أهم الأخبارعرب و عالممنوعات

الصين تأخذ بيد مصر على طريق التنمية لرد الجميل

الصينيون يساندون القضايا العربية ويدعمون مسار التنمية وتحقيق الرفاهية بالدول النامية


كتب: محمد حربي
من لا يشكر الناس لا يشكر الله، ورد الجميل من شيم الكرام، وأهل المروءة.. والصينيون دائما يرددون المثل القائل: ” عندما تشرب الماء، فلا تنسى من حفر البئر”، فهم لا يزالون يذكرون المواقف المصرية الداعمة للصينيين، عندما كانت بقيادة الزعيم جمال عبدالناصر، أيقونة الدول النامية المتطلعة للتخلص من قبضة الاستعمار، والإمبريالية الغربية، وكانت مصر أول دولة عربية وأفريقية، تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين في شهر مايو عام 1956م، ومنذ هذا التاريخ، والبلدان تجمعهما علاقات صداقة، بحكم تاريخهما الحضاري العريق، ويبذلان الجهود لتعزيز التعاون المشترك بما يخدم الشعبين، وكذلك قضية السلام والتنمية على الصعيد العالمي، مع النوايا الصينية المخلصة، في الأخذ بيد مصر على طريق الحرير، لتحقيق النهضة والعيش الرغيد.
بهذه الروح تحدث البروفيسور لي وينتانغ، نائب رئيس المدرسة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ( الأكاديمية الوطنية الصينية للحزب الشيوعي الصيني )، خلال ندوة بعنوان (مصر والصين.. مجتمع المصير المشترك في العصر الجديد )، التي نظمها بيت الحكمة للثقافة، برئاسة الدكتور أحمد السعيد، ومركز التحرير للدراسات والبحوث، وبحضور الوزيرة المستشارة بالسفارة الصينية بالقاهرة وانغ تسي جوان، وعدد كبير من السياسيين، والأكاديميين المصريين، أبرزهم: الدكتورة سماء سليمان، وكيل لجنة العلاقات الخارجية، العربية والأفريقية بمجلس الشورى، والدكتورة نورهان الشيخ الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، والدكتور أحمد طاهر، مدير مركز الحوار للدراسات السياسية والإعلامية، والدكتور وليد جاب الله عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، والدكتور عمرو سليمان المتحدث باسم حزب ” حماة الوطن “، والدكتور كريم العمدة، الخبير الاقتصادي.

الشراكة الاستراتيجية
وأكد البروفيسور لي وينتانغ، على عراقة الثقافتين المصرية والصينية، وجذورهما الحضارية الضاربة عروقها في أعماق التاريخ، وتشابههما في الظروف التاريخية، حيث كلاهما أنكوى بنار ولهيب الاستعمار، والاضطهاد، موضحا أن مصر كانت أول دولة عربية، تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين في منتصف العقد السادس من القرن الماضي، والتي رسخت لعلاقات إستراتيجية شاملة، وصلت إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الكاملة، بموجب اتفاقية وقعها كل من الرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي، والصيني شي جين بينغ، عام 2014م، لافتا إلى أهمية الانضمام المصري لمجموعة ” بريكس “، الذي يواكب مبادرة ” الحزام الطريق “، بشكل يعزز العلاقات بين البلدين في المستقبل.

