العلمين بين مطرقة اللصوص وسندان إمبراطورية الخردة
الأهالي يستغيثون بمحافظ مطروح وينتظرون القبضة الأمنية
كتب: محمد حربي
يضع الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، توفير الأمن والأمان للمواطن، على رأس أولويات الجمهورية الجديدة، لأنه لا يمكن أن نبني وطن مع الفوضى، ولا ننهض بأمة يتملكها الفزع والخوف، وعودة الانضباط للشارع، وإحكام القبضة الأمنية، وتكثيف تواجد رجال الشرطة بين الناس، يشعرهم بالهدوء والطمأنينة، ويساعد على عمران المدن والمجتمعات الجديدة.
ويترجم اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، توجيهات رئيس الجمهورية، عبر قنوات التواصل مع مساعدي الوزير والقيادات والأجهزة الأمنية بمختلف مواقعها، من أجل تنفيذ استراتيجيات حماية أمن وسلامة المواطنين، عبر استمرار ومواصلة اليقظة الأمنية، وإبراز مظاهر القوة واليقظة، والجدية والانتشار الأمني المكثف لرجال الشرطة، سواء بالتمركز ونقاط التفتيش والأكمنة المفاجئة، أو بالدوريات المتحركة في شوارع المدن، بما يحقق مفهوم الردع العام ونشر الشعور بالأمن، وضبط الخارجين على القانون، وتأمين المنشآت العامة، والممتلكات الخاصة، وبث روح الطمأنينة عند الناس.
إمبراطورية الخردة
وعلى الرغم من كل الجهود المبذولة لبناء الجمهورية الجديدة، بما فيها تحقيق المنظومة الأمنية، فإن مدينة العلمين القديمة ” بين مطرقة اللصوص وسندان إمبراطورية الخردة “، تفتقد للأمن الاجتماعي، بسبب تزايد حالات السرقة، وظاهرة البلطجية الذين يتخذون من الأماكن المهجورة، لا سيما حول مدارس الأطفال، أوكارا لأنشطتهم الإجرامية، وإثارة الرعب في نفوس السكان المجاورين لهم في الوحدات السكنية، الذين تحولت حياتهم إلى كابوس، وينتظرون قبضة أمنية تشيد تعيد لهم الإحساس بالأمان المفقود في المدينة.
الأمن لا الخبز
وإذا كان الأمن قبل الخبز أحيانا.. والأمان قيمةٌ عظمى لا يستغني عنه الإنسان.. فإن الإحساس بالقلق والخوف، وسيطرة مشاعر الرعب والفزع، دائما ما تفسد حياة المواطنين، وتحجب عنهم رؤية الإنجازات، وجهود التنمية التي تحققت في العلمين، التي أصبحت واجهة مصر السياحية، ومستقبل الساحل الشمالي الواعد، وواحدة من أكبر مدن الجيل الرابع التي تتميز بالرقي والفخامة، بسبب انتشار ظاهرة السرقة، واللصوص، والبلطجية، وإمبراطورية الخردة، وفوضى الترويسكلات مجهولة الهوية، التي تستخدم في إرتكاب الجرائم.
السرقة والبلطجة
ولا يخفى على أحد الرهان الكبير في أن تصبح مدينة العلمين، قادرة على جذب ثلاثة ملايين شخص، بحلول عام 2030، حيث تتنوع الموارد، من شواطئ ساحلية، ومياه فيروزية خلابة تمتد لأكثر من 14 كيلو متر، بجانب الأنشطة الخدمية والصناعية الأخرى، بعد أن أصبحت من أهم المدن الاستثمارية الكبرى خلال الآونة الأخيرة في مصر، إلا أن ذلك مرهون بتوفير الأمن والأمان للسكان، من الظواهر السلبية للسرقة والبلطجة، وفوضى الترويسكلات مجهولة الهوية، وبلا لوحات معدنية، تمكن من التوصل لأصحابها حال إرتكاب الجرائم.
