كتب: محمد حربي
أكد الدكتور أحمد قنديل، رئيس وحدة الدراسات الدولية وخبير الشؤون الآسيوية، بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن قمة بريكس على مستوى القادة، في روسيا عام 2024، من المتوقع أن تناقش تدشين عملة جديدة لمجموعة، بديلا عن الدولار، وضرورة إنشاء نظام تجاري مشترك. جاء ذلك خلال مشاركته في منتدى هونج تينج – حوار القاهرة:مسارات التحديث للصين والدول الأفريقية، الذي نظمته سفارة الصين بالقاهرة، بالتعاون مع المكتب الإقليمي لوكالة أنباء شينخوا في الشرق الأوسط، والمعهد المركزي لتاريخ الحزب الشيوعي الصيني وأدبه، و معهد شينخوا .
وقد تحدث الدكتور قنديل، عن مخرجات قمة بريكس 2023 في جنوب أفريقيا أغسطس الماضي، وجاءت تحت شعار” بريكس وإفريقيا: الشراكة من أجل النمو السريع والمستقر”، من حيث التحديات و”الألغام” التي يمكن ان تقف في سبيل تحقيقها على أرض الواقع، وكيفية التغلب على ذلك، من اجل تعزيز التعاون المستقبلي بين مصر والصين ودول بريكس . وقال الدكتور قنديل، إنه يمكن الحديث عن خمس نتائج بالغة الأهمية على الأقل، تمخضت عن قمة بريكس، تتمثل في الأتي: قرار توسيع العضوية في المجموعة لتشمل بالإضافة إلى أعضائها المؤسسين الخمسة، ستة أعضاء جدد، هم: مصر والسعودية والإمارات وإيران وإثيوبيا والأرجنتين، اعتبارا من 1 يناير 2024.
نظام عالمي جديد
وقال الدكتور قنديل، إن قرار توسيع عضوية مجموعة بريكس، يعد قرارا “تاريخيا” وخطوة “مهمة” للغاية على طريق إعادة تشكيل النظام العالمي، الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة منفردة على مدى أكثر من 3 عقود، ليحل محله نظاما عالميا جديدا متعدد الأقطاب، خاصة وأنه بإضافة ستة أعضاء جدد، إلى بريكس، تصبح تستحوذ على30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، (30.76 تريليون دولار)، بحلول عام 2050، وهناك تطلعات أن يمثلوا 50% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي .
وأوضح الدكتور قنديل، أن قادة مجموعة بريكس، أعلنوا اعتزامهم تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي في التجارة العالمية، مع إمكانية تطوير بدائل للعملة الأمريكية، بما في ذلك إمكانية تدشين عملة مشتركة – ورغم الشكوك الكبيرة بشأن نجاح بريكس في إلغاء هيمنة الدولار على التجارة العالمية-، بسبب التجارة المحدودة بين دول بريكس، إلا أنه كان من الواضح وجود اهتمام كبير لدى قادة بريكس، وخاصة من جانب الرئيسين البرازيلي الروسي، بشأن ضرورة إنشاء نظام تجاري مشترك، وتدشين عملة جديدة لمجموعة بريكس. ومن المرجح أن تتابع قمة بريكس في 2024، والتي ستعقد في روسيا، هذه القضية بشكل أكبر.
إصلاح المنظمات الأممية
وأشار الدكتور قنديل، إلى أن القادة في قمة بريكس الأخيرة، أعلنوا أيضا عن ضرورة تعزيز التمثيل الفعال، وإصلاح المنظمات الدولية، منظومة الأمم المتحدة، بما في ذلك مجلس الأمن، لتعزيز تمثيل الدول النامية في منظمات الأمم المتحدة، مع تقديم الدعم لاتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA)، الذي سيكون دفعة قوية للتجارة والاستثمار في أفريقيا، فضلا عن التركيز الكبير على الاستثمار في الزراعة والاقتصاد الأخضر، بهدف تعزيز الوظائف الصديقة للبيئة، وتعزيز الممارسات الاقتصادية المستدامة ومنخفضة الكربون.
التحديات والألغام المستقبلية
وأضاف الدكتور قنديل، أن هناك بعض التحديات و”الألغام” التي قد تقف في سبيل تحقيق مخرجات قمة بريكس الأخيرة على أرض الواقع، وأبرزها: المخاوف الغربية، حيث تنتاب دوائر صنع القرار الغربية، هواجس أن تكون مجموعة بريكس، نظيرا غير رسمي لمجموعة الدول السبع الكبرى، وتعمل على تقويض العقوبات الاقتصادية التي يقودها العالم الغربي، بقيادة الولايات المتحدة، على دول مثل روسيا وإيران وغيرها، فضلا عن مخاوف احتمالات تقويض هيمنة الدولار، ولا سيما بعد التقارير التي أفادت بأن مجموعة بريكس تسعى إلى تطوير عملة احتياطية لاستخدامها من جانب الدول الأعضاء في التجارة.
لافتا إلى أن بعض المراقبين، يؤكدون أنه لا تزال مجموعة بريكس تواجه العديد من الانقسامات الاقتصادية، بمقدار ما هي منقسمة سياسيا أيضا، وأنها تعاني من الاختلافات الاقتصادية الشديدة، التي من شأنها عرقلة مساعيها لتغيير النظام الاقتصادي العالمي، ومنها على سبيل المثال، أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الهند يبلغ نحو خمس نظيره في الصين وروسيا، فضلا عن صعوبة اعتماد “عملة بريكس”، حيث يحتاج هذا الأمر عدة سنوات لتطوير البنية التحتية المالية والمصرفية، بشكل تعاوني بين الدول الأعضاء لدعم هذه العملة المشتركة .
الدول السبع الكبرى
ونوه الدكتور قنديل، إلى أنه للتغلب على التحديات والألغام، التي قد تقف أمام تنفيذ مخرجات قمة بريكس الأخيرة في جنوب افريقيا، يجب: التأكيد على أن دول هذه المجموعة لا تهدف إلى الحلول محل مجموعة الدول السبع الكبرى، بل تسعى إلى تحقيق قدر أكبر من التمثيل والتأثير في الشؤون العالمية، كما أنه للتغلب على الانقسامات السياسية والاقتصادية داخل المجموعة ، قد يكون من المفيد بناء رؤية مشتركة جديدة لمجموعة بريكس ، وذلك من خلال إنشاء منتدى للحوار السياسي بين دول مجموعة بريكس، تكون مهمته الأساسية هي”التخفيف من حدة النزاعات وحلها”، والتركيز على الحوارات بين منظمات المجتمع المدني.
وشدد الدكتور قنديل، على أهمية تحديد عناصر التعاون الاقتصادي، من خلال الاهتمام بالتعاون المرتبط بتخفيف أزمة الديون الخارجية وضغوط السيولة النقدية، وأيضا تمويل البنية التحتية والمشاريع المناخية في البلدان النامية، وتقليل هيمنة الدولار، ومواجهة أزمة تغير المناخ العالمي ومشروعات الطاقة النظيفة، ومن جهة أخرى، توجد آفاق واعدة للغاية للتعاون بين دول مجموعة بريكس في مجال تكنولوجيات الطاقة النظيفة، مثل طاقة الهيدروجين الأخضر وتخزين الطاقة والشبكات الكهربائية الذكية، هذا فضلا عن تعزيز التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية والتكنولوجيا النووية، مع وجود فرص واعدة للاستثمار العربي الصيني المشترك في مشروعات الطاقة المتجددة في دول ثالثة في المنطقة وأوروبا وأفريقيا.