آالآن ؟!؛ وفجأة رق القلب الأميركي للشعب الفلسطيني، المثخن جسده بالجراح؛ وكأن ضميره قد استيقظ !؛ فشعر، وتألم لألم الفلسطينيين. أحقا هذا؟!. ترى هل أقض مضجع أميركا، وعز عليها فعلا انحراف ربيبتها إسرائيل، عن معايير حقوق الإنسان ؟!؛ حتى وصل الأمر بواشنطن إلى درجة التلويح باستخدام قانون ” ليهي “، في وجه حكومة بنيامين نتانياهو !!؛ وهي تهدد، وتتوعد بتطبيق القانون، الذي أقره الكونغرس (عام 1997م.)، وتصل عقوبته إلى حد قطع المعونات الأمنية عن الوحدات العسكرية؛ التي يثبت تورطها، في القيام بانتهاكات خطيرة ضد الإنسانية؛ بل وزد عليه، تلويح الرئيس بايدن، باستخدام حق ” الفيتو “، ضد قانون يمنح أكثر من 17 مليار دولار، مساعدات أميركية لحليفتها سلطة الاحتلال الصهيوني .
وهذه اللهجة الجديدة في التهديد؛ ربما لم تألفها إسرائيل، من “ماما أميركا” قبل ذلك !؛ والتي تريد أن تعاقبها على فعل؛ لطالما هي فعلت مثله، ومازالت لم تغسل يديها مما تلطخ بها من دماء الأبرياء، في أفغانستان، والعراق، ومن قبلهما فيتنام… الخ. وقد زاد الوضع تأزما، وتعميقا للهوة بين “البيت الأبيض”، و”تل أبيب “، هذا الغباء المركب – نصفه وراثي، والآخر بالممارسة -، لبنيامين نتانياهو، وتداعيات ذلك، على عرقلة العديد من مخططات الإمبريالية الغربية؛ بعدما كاد أن يكتمل بعضها في منطقة الشرق الأوسط !.
وبالفعل، بدأ يلوح بالأفق نفاذ صبر الرئيس الأميركي؛ الذي عز عليه أن يرى طبخته في الشرق الأوسط، تفسد قبل نضوجها !، وتفشل مخططاته في مواجهة: الصين ” التنين الأصفر” ، والدب الروسي، و الجمهورية الإسلامية الإيرانية ” عقدة” الولايات المتحدة الأميركية بالمنطقة، وتنهار أحلام إدارة البيت الأبيض؛ بما فيها مشاريع التطبيع- المجاني-، وكانت كل الأماني ممكنة في تحقيق إنجازات على صعيد دبلوماسية خارجية؛ ترجح كفة ” بايدن”، خلال معركته الانتخابية ، في مواجهة منافسه اللدود دونالد ترامب .
ويقيني؛ من لم يشاهد إفيهات الفنان حسن حسني، مع النجم الكوميدي هاني رمزي، في فيلم ” غبي منه فيه”؛ فالفرصة لا تزال أمامه، ليتابع نسخته المكررة، في الواقع السياسي، لا الخيال السينمائي، نديب” جو بايدن ، وبطل الغباء المركب – وصف للمرء الذي يعلم أنه على خطأ، ويتمادى فيه –، بنيامين نتانياهو !؛ الذي بعثر أمام واشنطن، كل الأوراق في منطقة الشرق الأوسط، على وجه التحديد؛ حتى وجدت الولايات المتحدة الأميركية نفسها، تخوض جبهات معارك متعددة، لم تحدد هي مكانها؛ ولا حتى اختارت زمانها !.
ومن يحلل تصريحات الإدارة الأميركية، عقب مقتل بعض جنودها على المثلث الحدودي، بين: الأردن، وسوريا، والعراق؛ يلاحظ التأكيد الأميركي المستمر على عدم الرغبة بالدخول في حرب مباشرة مع إيران – القوى الإقليمية الداعمة للمقاومة- !!؛ مما يدلل على أن واشنطن وجدت نفسها متورطة في ميدان القتال، وتواجه غضب عربي وإسلامي، ردا على مساندتها للاحتلال الصهيوني في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني، منذ 7 أكتوبر ( عام 2023 م.)، والدعم المتواصل، سواء كان بشكل مباشر، عسكريا، أو عن طريق توفير مظلة حماية دولية، واستخدام حق ” الفيتو “، لإجهاض أي قرار في مجلس الأمن؛ يريد محاسبة إسرائيل، أو معاقبتها، أو حتى إجبار ” تل أبيب “، على وقف الحرب.
وكالعادة؛ ربما اعتدنا جميعا من أميركا، على كل المتناقضات !، فهي تفعل الشيء، وضده في آن واحد؛ وعلى الرغم من تسجيلها لرقما قياسيا في استخدام حق ” الفيتو ” بمجلس الأمن الدولي، ومنها نحو خمسين مرة لحماية الاحتلال الإسرائيلي، على كل جرائمه، والتي يرتقى بعضها لحد ” الإبادة الجماعية”؛ حال نجاح جنوب أفريقيا في إثباته، خلال الدعوى المنظورة أمام محكمة العدل الدولية؛ فإن المثير للدهشة، ذاك القرار المفاجئ لواشنطن!، ليس لـ ” تل أبيب” فحسب، بل والعالم كله؛ والذي يطالب الحكومة الإسرائيلية، بتقديم إيضاحات حول ما أثير عن ارتكاب جيش إسرائيل لانتهاكات حقوق إنسان ضد الفلسطينيين، خلال شهر يناير الماضي؛ ويعاقب عليها قانون ” ليهي ” !.
ويا للعجب !!؛ أأميركا التي تخرج لتتحدث عن حقوق الإنسان ؟!، وتهدد الحكومة الإسرائيلية بقانون ” ليهي” !، من بعد مضي نحو 27 عاما على إقراره تقريبا؛ والذي يحظر توريد الأسلحة لمن يخالف المعايير الأميركية في الحفاظ على حقوق الإنسان. ولو سلمنا جدلا، بأن “واشنطن “، “أبصر من زرقاء اليمامة”، على رأي المثل !، فيما يمس القضايا الحقوقية؛ إذاً، أَوَ لَمْ ترى حتى الآن كل هذه الانتهاكات ضد الإنسانية ؟!؛ والتي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي، ضد الفلسطينيين في قطاع غزة؛ والتي دخلت شهرها الخامس الآن، ومن قبلها تاريخ طويل من الظلم لأصحاب الأرض، منذ نكبة ( عام 1948م.)!. وكيف يَحْسُنُ النُصح، ممن لم يًصْلُحْ أن يكونَ قدوة ؟!. أليس من حقي وحقك، أن نتساءل جميعا؛ لماذا الآن ؟!. ومنذ متى التزمت أميركا بالقوانين الدولية؟!، أو احترمت القرارات الأممية، في أفغانستان، والعراق، وقبل هذا وذاك جرائم حربها في فيتنام.. الخ؟!؛ حتى تنتظر أن تخشى ربيبتها إسرائيل من سوء العقاب!. وحقاً، صدق الشاعر أبو الأسود الدؤلي؛ إذ يقول: ” لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتَأتيَ مِثلَهُ .. عارٌ عَلَيكَ إِذا فَعَلتَ عَظيمُ”.
كاتب صحفي
Moiharby1968@yahoo.com