Site icon بوابة العمال

شارع المسنين

 

بقلم… وسام الجمال

أستيقظ من نومه علي ضجة كبيرة وأصوات عالية في الشارع،
يبدو انه حدث شيء مفجع قام من سريره و طل من شرفته ليري جمع غفير من الناس وسيارة الشرطة ظل يتابع ما يجري ثم قرر أن ينزل ليعرف ما الأمر سأل احد الجيران ماذا حدث فقال له لقد عثروا علي جثة الأستاذ مصطفى متوفي له عدة أيام حتى اشتم الجيران الرائحه واتصلوا بالشرطة فوجدوه جثة هامدة ولا حول ولا قوة إلا بالله، عاش وحيدا ومات وحيدا دون اهل او ولد ولا حتي زوجة الله يرحمه.

مرت الليلة بعد دفن جاره وتلقى العزاء مع باقي الجيران، وصعد إلى منزله حيث أنه كان يعيش هو الأخر وحيدا بمفردة، بعد وفاة زوجته،وزواج جميع الأبناء وظل وحيدا .
القي بجسده المنهك على سريره واخذه التفكير حتي راح فى غفوة سريعة، ليرى خلالها نفسه وقد مات ومر عليه أيام لم يكتشف أحد وفاته إلى أن أنتشرت رائحة جثته ليأتي الجيران والأهل ليدفنوه ثم يجلس أبنائه يقسمون الأرث.
هب من نومه فجاءة مرعوبًا من فكرة وفاته وحيدًا وظل يدعوا لجاره الذي توفي اليوم و استشعر ماشعر به جاره لحظات وفاته .
حاول أن يقوم من علي سريره لكن قدمه لم تساعده، أنتظر قليلا حتى أستطاع أن يهم لكن كان جسده ثقيلا وكأنه دخل في سكرات الموت حقيقة.
مر اليوم ثقيلا عليه،لا يشعر فيه بالراحة،يطارده شبح الموت وحيدًا.
وتلاحقه الافكار طوال الوقت، حاول الأتصال بابنائه طالبا منهم زيارته لكن كانت الحجج متوفرة ظروف الشغل وضغوط الحياة، كل منهم له حياته الخاصه ولا احد يهتم به او بما يحتاج.
ترك المنزل حتى تتركه تلك الافكار وذهب ليجلس مع صديقه على إحدي المقاهي، وحكي له ما يعكر عليه صفوه وردة فعل ابناءه معه، لا أحد يهتم به أو يسأل عنه وإن عاتب احدهم يخرج من هذا العتاب بان الحياة والظروف تشغله ويعتذر ولكن ماذا بعد اظل انا وحيدا.. قال له صديقه الحل يا عزيزي هو أنك تتزوج وتكون لك زوجة تؤنسك وتهتم بك وبالبيت والاكل. تسهر على راحتك تكون بجوارك وقت الفرح ووقت الحزن تشاركك ما تبقي لك من عمرك..
اختمرت الفكرة في رأسه وأعجبته ورأي أن صديقه على حق وانه يجب أن يتزوج، وبالفعل تحدث مع أبنائه، لكنهم و أعترضوا مما دعاه لطردهم من المنزل وبدأ البحث عن زوجة تناسبه، حتى وجدها سيدة ارملة ليس لها أبناء، تقدم لها وتمت مراسم الزواج ، ليذهب إلى البيت، فيجد أبنائه ينتظروه رافضين فعلته لكنه للمرة الثانية، يطردهم، حاولت الزوجة أن تقنعهم ولكنهم رفضوا حديثها معهم و لم يستجيبوا، وهددوا والدهم برفع قضية حجر عليه، مما جعله يصر علي طردهم وعدم دخلوهم المنزل مرة أخرى لأنه ملك لزوجته.
مرت الأيام والأبناء يحاولون معه لكنه طردهم نهائيا، من البيت ومن حياته كلها،مما جعلهم يقدموا على رفع قضية حجر ضده. وسط سخط جيرانهم ومعارفهم مؤكدين لهم أنهم السبب وأن أبتعادهم عن والدهم هو السبب الرئيسي في البحث عن الونس.
مرت الأيام وخسر الابناء القضية وأستطاع الأب ربحها، عاد الأب الي بيته في حالة من الحزن لما قام به الابناء ولما وصلوا إليه، أتصل بابنائه، وطلب حضورهم جلسوا أمامه في حاله من الغضب بعدما خسروا قضيتهم ، ولكن الأب تحدث إليهم بكل أسي و أخبرهم أنه غير غاضب منهم لرفع القضية بل لنسيانه وتركه وحيدا يواجه شبح الموت وتلاحقه الأفكار وسط شارع كله من المسنين أمثاله وكأنهم تركوه في دار للمسنين ثم أخرج أوراق من مكتبه واعطاها لهم ليجدوه كتب لهم كل مايملك ماعدا الشقه التى يعيش بها، ومبلغ مالي لزوجته الجديدة، وطالبهم بوده وود زوجته.
في تلك اللحظة شعر الأبناء بشناعة فعلهم طالبين من والدهم السماح والمغفرة ووعدوه بالحضور له كثيرا.
مرت الأيام وهم على وعدهم مع أبيهم ووجدوا أن صحته تحسنت وأصبح أكثر أقبالا علي الحياة ووجدوا مراعاة زوجته له مما جعلهم يحبونها.
وفي ليلة باردة من ليالي الشتاء جلس مع زوجته يتسامرون ليسقط فجاءة من على كرسيه لتطلق صرخه مدوية، يحضر علي أثرها الجيران لينقلوه للمستشفى لكنه كان قد فارق الحياة.
انهي أبنائه مراسم الدفن والعزاء وذهبوا مع زوجة والدهم إلي المنزل ليجدوها تخرج لهم خطاب كتبه والدهم بخط يده أن السبب في زواجه الخوف من الموت وحيدّا، وأن زوجته أعطت له الأمل في الحياة وليستوصوا بها خيرًا.
بكي الأبناء على الوقت الذي أضاعوه في عدم مراعاة والدهم وتركه في منزله وحيدا وسط شارع كما أطلق عليه “شارع المسنين”

Exit mobile version