دين و دنيا

الدكتور محمد شلبي يكتب : لماذا يحتاج المسلمون الى اعلاما بالصلاة وهم عليها دائمون ؟

لماذا يحتاج المسلمون إلى إعلام بالصلاة وهم عليها دائمون، ولها معظمون؟
إنه القيمة العظمى لـ(الوسيلة الإعلامية) التي هي إحدى الدعامات الأساسية التي تكفل استمرارية النجاح في أي مشروع يتخذ (بعدًا جماعيًّا).
ذلك أن الحاجة صارت ملحة إلى (وسيلة إعلامية) تخبر المسلمين بأن صلاتهم قد حانت.. فقد استقرت للمسلمين دولة، وبدأت الأبعاد الجغرافية للمدينة تتسع..
اتجه تفكير الصحابة إلى عدة وسائل.. حيث أشار بعضهم بإيراء نار يرى الناس ضوءها فتكون علامة لذلك. فكرهه النبي ﷺ، ولعل السر في هذا الرفض أن النار التي هي من جهة رمز عقاب، ومن جهة أخرى معبود مفترى، لا تصلح أن ترتبط بشعيرة أساسية في هذا الدين.

وبعضهم أشار بنصب راية، فَكَره النبي ﷺ ذلك، ولعله كرهه لكون ذلك مختصًّا إما ببيوت الخنا، تعلن به عما تخبئه لزوارها من دنس مرتبط بالجاهلية.. وهذا يناقض طهر الصلاة وتطهيرها أصحابها.

وإما بإعلان الحروب، وهذا لا يناسب الصلاة في منتجها النهائي “السلام عليكم”.. ذلك الشعار الذي يلقيه المصلي على نصف الكرة الأرضية الذي عن يمينه والآخر الذي عن شماله !!.

وأشار بعضهم ببوق ينفخ، أو ناقوس يُدَق، فَكَره ذلك لكون الأول خاصة اليهود، والثاني خاصة النصارى، وقد أمر النبي ﷺ بمخالفة هؤلاء وهؤلاء.
هذا التباحث الجاد يعكس قيمة (الوسيلة الإعلامية)، هذه القيمة في نظري لها جانبان:
قيمة ذاتية: فأية وسيلة إعلامية ذات خطر عظيم، حيث يمكن بها برمجةالناس لاعتقاد أفكار صالحة أو أخرى خبيثة، ومن ثم يؤثر كل نوع على سلوكيات من يعتقده.

قيمة تبعية: فالوسائل تقاس قيمتها بالغايات، كلما كانت الغاية أعظم كانت الوسيلة التي توصل إليها أعظم كذلك.

وهذا يفضي بنا إلى استحضار شأن الصلاة في الإسلام..
فلماذا يغتم النبي ﷺ لعدم استطاعة تحديد وسيلة لإعلام الناس بالصلاة، والصلاة بعدُ قائمة لا يتوقف أداؤها على الإعلام بها؟؟
لأن (الصلاة عماد الدين)، والنبي ﷺ يعمل لما يعلم، وهو يعلم أن الصلاة ستنخرم شيئًا فشيئًا حتى يوجد في الأمة من يؤخرها عن وقتها، ثم يطرد ذلك حتى يوجد في الأمة من يصليها مرة دون مرة، ثم يطرد حتى يوجد فيها من لا يؤديها.

وفي ضوء أن التغافل يؤدي إلى الغفلة.. يتجلى قيمة التذكير الدوري بها، فلم يقتصر توظيف هذه الوسيلة الإعلامية على الصلوات التي يتوقع من الناس التكاسل فيها، بل كل فرض منها يجب أن يتجدد التذكير اليومي به..
هذا الحرص على الأذان يعكس الحرص على الصلاة.. حتى كانت آخر ابتساماته ﷺ ابتسامة ارتسمت على ثغره المنير حين وقعت آخر نظرة منه على المسلمين وهم يصلون خلف أبي بكر .. ثم أسدل الستار وعاد فأسلم روحه للرفيق الأعلى .. صلى الله عليه وسلم.

زر الذهاب إلى الأعلى