اهم عامل في الإبقاء على الاقتصاد هو ثقة العملاء في البنوك.
بدأت بعض المجلات تتكلم عن هجوم على بعض البنوك من المودعين لسحب أموالهم. وحتى بدون هذا الهجوم فمنذ يومين كان هناك إغلاق تام لكل فروع “بنك أوف امريكا” Bank of America .
حيث لم يتمكن المودعين من التعامل بأي طريقة مع البنك. لم يتمكنوا من السحب او الإيداع او حتى السؤال عن أي شي يخص البنك او أموالهم فيه. وهذا الإغلاق اامفاجئ لكل تعاملات البنك، وبدون إعطاء سبب ، كالصيانة او الجرد، للعملاء مسبقاً، أدي الى شئ من الهلع لدي المودعين الذي يفوق عددهم ال٦٠ مليون.
والترجيح لهذا الإغلاق واحد من سببين: إما ان البنك تعرض لعملية اختراق لمعلوماته وبالغلق يحاول الاحتفاظ بسرية معلومات العملاء، او ان البنك يواجه مشكله عويصة في السيولة بالرغم من الضخ الليلي من البنك الفدرالي لكل البنوك.
وهذا يعني انه بالرغم من كل الأموال التي ضخها البنك الفدرالي في الاقتصاد، الا ان ثقة العملاء بدأت تتقلص وبداء الهلع على أموالهم ومحاولات لسحب اكبر كمية من الأموال ممكنه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه لو كان البنك سيعلن إفلاسه.
ولم يكن بانك أوف امريكا هو البنك الوحيد الذي اغلق أبوبه وتسبب في هلع المودعين ولم تكن امريكا البلد الوحيد الذي مر بهذه الحالة ولكن في الصين ايضاً حدث ذلك لثلاث بنوك. ولكن الصين، غير امريكا، قامت بتأميم هذه البنوك على الفور وهذا أعاد الثقة في البنوك لدي المودعين.
لان تأميم البنك معناه ان الحكومة هي الضامنة للأموال المودعة به. وبعد ان بدأ الهلع لسحب الأموال من البنك الاول في الصين إنتشر الى بنكين اخرين ولكن بتحرك الحكومة السريع في تأميم هذه البنوك، تمكنت الصين من إيقاف الهلع والهجوم على البنك لسحب الأموال منها.
ولم يقتصر هذا الوضع على امريكا والصين فقط بل أمتد الى استراليا ايضاً. وفي جميع هذه الحالات تمكنت معظم البنوك من الإغلاق لمدة ايام بسيطه لكي تستعد بالأموال السائلة التي تمكنها من مقابلة طلبات المودعين.
في امريكا هناك المؤسسة الفدرالية لتأمين الإيداعات Federal Deposit Insurance Corporation التي تسيطر على اي بنك غير قادر على الوفاء بالتزاماته نحو مودعيه وهذه المؤسسة هي التي تضخ الأموال للبنك الذي عجز عن مقابلة التزاماته ولكنها ايضاً تستولي على البنك وتقوم بإدارته.
وهذا الوضع شرحه بالتفصيل برنامج “٦٠ دقيقة” الامريكي الشهير في اثناء الازمة الاقتصادية التي مرت بها امريكا في ٢٠٠٧-٢٠٠٨ حيث انقذت هذه المؤسسة البنوك الكبار ولكنها تركت الكثير من البنوك الصغيره تعلن إفلاسها.
ولكن اليوم يقول كريستوفر جرين في برنامجه AMT Alternative Media Television ان المؤسسة الفدرالية لتأمين الإيداعات FDIC مفلسة وغير قادرة على تأمين الإيداعات.
وهذا يعني ان الهجوم على البنوك لسحب الأموال قد بدأ، حتى لو تمكنت بعض البلاد ان توقفه. ولكن هذا يعني ان هناك عدم ثقة في هذه البنوك وقد تبدأ عاصفة من السحب للإيداعات تؤدي مرة اخرى الى إنعدام الثقة في البنوك وأنهيارها.
في اخر تقرير له قال رون بول ان التصرفات التي أدت للوضع الاقتصادي السئ الان والذي يتدهور بسرعة كبيرة هي التصرفات الاقتصادية الخرقاء التي يقوم بها البنك الفدرالي من ضخ اموال لا حصر لها في محاولة إنقاذ البنوك . ولكن النتيجة هى استشعار الشعب بشديد القلق وعدم الثقة في المنظومة والهجوم على البنوك لسحب أموالهم وهذا كله من تحت جراء زيادة التضخم.
الا انه بالرغم من ضخ البنك الفدرالي لملايين الدولارات وتخفيض الفوائد الى أقصى درجة، الا ان الاقتصاد لم ينتعش وبدأ المواطنين يفقدوا الثقة في البنوك وقد تكون هذه هى القشة التي قسمت ظهر البعير.
اما بالنسبة للدول التي تضمن فيها الحكومات هذه البنوك، مثل مصر والصين، فلا نجد اي نوع من الهلع بالنسبة للمواطنين لان ضمان الحكومة يعني انه طالما الحكومة لم تعلن إفلاسها فستظل الإيداعات مضمونه.
وفي حالة مصر فالاقتصاد مازال في تقدم كبير بالرغم من الانهيارات التي تحدث لبعض الاقتصادات الاخري.
لا يبدو ان الهلع قد اصاب الكثيرين بالنسبة لأغلب شعوب العالم ولكن بعضها بدأ يخاف ويحاول أخذ احتياطه بسحب امواله من البنوك. وكثيراً ما قيل انه عندما يبدأ الانهيار فسينتشر كثيراً ويصل الى ذروته بسرعة مذهلة.
وطبعاً في أعقاب هذا الانهيار وللتغطية عليه فلابد ان تبدأ الحرب على الفور. علينا مراقبة البنوك في الفترة القصيرة القادمة حتى نري لو فعلًا قد بدأ الانهيار ام انها ما زالت مجرد بوادر له.
حفظ الله مصرنا الحبيبة وأبناءها الواعين.