تشكيلات عصابية
وما زاد حالة الرعب والفزع بين أهالي مدينة العلمين بمحافظة مطروح، أن ظاهرة السرقات لم تقتصر على عمليات التسلل للمنازل والشقق، تحت جنح الليل فحسب، بل وصل الأمر إلى رصد وتعقب السيارات التي تقصد فروع البنوك المختلفة، وإنتظار نزول أصحابها منها، وتركها، فيتم تهشيم الزجاج، والسطو على كل ما بداخلها، وكأنها تشكيلات عصابية منظمة، تحتاج مواجهات، وقبضة أمنية شديدة، قبل أن يستفحل خطرها.
فوضى الترويسكلات
وأنه بدون القبضة الأمنية، والرادع القانوني، لن ينعم أهالي مدينة العلمين بالأمن والأمان، وهذا يحتاج تكثيف تواجد رجال الشرطة في الشوارع، وتعقب اللصوص، والترويسكلات مجهولة الهوية، وإعادة الانضباط، لبث الطمأنينة في نفوس المواطنين، خاصة وأن عدد من نواب مجلس النواب، ومنهم النائبان أحمد مهنى، وأيمن محسب، طرحا خلال إحدى الجلسات إشكالية ظاهرة التوكتوك والترويسسكلات، التي تسير في الشوارع، وداخل المدن، بدون تراخيص، ورخص قيادة، ولوحات معدنية، مما يجعلها تمثل خطرا على المواطنين، عند إستخدامها في أعمال غير مشروعة، من سرقة وبلطجة، فيما أنتقدت البرلمانية أنيسة حسونة، قصور دوريات الأمن بالمدن الجديدة، في حماية المواطنين من السرقة .
استغاثات بالمحافظ
“بوابة العمال”، تنقل معاناة أهالي العلمين، وحالة الفزع والرعب، التي يعيشونها مع إنتشار ظاهرة السرقات، بمختلف أنواعها، وإمبراطورية الخردة، وأشكال البلطة، وأوكار المجرمين، لتضعها بين يدي الوزير المحافظ اللواء خالد شعيب، محافظ مطروح، الذي لا يبخل بوقت أو جهد في تأمين والحفاظ على حياة المواطنين، ويواصل الليل بالنهار، لتلبية المطالب والاحتياجات الجماهيرية، ودائما باب مكتبه مفتوح لأصحاب الشكاوي، يستمع لهم بسعة صدر، ويسعى في قضاء حوائجهم .
مأساة مواطنين
في البداية، تحدث إلينا أحد المواطنين، ليلخص لنا أساس المأساة، التي تكمن في حالة الإنفلات الأمني، وفوضى إمبراطورية الخردة، بدون أي ضوابط أو رقابة، حتى تحولت أماكن تجميع الخردة إلى أوكار، تجمع البلطجية، والمنحرفين، والخارجين على القانون، والمدمنين، لافتا إلى أنه ما يزيد من المشكلة، أن بعض أفراد الأمن بقسم العلمين، يبررون هذا الانفلات، بعدم كفاية العناصر الأمنية، مع زيادة عدد العمال الوافدين على مدينة العلمين، حتى أنهم طلبوا من الأهالي، الاتفاق فيما بينهم لتتحمل كل منطقة راتب غفير خاص، يقوم بالحراسة والتأمين، ويتواصل مع القسم للابلاغ عند وقوع حالات سرقة.
لدرجة أن أحد المواطنين روى لنا، حكاية قد تبدوا غريبة، وهي أنهم ذات يوم، قبضوا على شخص أثناء محاوله كسر باب أحد الشقق، وذهبوا به إلى قسم شرطة العلمين، فإذا بأحد أفراد النوبتجية، يصيح قائلا: ” مين .. صلاح.. أنت تاني”، وطلب من الأهالي أخذه، والإنصراف به، قائلا لهم: إنها المرة الرابعة التي يأتي لهم به ناس، خلال أسبوع واحد.
وقال آخر، إن إسترداد المسروقات، أحيانا يتحقق بمن له معرفة بشخصية لها وزنها، أو في جهة سيادية، لأنه لا أحد يتحرك إلا بالمعرفة، وقد حدث هذا مع صاحب ورشة تكييف وتبريد، تعرض لسرقة أجهزة بقيمة 15 ألف جنيه تقريبا، وذهب لقسم الشرطة، ولم يسعفه أحد، فأتصل بشخصية معرفة لها وزنها، وبعدها بنصف ساعة، تحركت الشرطة، وأحضروا تاجر الخردة، وتمت رد المسروقات، وتغريمه كذلك بضعف القيمة.
