محمد حربي يكتب: طريق الحرير ملتقى شركاء المصير
شركاء المصير الواحد، تفضلوا الباب مفتوح على مصراعيه، للعبور إلى ممر طريق الحرير، في رحلة لتقفي أثر التاريخ، لاستنشاق عبق الماضي، وذكريات التواصل الصيني، العربي، الأفريقي، العالمي، والتعاون، والتضامن، للتخطيط للمستقبل، من الشغوفين، والحالمين، بعالم جديد، بعيدا عن ” نقيق الضفادع”، والمتآمرين، الذين لا يزالوا يعيشون في جلباب الفكر الاستعماري القديم، واستنزاف ثروات الآخرين.
إن عالمنا الحديث، الذي يعيش أزمات متعددة ومتراكبة، تتوالى عليه الصدمات الكبرى منذ بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ويمكن اختصار هذه المربكات الكبرى في: تداعيات جائحة وباء كورونا، ارتفاع مؤشر التضخم العالمي في أسعار الغذاء والطاقة، وتعثر مسار النمو الاقتصادي، وتراكم الديوان على كاهل الدول النامية، وتحديات الأسواق الناشئة، وزاد عليها إشعال فتيل الحروب التجارية، والمبالغة في الإجراءات الحمائية المتزايدة، لتشتد حالة الخناق مع اضطراب سلاسل الإمداد التجاري دوليا، كل ذلك بالتزامن من قضايا التغيرات المناخية، وبالتالي فإن تعددها، وتشابكها جميعا، تتسبب في حالة ارتباك، وهلع، وذعر عالمي.
وفي وسط هذا المشهد الحائر، المضطرب، تأتي أهمية البحث عن المصير المشترك.. وقد جاء الحل من خلال التفكير السحري، ومبادرة ” الحزام والطريق”، التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ، في عام 2013م، تحت شعار ” حزام واحد – طريق واحد “، وبناء شبكة من البنية التحتية والتجارة، تربط الصين بأكثر من مائة وخمسين دولة، عربية، وأفريقية، وأسيوية، وأوروبية على مستوى العالم، من أجل إعادة رسم خريطة مجتمع عالمي، خاليا من البؤس والفقر، وآمنا من القلاقل، والتوتر، والعنف، وتقوم العلاقات بين الشعوب على التواصل، والتضامن، و ” رابح – رابح ”
إن الصين وهي تعزف سمفونية المصير المشترك، تحلم بمستقبل أفضل للبشرية، لأنها غير محملة بمظالم تاريخية، ولم تستعمر، أو تغزوا شعوبا، ولم تستنزف وتنهب ثروات أمم، ولا حتى استقوت على غيرها بالحصار والتجويع والاستيطان، أو فرضت أنماط معيشتها وثقافتها على الآخرين، ولا مارست نظرة الاستعلاء والعنصرية على أحد، بل أقامت معجزتها الاقتصادية، بتعبئة الجهد الوطني، ورسم طريق متوازن للنهضة، يجمع بين التراث الفكري والتطبيقي، والذي اختطته من الأرياف للمدينة، وجعلت ” العمال ” في الصدارة، مت دون أن تدمر قديما لقدمه، ولا تستورد حديثا لحداثته، ولكنها مزجت بين القديم والحديث بقدر ما ينفعها ويساعدها، مع الاستفادة من التجارب الناجحة، فعزز ذلك علاقاتها وروابطها التاريخية مع المجتمع العالمي .
إن ” نقنقة الضفادع”، والغيرة القاتلة، هما سر المؤامرة التي نسجت خيوطها إدارة الرئيس الأميركي بايدن، وقدمها لقادة ” مجموعة العشرين”، خلال قمة نيودلهي في سبتمبر الماضي، بصناعة “الممر الهندي إلى أوروبا، ومرورا بالشرق الأوسط”، لإفشال مبادرة ” الحزام والحرير “، لن يكتب لها النجاح، لأنه على عكس العقلية الغربية، التي تغذي الحروب والصراعات، وتتمايل على أصوات المدافع، وتعيش على أشلاء الآخرين، فإن الصين تحمل على طريق شركاء المصير، الخير لجميع العالم .
ولن يفلح ضجيج الإمبريالية الغربية، وسوف تتبدد مؤامرات وأحقاد الولايات المتحدة الأميريكة، أدراج الرياح، وتفشل مخططات الكراهية في وقف موكب شركاء المصير الواحد، على ” طريق الحرير “، وسوف يسير الصينيون مع باقي الشعوب المتطلعة إلى العيش الرغيد، وبناء مجتمع عالمي أفضل، وتنمية عصرية، والاستفادة من التجربة الصينية، التي تتشابه في بدايتها مع كثير من الدول النامية، وكيفية الإفلات من جاذبية الفقر، التي لم يتوقعها بعض القادة الأوروبيين، ومنهم نابليون الأول، الذي قال في عام 1816م “اتركوا الصين نائمة، لأنها عندما تستيقظ سيرتجف العالم كله” .
وتعتبر مجموعة ” بريكس “، باعتبارها أهم التجمعات الاقتصادية العالمية، التي توسعت، وضمت لعضويتها مصر، مع عدد آخر من الدول العربية، هو أحد الأسلحة لكبح جماح هيمنة الغرب، كما يلعب منتدى التعاون الصيني – العربي، دورا مهما في تعزيز التعاون الاستراتيجي بين العرب والصين، ومواجهة التحديات الخارجية، على طريق شركاء المصير.
صحفي وكاتب
[email protected]