نصرة العرب
وقال البروفيسور لي وينتانغ ، إن دور الصين، لا يقف عند الدعم والمساندة في الجوانب التنموية، ودفع عملية التنمية فيها فحسب، بل دائما تقف نصيرا قويا للدفاع عن القضايا العادلة، خاصة المتعلقة بالشعوب العربية، بل والتفكير في هموم العالم، والذي عبر عنه الرئيس الصيني شي جيبن بينغ، عند لقائه مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بالرياض العام الماضي، حيث ناقشا سويا الوضع العالمي الجديد، والتحولات التي طرأت على الساحة الدولية، بجانب تعهدهما، ببذل الجهود المشتركة، من أجل المصير المشترك، لكلا الشعبين، وأيضا تعهد صيني بالدعم الكلي والشامل لجهود مصر في مسار تحقيق التنمية.
بناء الثقة
وأوضح البروفيسور لي وينتانغ، أنه في ظل المصير المشترك للمجتمعين، خلال العصر الجديد، لا ينبغي التوقف عند التوقف عند دفع التبادلات التجارية والاقتصادية، ولكن في نفس الوقت من الأهمية الاستفادة من عملية الحوكمة، والإدارة الناجحة، والاحترام المتبادل للنهج الذي يسلكه كل طرف في سبيل سعيه لتحقيق عملية التحديث، والتطور الشامل، وثقافة تبادل الحوار الحضاري بين الطرفين، من أجل بناء الثقة المتبادلة على الصعيد السياسي، ولاسيما من حيث الأفكار، والقيم، والمفاهيم المتعلقة بالصين، على وجه التحديد،وخاصة عملية التحديث، والإدارة.
خصوصية التحديث
وأشار البروفيسور لي وينتانغ، إلى أن نظام الحوكمة، الذي طرحه الرئيس الصيني شي جين بينغ، يؤكد على الأهمية القصوى للدور الذي يضطلع به الحزب الشيوعي الصيني، في عملية تحديث الحالية، موضحا التباين والاختلاف بين عملية التحديث الحالية، مقابل ما قامت عليه الثورة الصناعية لبريطانيا في الماضي، وجوهرها أن المجتمعات، هي التي تدفع نحو العملية السياسية، لافتا إلى أنه على الرغم منإ فيه العالم الألماني فردريك انجلز، في أن الثورة السياسية، هي التي تدفع نحو التحول الاجتماعي، فقد حدث العكس تماما في فرنسا، مما يؤكد على أن لكل دولة مسارها الخاص في عملية التحديث.
وفسر البروفيسور لي وينتانغ، تجربة الألمانية، على أساس أنها كانت نظاما إقطاعيا، ثم تحول إلى نظام المجتمع الصناعي بشكل تدريجي، حتى انتهى بالثورة الصناعية في ألمانيا، وهذا هو سر الربط بين عملية الحراك المجتمعي، والثورة الصناعية عند الألمان والبريطانيين، بينما في التجربة الصينية، فإن الحزب السياسي، هو الذي يدفع عملية التحول المجتمعي، ومن ثم عملية البناء على الصعيد الدولي، مشيرا إلى أنه عملية التحول السياسي التي جرت في الصين بالماضي، شارك فيها أكثر مائتي حزب آنذاك، وبالتالي كانت عرضة للسيطرة، أو الإعاقة والعرقلة من قبل القوة الاستعمارية الغربية، مما فرضت الظروف ضرورة وجود حزب سياسي قوي، يعمل على عملية الحراك المجتمعي، بإعتباره الأساس لعملية التحرير، وأيضا لعملية تأسيس الصين الجديدة، وما تلاه من عملية التحديث، وبناء الدولة.
وأضاف البروفيسور لي وينتانغ، أن القيادة الواعية الحكيمة للحزب السياسي، كانت هي العنصر الهام لعملية بناء الدولة القوية في وقت لاحق، موضحا أنه بدون الاضطرابات التي خاضتها الصين، في مرحلة الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، ربما ما وجد الإطار اللاحق الذي انتهجته الصين، خلال عملية التنمية والبناء، مشيرا إلى أنه منذ تولى الرئيس الصيني شي جين بينغ، قيادة رئاسة الحزب عام 2012م، وهو يركز على دفع عملية القيادة الحزبية، خاصة في ظل ما ظهر من سلبيات، وتعارض بين الجهات المختلفة بعد عملية الإصلاح والانفتاح، ومن ثم تداركت الإدارة الحزبية ذلك، وعملت على معالجة مثل هذه المشكلات، وخير مثال على ذلك، التصدي لظاهرة الفساد، من خلال تأسيس اللجان، كلجنة تعميق الإصلاح على نحو شامل.
