Site icon بوابة العمال

عدم وقوعك في الرذيلة لا يعني بالضرورة كونك “فاضلاً”.

بقلم… رحاب زردق

مقياس الفضيلة لدى الإنسان يجب أن لا تُحسَبْ بناء على عدم وقوعه في أي نوع من أنواعها في المطلق، بل يجب الأ يوضع في الحسبان فترات الرخاء الأخلاقي والسكون الحياتي الطويل، حين تكاد تتلاشى مغريات الوقوع فريسة لإحدى الخطايا، بل يبدأ العد التنازلي من لحظة المواجهة المنفردة مع خبايا النفس البشرية ورغباتها الدفينة في مواجهة صريحة وحاسمة مع ما تتعرض له مما تراه “مغريات” لنوازعها الداخلية من وجهة نظرها الشخصية. في تلك اللحظة فقط يكون القياس أصدق وأقرب ما يكون لحقيقة الإنسان، بعيداً عن كل ما يدعيه من فضائل وما يتقن إرتدائه من أقنعة تخفي ورائها خبايا ذاته.
ليست الإشكالية هنا مقاومة الإنسان للوقوع فريسة لرغباته والتنازل عن لقب الفضيلة من عدمه، بل المشكلة في مواجهة نفسه بصراحة دون جدل سفسطائي عقيم، للإعتراف بأن مجرد وجود تلك المقاومة تعد قرينة إتهام ضده في حد ذاتها، حيث أن الفضيلة النقية لا تتلوث أو تتأثر بأي عوامل ومغريات خارجية مهما كانت، حقاً نعترف بوجودها ولا ننكره لكنه إعتراف لا يتعدى كونه سرداً منطقياً وحيادياً لملاحظة بصرية لظاهرة وقعت ولا يمكن إنكار وجودها، مثل سطوع مفاجئ لأشعة الشمس في لحظة معينة قد تصيب عين الرائي بأشعتها لكنها لا تبقى طويلاً ولا يتعدى أثرها كونه مجرد صورة عابرة فرضتها ظروف كونية ما أنفكت العين أن لفظتها بعيداً بإغلاقة جفن، دون أي عناء يذكر أو معاناة للمقاومة التي لا تتولد سوى من رغبة في عدم إشاحة البصر بعيداً، بالرغم من سهولة القيام بذلك.
لكن التوشح بصورة الضحية التي تقاوم والبطل الذي ينتظر التكريم لنجاح محاولاته في المقاومة أخيراً والحفاظ على لقبه الفاضل من أن ينفلت من بين أنامله أو يتلوث بأي شوائب، فهذا هو الرياء والإدعاء بكل بساطة. عدم وقوعك في الرذيلة لا يعني بالضرورة كونك فاضلاً، بل قد تكون فرصة الخطأ لم تُسنَحْ لك بعدْ.

Exit mobile version