في مثل هذا اليوم من عام 1952 سطر رجال الشرطة المصرية البواسل ملحمة بطولية ستظل راسخه في وجدان الشعب المصري على مر الأجيال ، يخلدها التاريخ كواحدة من أعظم المعارك التي خاضتها الشرطة المصرية للدفاع عن شرف الوطن وكرامته وكبريائه، عندما رفضت قوات الشرطة بالإسماعيلية بقيادة اللواء احمد رائف الإنذار الذي وجهته قوات الإحتلال البريطاني بقيادة “البريجادير اكسهام” بضرورة إنسحاب قوات الشرطة المصرية من مبنى المحافظة وتسليم أسلحتهم و مغادرة منطقة القناة نهائياً بعد أن تأكدت أن الفدائيين يترددون على المبنى ويحتمون به بمساعدة رجال الشرطة، الذين يمدوهم بالمؤن والذخيرة التي كبدت جنود وضباط الإحتلال خسائر فادحة، في الأرواح والمعدات خلال الثلاثة أشهر الأخيرة من عام ١٩٥١ بعد أن شهدت الأجواء بين الحكومة المصرية وقادة الإحتلال توتراً هائلاً لم يسبق له مثيل بسبب معاهدة ١٩٣٦ التي كانت محل رفض من قبل الشعب المصري.
رغم التفوق الهائل لقوات جيش الإحتلال البريطاني مقارنة بقوات الشرطة المصرية، سواء في عدد الجنود والضباط، أو في المعدات والأسلحة الحديثة المتطورة، إلا أن رجال الشرطة البواسل رفضوا تهديدات “اكسهام” وتصدوا بكل شجاعة لطلقات المدافع والأسلحة المتطورة، وظلوا متمسكين بالدفاع عن المبنى حتى آخر طلقة من طلقات بنادقهم القديمة تحت قيادة اليوسباشي مصطفى رفعت،
واصل رجال الشرطة دفاعهم عن مبنى المحافظة لأكثر من ساعتين وسط سيل من الطلقات النارية المكثفة حيث شارك في الهجمات أكثر من 7500 جندي وضابط من قوات الإحتلال مقابل 800جندي وضابط من الشرطة المصرية.
تمكن جنود الإحتلال من السيطرة على مبنى المحافظة في نهاية الأمر بعد أن أستشهد 50 جندي مصري، وجرح ما يقرب من 80 آخرين.
انتشر الخبر في كل أرجاء الوطن لتخرج الجماهير الغاضبة صباح اليوم التالي تعلن رفضها لماقامت به قوات الإحتلال ودعمها لرجال الشرطة والفدائيين وتدعوا لاستمرار المقاومة حتى رحيل الإنجليز من مصر وعمت المظاهرات العارمة كل شوارع وميادين المعمورة، والتف الشعب كله حول رجال الشرطة الأبطال، مطالبين برحيل الإنجليز عن الأراضي المصرية،
إستغلت بعض الجماعات العميلة من أعوان الإحتلال والإستعمار هذه الأحداث وقاموا بحريق القاهرة.
في المقابل وجد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر أن ما فعله رجال الشرطة ساهم بقدر كبير في إضعاف موقف الملك فاروق وبريطانيا، الأمر الذي دفعه للتعجيل بتفعيل حركة الضباط الأحرار التي كان مخطط إنطلاقها أواخر عام ١٩٥٣، لتصبح معركة الإسماعيلية واحدة من أهم المعارك التي ساهمت في التعجيل بقيام ثورة يوليو المجيدة التي طردت الإحتلال بلا رجعة، وحررت الوطن من إحتلال بغيض.
ما قدمه رجال الشرطة من تضحيات في هذا اليوم لا يمكن أن يمر مرور الكرام في ظل عدم التكافؤ الواضح بين قوات الإحتلال التي تمتلك أسلحة متنوعة، و متطوره وبين قوات الشرطة المصرية التي لا تملك إلا البنادق القديمة آنذاك.
لذا اتخذت الشرطة المصرية من هذا اليوم عيداً لها، ليصبح يوم 25يناير رمزاً للعزة والكرامة، وشاهد على تضحيات وبطولات حراس الوطن.
لم تقف تضحيات رجال الشرطة عند هذا الحد بل واصلوا تضحياتهم بأغلى مايملكون في سبيل استقرار الوطن والحفاظ على الأمن والأمان، في ظل التحديات الإقليمية المحيطة، والمخططات الخارجية التي تستهدف تفكيك نسيج الوطن وإضعافة ، و استخدامهم حملات ممنهجة للتشكيك وبث الفتن والأكاذيب لتحقيق أغراضهم المعلنة، والسعي لتقسيم الوطن العربي و َإعادة ترسيم حدوده، الأمر الذي يستلزم إضعاف مصر، و إضعاف قواتها المسلحة، والشرطة، وهو ما حاولت فرضه أكثر من مرة، و اعتقدت أنها نجحت في مخططها بدعمها لأحداث 25يناير عام2011، إلا أن الشرطة المصرية والقوات المسلحة كانوا لهم بالمرصاد، تصدوا لكل مخططاتهم التي استهدفت تفكيك الشرطة واستعادت مصر استقرارها بعد طرد جماعة الإخوان والإطاحة بحكم المرشد.
سيظل رجال الشرطة يقدمون التضحيات، من أجل استقرار الوطن وأمن المواطن
وسيبقى سجل شهدائهم ناصع البياض.
تحية إلى حماة الوطن، العيون الساهرة
تحية إلى أرواح شهدائهم الأبرار، وكل عام وحراس الوطن وشعب مصر بخير وسعاده.