ذكرت إحدى الدراسات التي نُشِرَت مؤخراً مفارقاتٍ طريفةٍ وهامة في نفس الوقت عن شرائح من المجتمع باتت الصورة تتحكّم في قراراتها بشكلٍ غير مسبوق وكأنها أحد أفراد العائلة شديدي التأثير.
عدداً من المشاهير اعترفوا أنهم يقومون بالتقاط صور ذاتية لأنفسهم “سيلفي” عند استيقاظهم من النوم ثم خلال الفترة التي تلي تناول الإفطار.
حيث أن انطباعهم الذاتي عن أنفسهم يلعب الدور الرئيسي في تحديد مسار اليوم وتأكيد بعض المواعيد وتأجيل البعض الآخر أو إلغائه تماماً، أيضاً من ذلك قراراتهم الخاصة بلقاء بعض الأشخاص على الصعيد الشخصي أو المهني.
والأمر قد يتطوّر إلى درجة أن البعض منهم يلغي كافة مواعيده في ذلك اليوم ولا يغادر منزله قط، والسبب هو افتقاده للوجه الذي يبحث عنه والذي يشعره بالرضا عن نفسه !
نسبة متزايدة من المشاهير من النساء خصيصاً تهتم بالحصول على مجموعة من الصور للأماكن المُفترض أن تلبي فيها بعض الدعوات، يقمن بتحليل الصور والتأمل فيها بكل تركيز ثم اتخاذ القرار الحاسم بتلبية الدعوة أو الاعتذار !
لقد تغلغلت الصورة في أحاديثنا مع أنفسنا وحواراتنا مع ذاتنا والتي تقودنا لاتخاذ قراراتٍ متباينة الأهمية. هذا دليلٌ دامغ على أن الصورة باتت تخبرنا أكثر وأكثر عن أنفسنا، وأصبحنا ننصاع لأوامرها أكثر فأكثر، تعلّقنا بالرضا الذاتي عن الأسرار التي تبوح بها وجوهنا للصورة وصل لمستوياتٍ غير مسبوقة.
قد يرى البعض أن هذا الموضوع إيغالٌ في مبالغاتٍ وتهويلاتٍ بعيدة عن الواقع، وفي هذا بعض الصحة حيث أن الموضوع لم يرقَ بعد لمستوى الظاهرة، لكن نسبة انتشاره باتت لافتة للاهتمام.
ومن زاويتي الشخصية أعتبر أن العمق النفسي للموضوع جدير بالتأمّل، ففي الماضي القريب كنا نتقبّل الحد الأدنى من المعلومات الخاصة بأي أمرٍ نقبل عليه أو أي مكانٍ سنقوم بزيارته فاتحين الباب على مصراعيه للمفاجآت السارة وغير السارة على السواء، أما اليوم فقد أصبحنا ننفر من المجهول أكثر طالما أن إمكانية تسليط الضوء المسبقة موجودة ومتنوعة الأساليب.
هل أصبحت الصورة هي المعلومة الأهم عن أي موضوعٍ محيّر يتجوّل في دهاليز عقولنا ؟ هل أصبحت الصورة المسبار الأدق الذي يقرأ لنا أبعاد الحقيقة ويخبرنا بما عجزت عنه الكلمات المجرّدة ؟
هل حقّقت الصورة قفزات مبهرة في منافستها الساخنة مع الكلمة ؟ أسئلة هامة أترك لكم مساحة الإجابة عليها !