آراء

د.فتحي حسين يكتب: الذكاء الاصطناعي والمواجهات العسكرية المستقبلية

 

اصبحت الحروب الحديثة تدار اليوم باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة دون توقف , ولا نقول بان الاعتماد الكلي سيكون علي هذه التقنيات ولكن الجزء الاكبر والاهم في تلك العمليات العسكرية والترجيح في الحروب المستقبلية سيكون غالبا لمن يمتلك القدرات التكنولوجيا الاعلي خاصة تقنيات الذكاء الاصطناعي وهو ما دعا الرئيس الروسي بوتن بقول بان الدولة التي ستتفوق في الذكاء الاضطناعي يمكنها ان تحكم العالم في المستقبل , وهو ما سيجعل هناك تغيير في شكل النظام الدولي ووضعه الحالي والذي سيكون باي حال من الاحوال لمن يمتك القوة التكنولوجية المتمثلة في برامج الذكاء الاصطناعي واستخدام الروبوتات القاتلة والسيارات المقاتلة والطائرات المسيرة بدون طيار وهي الدرونز وغيرها من الاسلحة ذاتية القيادة الفتاكة , والتي يمكنها تحقيق اهدافها بنسبة كبيرة ولا مجال فيها للاخطاء !!

فقد شهد مجال التكنولوجيا العسكرية المتطور باستمرار تغيرات ملحوظة في السنوات الأخيرة، مما أحدث ثورة في طريقة عمل القوات المسلحة، ويعد دمج الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية من بين أكثر الإنجازات الواعدة في هذا المجال، في هذه المقالة، نتطرق الى إمكانية تطبيق الذكاء الاصطناعي في تحديد مخابئ الأسلحة والإرهابيين، واستكشاف الفوائد المحتملة والتحديات والمحاذير الأخلاقية المرتبطة بهذا النهج المبتكر

برز الذكاء الاصطناعي كتقنية غيرت قواعد اللعبة في مختلف الصناعات، والقطاع العسكري ليس استثناء، من خلال الجمع بين قوة الحوسبة الهائلة والخوارزميات المعقدة، ويمكن للذكاء الاصطناعي معالجة كميات هائلة من البيانات واستخلاص رؤى قيمة بسرعة ودقة لا مثيل لهما، عندما يتعلق الأمر بتحديد مخابئ الأسلحة والإرهابيين، يقدم الذكاء الاصطناعي العديد من المزايا مقارنة بالطرق التقليدية

تكمن إحدى أعظم نقاط القوة في الذكاء الاصطناعي في قدرته على تحليل والتعرف على الأنماط المعقدة ضمن مجموعات البيانات الضخمة، تثبت هذه القدرة أنها لا تقدر بثمن عند التعامل مع الشبكات المعقدة والمخابئ المخفية المرتبطة بالإرهابيين، من خلال تحليل مصادر الاستخبارات المتباينة، بما في ذلك صور الأقمار الصناعية، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، والاتصالات التي تم اعتراضها، وبيانات أجهزة الاستشعار، يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي الكشف عن الاتصالات المخفية، وتحديد الأنشطة المشبوهة، وتحديد مخابئ الأسلحة المحتملة

وتعمل تكامل الذكاء الاصطناعي مع المركبات الجوية غير المأهولة وشبكات الاستشعار على تضخيم إمكاناتها في تحديد مخابئ الأسلحة والإرهابيين، يمكن للطائرات بدون طيار المزودة بأنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة التنقل بشكل مستقل عبر التضاريس الصعبة، وتحليل البيانات المرئية في الوقت الفعلي، وتحديد الأشياء أو الحركات المشبوهة بسرعة، إلى جانب أجهزة الاستشعار المتقدمة مثل التصوير الحراري والرادار، يمكن للطائرات بدون طيار التي تعمل بالذكاء الاصطناعي اكتشاف الأسلحة المخفية والمرافق الموجودة تحت الأرض بشكل فعال!!

وعلي الرغم من ان هذا الاتجاه يثير مخاوف بشأن احتمال حدوث عواقب غير مقصودة وسقوط ضحايا من المدنيين، إن الإشراف الدقيق، واتخاذ القرارات على مستوى الإنسان، والالتزام بالقوانين والاتفاقيات الدولية أمور ضرورية للتخفيف من هذه المخاطر.

علاوة على ذلك، فإن أنظمة الذكاء الاصطناعي في الغالب ليست معصومة من الخطأ ويمكن أن تكون عرضة للهجمات العدائية أو التحيزات في البيانات بشكل كبير ، تؤكد هذه القيود على الحاجة إلى اختبار قوي والتحقق من الصحة والتحسين المستمر لخوارزميات الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى ذلك، فإن الحفاظ على الشفافية والمساءلة في استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أمر بالغ الأهمية لضمان ثقة الجمهور وشرعيته.وفد استخدمت اسرائيل هذه التقنيات في عدوانها علي غزة وكذلك روسيا في خربها مع اوكرانيا وامريكا في ضربها للسفن الحوثيين في البحر الاحمر وغيرها من الاحداث من حولنا .

يمثل تطبيق الذكاء الاصطناعي في التعرف على مخابئ الأسلحة والإرهابيين قفزة كبيرة إلى الأمام في التكنولوجيا العسكرية، بالاستفادة من قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل كميات هائلة من البيانات، والتعرف على الأنماط، وإجراء تقييمات تنبؤية، يمكن للقوات المسلحة فهم التهديدات الأمنية المتطورة والاستجابة لها بشكل أفضل، ومع ذلك، فإن الدراسة المتأنية للمخاوف الأخلاقية والقيود وإقامة شراكات فعالة بين الإنسان والآلة ضرورية لضمان الاستخدام المسؤول والفعال للذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية، مع استمرار البحث والتطوير، يعد الذكاء الاصطناعي بأن يكون أداة لا تقدر بثمن في حماية الأمن القومي والحفاظ على السلام في عالم دائم التغير..!

ولكن الواقع الحال يقول لنا اننا في الوطن العربي لا نزال نعيش في مراحل متأخرة من مسايرة تقنيات الذكاء الاصطناعي واصبحنا من اكثر الشعوب استهلاكا للتكنولوجيا وليس منتجين لها وهو الامر الذي سيجعلنا تابعين دوما لا محالة لمن يمتلك القوة في المستقبل, وهم الذين يمتلكون تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي اصبحت اقوي من الاسلحة النووية القنابل الذرية والعتاد والجيوش النظامية !

زر الذهاب إلى الأعلى