أهم الأخبارعرب و عالممنوعات

آفاق واعدة للتعاون المصري – التركي في الذكرى المئوية لتأسيس تركيا

٢٠٠ شركية تركية بالسوق المصري واستثمارات في صناعة الحديد لكبح جماع الأسعار


كتب: محمد حربي
مرحلة جديدة، لتغليب مقاربات التفاهم، وآفاق واعدة من التعاون، وتعزيز التنسيق الجيوسياسى بين جمهورية مصر العربية والجمهورية التركية، تأتي مع إحياء الذكرى المئوية لتأسيس تركيا، على يد الرئيس مصطفى كمال أتاتورك في 29 أكتوبر عام 1923، التي تعيد إحياء النضال التركي ومناهضة الإمبريالية العالمية، وبناء الدولة العصرية.
تمتد العلاقات المصرية – التركية، بعمقها الديني، الثقافي، التاريخي، إلى زمن بعيد، وإن كان توثيقها الرسمي دبلوماسيا جرى في عام 1925، عندما علاقات دبلوماسية ثنائية بين البلدين على مستوى القائم بالأعمال، ثم تم رفعها إلى مستوى السفراء في عام 1948، وكانت هناك محطات تاريخية مهمة بين الجانبين، ومنها توقيع مصر وتركيا على اتفاقية للتجارة الحرة في ديسمبر عام 2005.
ترتب على قرار رفع مستوى الدبلوماسي بين مصر وتركيا، وتعيين السفير صالح موطلو شن، سفيرا للجمهورية التركية لدى القاهرة، آفاقاً جديدة أمام تعزيز التعاون المصري التركي، ومزيد من العلاقات التجارية بين البلدين، والتي تم تحييدها بعيدا عن تقلبات المسار السياسي، مما ساهم كثيرا في تنامي معدلات التبادل التجاري خلال السنوات الماضية.
مرحلة جديدة
هذه المرحلة الجديدة من العلاقات الثنائية المصرية – التركية، سوف تشجع السائحين على التنقل بين البلدين بسهولة ويسر، خاصة مع إعلان مصر منذ فترة عن إطلاق مجموعة من التيسيرات والتسهيلات الجديدة الهادفة للحصول على التأشيرة السياحية للجنسيات المختلفة من بينها المواطنين الأتراك، في إطار سعيها لزيادة معدلات الزيارة السياحية، والوصول إلى 30 مليون زائر سنويًا، وتوافد السائحين الأتراك، الذي تضاعف بما لا يقل عن 5 مرات هذا العام مقارنة بالعام الماضي، كما أنه من المتوقع أن يصل عدد السياح المصريين في تركيا إلى مليون سائح في غضون خمس سنوات، في إطار زيادة التبادل السياحي بين الدولتين.
ومنذ دخول اتفاقية التجارة الحرة بين مصر وتركيا حيز التنفيذ عام 2007، وارتفعت معدلات التبادل التجاري المصرية – التركية، وشهدت انتعاشة واضحة بين القاهرة وأنقرة، إلى أن وصل نحو 10 مليار دولار عام 2022 ، وشمل الغاز الطبيعي المسال، ووفقا للتوقعات فإنه مرشح للزيادة، وربما بمقدار الضعف خلال العشر سنوات القادمة بدءاً من عام 2024 القادم، في ظل حرص البلدين على تحسين العلاقات التجارية المشتركة.
خارطة طريق
هناك إرادة مصرية – تركية كبيرة، لبناء خارطة طريق لتعضيد العلاقات الاقتصادية المشتركة، من خلال تفعيل كافة أوجه التفاهمات، وجميع البروتوكولات، وكل الاتفاقات، ذات الصلة، ومن بينها الاتفاقية المعنية بتشجيع وحماية متبادلة للاستثمارات البينية، وكذلك اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي، واتفاقية التجارة الحرة، التي تم أبرماها بين البلدين منتصف العقد الأول من الألفية الثانية .
