البروفيسور إحسان أوغلو: العلاقات المصرية التركية حتمية تاريخية لا فكاك منها
سفارة تركيا بالقاهرة تنظم ندوة لمناقشة التراث الثقافي التركي في مصر
كتب: محمد حربي
تُعد الدبلوماسية الثقافية، إحدى وسائل القوة الناعمة، لتعزيز التفاهم المتبادل، وتقريب المسافات بين الشعوب، والأمم. ويسعى السفير صالح موطلو شن- سفير الجمهورية التركية، لدى جمهورية مصر العربية، لتوظيف الفن والثقافة المشتركة بين الشعبين المصري، والتركية؛ لبناء جسور تواصل جديدة بين مصر، وتركيا، وحرق المراحل الزمنية؛ من أجل مزيد من التعاون المشترك، وعلى كافة الأصعدة، وفي مختلف المجالات، والميادين، بين القاهرة، وأنقرة، بما يصب في مصلحة البلدين؛ التي تجمعهما روابط، وقواسم مشتركة كثيرة، لها جذورها في أعماق التاريخ.
وبعد فعالية إعادة إحياء الأعمال الفنية لأكثر من 12 شخصية، تمثل الثقافة المصرية التركية المصرية المشتركة، وبريشة الفنان التشكيلي المصري محمد عبدالجليل؛ جاءت أمس الندوة التاريخية والفكرية؛ التي أقامتها سفارة تركيا بالقاهرة، حول التراث الثقافي التركي في مصر؛ والتي تحدث فيها البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي؛ الذي قدم محاضرة في سياق كتابه “الأتراك في مصر وتراثهم الثقافي”، أكد في بدايتها على أن العلاقات التركية المصرية، حتمية تاريخية، ولا فكاك منها، وذلك أمام العديد من الحضور، وبينهم سياسيين، ومثقفين وأكاديميين وصحفيين مصريين.
وهذا العمل هو نتاج أكثر من أربعين عاما من العمل، كتب مقدمته رئيس جمهورية تركيا رجب طيب أردوغان، حيث تم تسليط الضوء على تاريخ الثقافة التركية خلال الفترة العثمانية؛ التي لم تكن منتشرة قبل وصول محمد علي باشا إلى الحكم في مصر. وكذلك توضيح كيفية اكتساب الثقافة واللغة التركية العثمانية كثافة وانتشارًا في مصر مقارنة بالفترة السابقة، ومرجع ذلك إلى الاهتمام الكبير، وسياسات الابتكار التي اتبعها محمد علي باشا، المحب الكبير لمصر ومؤسس مصر الحديثة. وفضلا عن ذلك قام بالكشف عن كيفية تشكيل النسخة “العثمانية المصرية”، نتيجة هذا التطور الثقافي الذي اتخذ من إسطنبول في البداية نموذجًا في مصر، وكيف ظلت منتجات وتأثيرات هذه الثقافة قائمة حتى يومنا هذا.
وأضح بأنه، قد تم تبني الثقافة التركية العثمانية في مصر من قبل صفوة من السكان المحليين الناطقين بالعربية، فضلا عن المتحدثين باللغة التركية القادمين من خارج مصر، وذلك بفضل المدارس الجديدة التي تم إنشاؤها والعدد الكبير من الكتب التركية التي أنتجتها المطبعة (مطبعة بولاق). بجهود كبيرة من محمد علي باشا واسرته الكبيرة الحاكمة. وأدى ذلك إلى ظهور الوجه الثقافي “المصري العثماني” إلى جانب الوجه الثقافي “التركي العثماني” في مصر.
وتبرز أهمية المُؤَلَف، الذي قدمه البروفيسور أوغلو، في أنه يبحث في الوجود الثقافي التركي الذي تطور مع الأتراك الذين يعيشون في مصر والمؤلفات المكتوبة وآثار هذه الثقافة التي بقيت حتى يومنا هذا، هو الأول من نوعه في هذا المجال فيما يتعلق بـ “الاتراك في مصر وتراثهم الثقافي”.
هذا وقد تم خلال الندوة، عرض الفيلم الوثائقي بعنوان “قدرية” الذي يتناول الأميرة المصرية “قدرية بنت السلطان حسين كامل” والذي كتب نصه سفير تركيا بالقاهرة صالح موطلو شن. وذلك لإحياء ذكرى الأميرة “قدرية”؛ لإبراز مساهماتها في مصر وتركيا والمجتمعات التركية والمصرية؛ التي تكاد لا تُنسى، وإن كان كتاب “الأتراك في مصر وتراثهم الثقافي”؛ جاء بمثابة إعادة إحياء لهذه الذكرى والمساهمات، وإبرازها؛ ومن ثم خروجها إلى النور من جديد.