من جانبه، قال محمد حماد، من المنصورة، ومقيم بالعلمين منذ 15 عاما، صاحب ورشة حدادة جنوب السكة الحديد بالعلمين، إن ظاهرة السرقة والبلطجة تزايدت بشكل يعكر صفو حياة المواطنين، مشيرا إلى أنه يتردد، وجود عصابات تأتي من خارج المدينة لعمليات السطو الليلي على المنازل، وتفر هاربة، لافتا إلى أنهم قاموا بعملوا جروب على وسائل التواصل الاجتماعي، لينشر فيه كل مواطن، ما يتعرض له من سرقات.
ويرى حماد، أن الحل يكمن في تنظيف العلمين من إمبراطورية الخردة، والقضاء على فوضى والترويسكلات مجهولة الهوية، وتكثيف التواجد الأمني، وكمائن الشرطة الثابتة، والمتحركة في ربوع المدينة، ليلا ونهارا، ليشعر المواطن بالأمان.
أما سعيد عبداللطيف عبدالجيد، من أهالي العلمين الأصليين، فقد قام اللصوص بالتسلل إلى داخل شقته، سرقة ماتور لرفع المياه، بعد قطع المواسير بمنشار.
فيما يروي المهندس محمد أيمن نور الدين، الذي حضر من دمياط للعمل بالعلمين، أن اللصوص اقتحموا شقته، وسرقوا شاشة تليفزيون، ولاب توب، عليه قاعدة بيانات تخص عمله في مجال الإنشاءات، جهد عشر سنوات، فضلا عن خصوصيات عائيلية، مشيرا إلى أنه على الرغم من قيامه بتحرير محضر بقسم شرطة العلمين، برقم 3320 لسنة 2023، وظهور ملامح الحرامي، بنسبة كبيرة في كاميرات المراقبة، إلا أنه لم يجد أي مساعدة في القبض على السارق.
أما محمد فتحي عبدالعزيز، الموظف بمجلس العلمين، فقد أكتشف خلال نزوله من شقته لصلاة الفجر، أن اللصوص قاموا بسرقة ماتور رفع المياه، وتركوا المياه تغرق الشارع أمام إحدى عمارات الجيزة، وبعد أسبوعين، وأثناء مروره من شارع المدارس بالعلمين، شاهد الماتورة المسروق منه، وقد عرفه، عند أحد أكشاك بيع الخردة، لرجل يدعى أبو فهد، وأبلغهم أنه مسروق منه، إلا أنهم رفضوا تسليمه له، إلا بعد أن يدفع مبلغ من المال، إلا أنه بعد تهديده لهم بالشرطة تركوه له.
كذلك يروي حمدي عامر، مقاول، تعرض منزله جنوب السكة الحديد للعلمين، بسرقة ماتور رفع المياه.
ويقول ممدوح محمد الجهيني، إن تعرض للسرقة، حتى الأبواب والشبابيك، وأسلاك الكهرباء تم سحبها من الأسقف، الجدران، بل وصل الفجور باللصوص إلى إقتلاع البوابات الحديدة من جدران المنازل .
موضحا، أنه في ظل حالة الإنفلات، تحولت عمارات الجيزة، إلى وكر للمجرمين، والبلطجية، لدرجة أن بعضهم قاموا بكسر عدد من الشقق، واستولوا عليها، واحتلوها بالمخالفة للقانون.
لافتا إلى أن الأمر، وصل لتعرض ابن عمه، ذات يوم، ما بين المغرب والعشاء، إلى تثبيته من جانب البلطجية عند عمارات الجيزة، التي تقع بالقرب من مدارس العلمين، بإستخدام السنج، والسلاح خرطوش، وأخذوا منه الدراجة البخارية.