لافتا إلى أنه كان لهذه اللجنة، دورا وأثرا كبيرا في دفع عملية التحول والإصلاح، موضحا أن كل هذه الوسائل والطرق، تم استخلاصها من خلال الوقائع والتجارب، ونوه إلى أنه بإلقاء نظرة بعيدة المدى، يتضح أن النظام القيادي في الصين، يعمل على ربط اقتصاده ارتباطا وثيقا بالثقافة الصينية، والعامل المجتمعي، والتقاليد الخاصة بالمجتمع الصيني، مشيرا إلى أن مسألة اختيار القيادات الحزبية، تمر باختبارات، تأخذ بجانب الكفاءات العلمية، التحلي بالقيم الأخلاقية لممارسة العمل السياسي، وهذا ما يفتقر إليه النظام الغربي، وعصر المجتمع الإقطاعي، الذي لم يسمح بالتدرج الطبقي، أو يترك مساحة أمام الكفاءات عن طريق الانتخابات.
وشدد البروفيسور لي وينتانغ، على أن كافة الأفكار السياسية التي يقوم عليها الحزب الشيوعي الصيني، تجعل الشعب هو مركز ومحور الاهتمام، من كافة كوادر القيادات، على مدار التاريخ، وتقوم الفكرة على أساس تحسين الأحوال المعيشية، وتحقيق الرفاهية، موضحا أنه بعد الدورة الثامنة عشر للحزب، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ، مرارا وتكرارا على قيام كافة الجهات بتيسير الأمور، وتحسين التعامل مع الجمهور، وتركيز كافة الإجراءات في مكان واحد، وتقديم خدمة أفضل، وبالفعل تحسنت كثيرا من الخدمات المقدمة للمواطن، وسيما فيما يخص السكن، الصحة، التعليم، وغيرها، وأن خير دليل على ذلك الصورة التي عليها الريف الصيني اليوم، وتحسين بنيته التحتية، وتزويده بالخدمات العامة، بعد أن ظل فترة طويلة يعاني من الإهمال والتخلف .
ونوه البروفيسور لي وينتانغ، إلى أنه خلال عملية التخطيط تجرى مشاورات متعمقة، ويتم الأخذ بعين الاعتبار كافة الآراء المختلفة، وبشكل جماعي على مختلف الأصعدة، من كل الجهات، مع استطلاع لآراء الشعب، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي يكون المجتمع شريكا في الخطة، على خلاف ما يحدث في الدول الغربية، حيث تعيش الحياة الحزبية أجواء اختلاف وتضارب في الآراء، وهو ما يتسبب في تعطيل تنفيذ الخطط .
كما تحدث البروفيسور لي وينتانغ، عن نجاح طريقة الحوكمة، وقيام الحزب الشيوعي الصيني بعملية استخلاص العبر والخبرات من الدروس المستفادة، موضحا الآلية التي تسير عليها الأمور بعد اختيار الكفاءات، حيث يتم إسناد المهام إليهم على صعيد القرى والبلدات، أو المحافظات، وتدريجيا وصولا إلى المستوى الأعلى على مستوى المقاطعات، والحكومة، ومن خلال ذلك، تتراكم لديهم كثيرا من الخبرات في مجال الحكم والسياسة، حتى يصلوا لمناصب قيادية يكونوا مؤهلين لها، وهذا ما تفتقده دول عظمى مثل الولايات المتحدة الأميركية، وخير دليل على ذلك، حالة تولى الرئيس دونالد ترامب، منصب رئيس الدولة، بشكل مفاجيء، وبدون أي خبرات مسبقة.
وتطرق البروفيسور لي وينتانغ، إلى الحديث عن دور مدرسة الحزب في الدراسة وتعميق الأفكار، لتأهيل الكوادر، وسوف يستمرون في الاعتماد على ذلك للوصول إلى ما هو ابعد من ذلك، لافتا إلى أنه اكثر من 3 آلاف مدرسة حزبية على مستوى الصين في البلدات والمحافظتا والمقاطعات، تسهم في تأسيس الكفاءات، وزيادة المعرفة السياسية، والعلمية، والارتقاء بالمستويات في شتى المعارف، مع التوازن بين الجانبين العلمي مع القيم والأخلاق، والتحلي بروح المستولية والعقل والفكر السياسي، على خلاف الغرب، الذي يفصل بين السياسة والأخلاق.

زر الذهاب إلى الأعلى