمات الزائرين بالموقع.
مجرى العيون
وكان الأثر الثالث، الذي تمت إعادة ترميمه، وافتتاحه، هو برج مأخذ سور مجري العيون، وهو عبارة عن قناطر للمياه تقع بمنطقة مصر القديمة بشارع مجرى العيون وطريق صلاح سالم، وقد تم تسجيلها في عداد الآثار الإسلامية عام 1951، وهي تمتد من فم الخليج إلى باب القرافة بميدان السيدة عائشة ويبلغ امتدادها ما يقرب من ثلاثة كيلومتر بعدد 292 فتحة، تبدأ من برج المآخذ وهو يمثل الجزء الأول للسقاية ويتكون من برج سداسي الشكل من الحجر، يوجد بسطحه عدد 6 سواقي يصعد إليها عن طريق منحدر من الجانب الشرقي للبرج.
يتوسط برج المأخذ من أعلى حوض كبير سداسي الشكل من الطوب الأحمر ليمنع تسرب المياه إليه بواسطة السواقي الستة التي كانت مركبة بسطح البرج إذ ترفع المياه إليه لتصب في أحواض حجرية صغيرة تتصل بالحوض الأوسط الكبير عن طريق قنوات صغيرة، عبارة عن عقود مدببة ترجع لعصر السلطان الغوري وهي محمولة على دعامات من الحجر. وقد ظلت هذه القناطر مستعملة حتى عام 1872.

تاريخ برج مأخذ سور مجري العيون:
يرجع تاريخ إنشائه إلى الناصر صلاح الدين الأيوبي، حيث كان الهدف من بنائه هو تزويد قلعة صلاح الدين الأيوبي بالماء، ثم جددها السلطان الناصر محمد بن قلاوون تجديدا كاملا سنة 1312، وأقام لها السلطان الغوري خلال فترة حكمه مأخذا للمياه به ستة سواقي بالقرب من مسجد السيدة عائشة.

ولم يتبق من القناطر العتيقة التي أنشأها صلاح الدين الأيوبي شيئا سوي بقايا قليلة في بداية المجرى من ناحية القلعة المواجهة لمسجد السيدة عائشة.
وقد أعاد السلطان الناصر محمد بن قلاوون بناءها كاملة على مرحلتين، أنشأ خلالهما أربع سواقي على النيل بفم الخليج لرفع الماء من خليج صغير عند حائط الرصد الذي يعرف اليوم باسم إسطبل عنتر تجاه مسجد أثر النبي.
وتتكون عمارة هذه القناطر من سور ضخم يمتد من فم الخليج حتى ميدان السيدة عائشة، بعدما كان قديما حتى القلعة، وقد بُنى هذا السور من الحجر النحيت وتجرى عليه مجراه فوق مجموعة ضخمة من القناطر (العقود) المدببة كانت تنتهي بصب المياه في مجموعة من الآبار الضخمة داخل القلعة.
وفي عصر السلطان الغوري، أقيم لهذه القناطر مأخذ مياه آخر به ست سواقي بالقرب من السيدة نفيسة لتقوية تيار المياه الواصلة منها إلى آبار القلعة، وكان الهدف من إنشائها هو تزويد قلعة صلاح الدين الأيوبي بالماء.
وخلال العصر العثماني شهدت سقاية فم الخليج (مجرى العيون) عدد من الإصلاحات بها، كما استخدمت الحملة الفرنسية بعض أجزائها كحصن حربي للمراقبة وجعلت فيها فتحات كبيرة لمدافعها، ثم قام محمد على باشا بإنشاء تفريعه لتصل المياه إلى قبة الإمام الشافعي ومدفن العائلة المالكة.
مشروع الترميم:
فقد تضمنت الأعمال ترميم وصيانة السواقي الخشبية المقامة أعلى المبنى، وإزالة التعديات على السور والحرم الأثري، ومعالجة وتنظيف الأحجار، وإزالة طبقات السناج والاتساخات، وصيانة الأشغال الخشبية والأرضيات بالممرات الداخلية، وتأهيل السلالم وتغشية الفتحات، بالإضافة إلى رفع كفاءة المنطقة المحيط بالأثر.

زر الذهاب إلى الأعلى