وتوجد هناك رغبة من المستثمرين الأتراك للاستثمار في السوق المصري، للاستفادة من المزايا النسبية، والتسهيلات التي تقدمها مصر للمستثمر، بما فيها تسهيل حصول التركي على تأشيرة الدخول، لدى وصوله إلى الموانئ المصرية جوا، وبحرا، فضلا عن مزايا أخرى عديدة ومتنوعة، من توافر للبنية الأساسية، إلى إمكانات تصنيعية، وحتى على مستوى العمالة ماهرة والمدربة، حيث تعمل حاليا في الأسواق المصرية نحو 200 شركة تركية، بحجم استثمارات يتجاوز ملياري دولار.
شركات تركية
وتسعى شركات تركية أخرى لضخ نحو 500 مليون دولار إضافية داخل السوق المصري، خاصة تلك التي تستهدف الأسواق الأوروبية والأفريقية، مستفيدة من عضوية مصر في اتفاق الشراكة المصرية ــ الأوروبية، واتفاقية الكوميسا مع القارة السمراء، كما يسعى المستثمرين الأتراك لشراكة مع المصريين، في إنتاج حديد التسليح التركي، يعمل على كبح جماح أسعاره، ويسهم في علاج فجوة الطلب المحلي، الناجمة عن تصفية مجمع الحديد والصلب بحلوان قبل فترة.
مع إنجاز وزارة النقل المصرية لمشروع القطار السريع، الذي يربط البحرين المتوسط والأحمر، وشمال البلاد بجنوبها، من شأنه تشجيع المستثمرين الأتراك، لأنه سوف يسهم في تخفيض تكاليف نقل البضائع والمنتجات التركية عبر مصر إلى البحر الأحمر، ومنه إلى دول الخليج وآسيا، وصولا إلى العمق الأفريقي.
إلغاء الدولار
وتدرس مصر وتركيا حاليا، تسوية المعاملات التجارية بين البلدين بالعملات المحلية، وتعزيز موقف الجنيه المصري والليرة التركية، وبناء على طلب جمعية رجال الأعمال المصريين والأتراك “تومياد “، وأنه من شأن هذه الخطوة، حل معضلة أو إشكالية شح النقد الأجنبي، وتخفيف الاعتماد على الدولار الأمريكي، وتجنب الهزات الناجمة عن عمليات السحب المفاجئ، والمربك للأموال الساخنة، حال حدوث أزمات، أو رفع الفائدة على الدولار عالميا.
الطاقة والغاز
وتتعاون مصر وتركيا في مجال الطاقة، حيث تسعى أنقرة لسد احتياجاتها المتنامية من الغاز المسال المصري، بشروط أفضل، مستفيدة من بعض المزايا النسبية، مثل القرب الجغرافي، والسعي لعقود شراء طويلة الأجل، تبرمها مع القاهرة، وأنه بتعظيم فرص التعاون في هذا المجال، يمكن للجمهورية التركية تزويد أوروبا بالطاقة، ضمن خطة وتوجه تركي بالتحول إلى مركز دولي لتجارة الغاز الطبيعي، وتصديره إلى القارة العجوز، عبر خطوط الأنابيب، التي تربطها بدولها.
التعاون العسكري
لن يتوقف التعاون المصري – التركي عند حجم التبادل التجاري، والتدفق السياحي، بل ينتقل وبوتيرة سريعة تعكس التناغم والرغبة الصادقة بين البلدين لطي الزمن، وتحسين العلاقات بين القاهرة وأنقرة، بما يسهم في تعميق وتنويع أطر التعاون الثنائي، والانتقال إلى مجالات الأمن والدفاع، عبر مباحثات ثنائية جادة حول الارتقاء بمستوى التنسيق في مجالات التصنيع العسكري، من خلال مفاوضات بشأن سبل تنشيط التعاون بين شركات الصناعات الدفاعية المصرية والتركية، في مختلف المناحي، خاصة مع انتظار مشاركة شركات تصنيع السلاح التركية في معرض الدفاع ” إيديكس 2023 “، الذي تستضيفه القاهرة، خلال شهر ديسمبر المقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى