آراء

د.فتحي حسين يكتب.. الناقوس يدق.. مهنة الطب في خطر ! 

يقولون في الأمثال الشعبية دوما ان معظم النار من مستصغر الشرر ،وهو مثل ينطبق تماما علي الأحداث التي شاهدها الجميع عبر وسائل الإعلام وهي المتعلقة بنتيجة طلاب الفرقة الأولي بكلية طب قنا بجامعة جنوب الوادي والذين رسب منهم الأغلبية بنسبة ٧٨% مقابل ٣٢% للعام الدراسي المنقضي 2022/2023 وفقا لبيان اتحاد طلاب الكلية المنشور ، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعى”فيس بوك”، كما تبين أن نسبة النجاح بين طلاب الفرقة الأولى بكلية طب الأسنان بقنا بلغت 20.8 %، بما يعنى أن نسبة الرسوب بين الطلاب والطالبات تقابل الـ 80 %.كما أن تلك النتيجة جاءت طبقا لتصحيح أوراق امتحانات الطلاب بالكلية، و أنها تعبير عن مستوى الطلاب.كما ان عدد الطلاب المقيدين بالفرقة الأولى لكلية طب قنا للعام الجارى يبلغ 512 طالبا وطالبة، نجح منهم 146 طالبا وطالبة، فيما بلغ عدد طلاب الفرقة الأولى بكلية طب الأسنان بقنا 238 طالبا وطالبة نجح منهم 52 طالبا وطالبة. للاسف فإن التسهيل في امتحانات الثانوية العامة وعدم ضبط عمليات الغش الجماعي المتعارف عليها في لجان بعينها ،مثل لجان اولاد الأكابر في محافظة سوهاج مثلا والتي تخرج منها عائلة كاملة حاصلة علي مجاميع كبيرة وجميعهم في كليات القمة أبرزها الطب والهندسة ! هي السبب في حدوث هذه الكارثة غير المسبوقة في تاريخ الكلية وكليات الطب جميعها ! وهو ما يلقي بالمسئولية علي وزير التعليم بالدرجة الأولي ،بسبب أن الغش فى امتحانات الثانوية العامة وراء هذا المستوى المتدنى للطلاب في كلية الطب ، والذى جاء كنتيجة طبيعية لما يحدث من غش جماعى، فى لجان معلومة بالاسم للجميع.! والغريب أن الكلية دوما نسبة النجاح فيها مرتفعة في سنوات أخري متقدمة ولكن مع حدوث حالات الغش الجماعي وحصول طلاب علي مجاميع ليس من حقهم ،وهو ما جعلهم ينكشفون في اختبارات الكلية ،التي التزمت الأمانة ومعايير الجودة في عرض النتيجة الحقيقية دون تغيير ،كما تفعل معظم الجامعات الخاصة التي تسعي دوما لتغيير النتيجة لصالحها ،ما دامت تحصل من الطالب علي المصروفات التي تصل إلي أكثر من نصف مليون جنيه في العام ،ولا عزاء لمعايير الجودة ولا الأمانة العلمية ولا التدريب العملي الذي هو الأساس في هذه المهنة السامية التي تتعلق بحياة وصحة المواطنين !

وأعتقد أن الأمر خطير وجلل إذا لم تتدخل الحكومة فورا في علاج هذه الأزمة ،خاصة وان نتيجة طب قنا ، ونتائج كليات الطب بالجامعات الأخرى، آخرهم جامعة أسيوط،تدق ناقوس الخطر علي أرواح المواطنين الذين سيكونون أمانة تحت أيدى أطباء المستقبل.!! لاسيما وأن دخول كلية الطب في بعض الجامعات الخاصة قد يصل الي ٨٠% وأكثر قليلا !!

كما ان كلية طب قنا حاصلة على شهادة الجودة في التعليم وأن تقييم الطلاب طبقًا لجودة التعليم كذلك مناهج التعليم معتمدة وتخضع للجودة. ونسبة النجاح المعتادة ما بين ٩٠% و٩٥% ونتيجة هذا العام فريدة من نوعها وفقا لتصريح عميد الكلية علي عبد الرحمن غويل. ولفت إلى أنه بحث عن أسباب رسوب هؤلاء الطلاب ووجد أنهم قادمون من مدارس بعينها ومراكز بعينها، وأن أعدادا كبيرة جاءت من مدارس معينة وأن 95% من الطلاب الراسبين من هذه المدارس، معتبرًا أن هؤلاء الطلاب لم يكونوا لائقين للالتحاق بكلية الطب.وأكد أن مدرسة ثانوية التحق منها 80 طالبا بكلية الطب ورسب منهم 79 طالبا في الفرقة الأولى، مشيرًا إلى أنه تواصل مع جهات التعليم قبل الجامعي لمعرفة السبب، مشددًا على أن هؤلاء الطلاب مكانهم ليس كلية الطب! وانما أماكن أخري . وازيد من الشعر بيتا وهو أن معظم خريجي كليات الطب في مصر يذهبون للعمل بالخارج في دول أوربا والخليج العربي وأفريقيا بسبب سوء أحوال الداخل المادية والروتينية وضعف الإمكانيات في كليات الطب ،وهو ما يجعلهم ناجحين بالخارج بشكل كبير وهناك حالات لا حصر لها ،كما أن مثل هذه الوقائع في كلية طب قنا وأسيوط وغيرها يشوه بدوره صورة الطبيب المصري بالخارج ،وتلك هي الكارثة ،لان سمعة الطبيب المصري بالخارج جيدة وممتازة ،وان التهاون في هذا الأمر سيؤدي إلي تشويه الصورة ووضع بقع سوداء في الثوب الابيض !

لذلك لابد من القضاء علي الغش المتكرر في امتحانات الثانوية العامة وتشديد الرقابة علي هذا بشكل او باخر ،وضرورة إعادة النظر التحاق الطلاب بكليات الطب وغيرها من الكليات العملية ،حتي لا نبكي غدا علي اللبن المسكوب ،وعلي التداعيات الخطيرة من وراء التهاون في هذا الأمر ،وينبغي أن نضع اختبارات قدرات وامتحانات وقياس مستويات اللغات والمعلومات العامة في العلوم الدقيقة،هذا الأمر لابد أن يطبق خاصة في الجامعات الخاصة والمستحدثة علينا مؤخرا و التي تهدف معظمها الي الربح السريع في المقام الأول وليس تقديم الرسالة التعليمية الجامعية كما ينبغي ! لذا فالتهاون في هذا الأمر يدق اول مسمار في نعش الوطن ، كما أن وطن بلا صحة ،يعني وطن بلا شعب!

زر الذهاب إلى الأعلى