أما نورا كمال محمود المسيلماني، موظفة بمجلس العلمين، فتقول إن اللصوص قاموا بسحب سلك النت، من شقتها بالطابق الثالث، وسرقته ثلاث مرات متتالية، كما قاموا بإقتلاع قطع الصاج، التي تغطي الأسلاك على الجدران، مطالبة الشرطة بتوفير الأمن، والأمان لهم في المدينة.
ويحكي قدري عبداللطيف، يعمل في مجال العقارات، أنه تعرض وعدد من المواطنين الذين معه توكيلات منهم، لسرقة منازلهم، سواء مواتير رفع مياه، أو إقتلاع بوابات حديدية من الجدران، أو الأبواب والشبابيك الخشبية، أو حتى السباكة وقاعدة الحمام، وسحب أسلاك الكهرباء من الجدران.
لافتا، إلى أن إمبراطورية الخردة، يشكلون مافيا في مدينة العلمين، ويقومون برسم خريطة للأماكن، ومراقبتها، واستغلال الفرصة لاقتحام المنازل والشقق، والقيام بعمليات السرقة، باستخدام تروسيكلات مجهولة الهوية.
أهل القانون
يؤكد المستشار القانوني عطالله ال مريزيق القاسمي، المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، أن جرائم السرقة بشتي أنواعها، سواء سرقة بسيطة أو سرقة بالإكراه، لا يجوز فيها التصالح حتى لو تنازل المجنى عليه عن حقه فيظل حق المجتمع، ويعتبر القاضى تلك الجريمة ليست فى حق المجنى عليه فحسب، وإنما فى حق المجتمع بأسره، وبالتالى تكون العقوبة رادعة.
نواب الأمة
وبمناقشة المشكلة، مع العمدة عبدالنبي عفش، رئيس المجلس الشعبي المحلي السابق بالعلمين، أكد أنه لا أحد يستطيع أن ينكر حالة الإنفلات بالنسبة لظاهرة السرقات، وإنتشار إمبراطورية الخرد، مع فوضى وعشوائية التروسيكلات مجهولة الهوية.
وطالب العمدة عبدالنبي عفش، بضرورة وجود دوريات أمنية مكثفة، مع تنسيق بين مجلس مدينة العلمين، والشرطة، بشأن ضبط أماكن تواجد الخردة، والسيطرة عليها، وتطهير المدينة من الخارجين على القانون، لافتا إلى أنه حينما كان يترأس المجلس المحلي بالعلمين، رفض دخول التوكتوك للمدينة، وأول توكتوك وصل، قدم فيه مذكرة لمجلس العلمين، وتمت عملية شحنه مرة أخرى، وإخراجه من المدينة، نظرا لطابعها السياحي.
من جانب، أكد نائب مجلس الشورى رزق علوني، أنه ينبغي النظر إلى هذه المشكلة من جوانبها المختلفة، فهي من جانب بالتأكيد، إنتشار السرقات تسبب حالة من القلق والزعر للمواطنين، وهذا يمكن السيطرة عليه أمنيا، أما فوضى الترويسكلات، فلابد القضاء عليها نهائيا، سواء في مدينة العلمين، أو قرية سيدي عبدالرحمن، وقصر تراخيص التروسيكلات، على أضيق نطاق، وللإستخدام الشخصي، لإحتياجات العائلات، دون العمل به في الشوارع، نظرا للطبيعة السياحية للمدينة والقرية، كواجهة للساحل الشمالي، وأما فيما يتعلق بظاهرة الخردة، فهذه مهنة، ولكن المطلوب هو عملية تقنين لها، واستخراج تراخيص، وممارستها بشكل منضبط، وتحت الرقابة والمسئولية، وتزويد التجار بمكامبرات، للتعرف على شخصية من يقوم بالبيع لهم، بهدف الوصول إليه عند وقوع عمليات سرقة، وبذلك يمكن التوازن بين المشكلة والعلاج.
و” بوابة العمال”، تضع هموم مواطني العلمين واستغاثاتهم، بين أيادي أصحاب القرار، من معالي وزير الداخلية اللواء محمود توفيق، والوزير المحافظ اللواء خالد شعيب، محافظ مطروح، ومدير الأمن، وكذلك قسم شرطة العلمين، ورئاسة مجلس مركز ومدينة العلمين، وننتظر الحل.