أهم الأخبارالدولةفنون

المتحف القومي للحضارة يحتفل بذكرى “رحلة العائلة المقدسة” إلى مصر

دكتور أحمد غنيم: الحدث له مكانة في وجدان الشعب المصري و رسالة سلام ومحبة وأمان


كتب: محمد حربي
يُتجدد في كل عام، الاحتفال بأعظم حدث تاريخي في حياة المصريين، ذكرى دخول العائلة المقدسة إلى مصر؛ والذي يتم الاحتفال به في مصر، في الأول من شهر يونيو. حيث تختلط مشاعر المسلمين والمسيحيين؛ ليتنسموا جميعا عبق روحانيات الماضي، ونسيم ذكريات احتضان الأراضي المصرية لأكرم من، لجئوا، واستجاروا واحتموا تحت ظلال أشجارها، وشربوا من نيلها، الطفل يسوع، وأمه السيدة مريم العذراء، ويوسف النجار؛ عندما ضاقت عليهم الناصرة، وكل أرض فلسطين؛ بسبب مؤامرة المجوس، ومطاردة هيرودس الأول في ملك أورشليم لهم. وعلى مدار ثلاث سنوات، وأحد عشر شهراً، زارت العائلة المقدسة عدة مناطق في مصر، تم توثيقها؛ لتجعل من هذه الرحلة التاريخية إرثا روحيا، يتلمس أثره أتباع السيد المسيح، من كل أنحاء العالم. وهذا دفع الحكومة المصرية، إلى أن تولي هذا الحدث التاريخي، مزيداً من الاهتمام، وتستثمره، ضمن برامج السياحة الدينية؛ بل وتسعى منذ عام 2018، من أجل إدراجه على قائمة اليونسكو، للتراث العالمي غير المادي، وتم إقرار ذلك في عام 2022م.

رحلة العائلة المقدسة
وفي هذا الإطار؛ فقد أُقيم بالمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، ضمن إستراتيجية لتفعيل دوره كمؤسسة ثقافية توعوية، احتفالية فنية، تحكي قصة رحلة العائلة المقدسة إلى مصر؛ التي نظمتها الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي، ومؤسسة القوى الناعمة للإنتاج الفني. وذلك ضمن مجموعة من ورش العمل، والفعاليات الفنية، والثقافية؛ لإحياء هذه الذكري المباركة. حضرها عدد من الشخصيات السياسية والفكرية، ورجال الدين الإسلامي والمسيحي، وكان من أبرز الحضور، السفير التركي بالقاهرة صالح موطلو شن، وسفراء بريطانيا، والنرويج، وليتوانيا، والمهندس ناجي سليمان نائب رئيس المركز الثقافى المصرى الأمريكى، بولاية نيويورك، رئيس جمعية مسار العائلة المقدسة.

مكانة تاريخية ودينية
وقد أعرب الدكتور أحمد غنيم – الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف، عن بالغ سعادته بهذه الاحتفالية التي تُحي ذكرى هذا الحدث الاستثنائي الذي يعود لأكثر من ألفين عام، وما له من مكانة تاريخية ودينية داخل وجدان الشعب المصري، مؤكداً على حرص المتحف على تسليط الضوء على هذه المناسبة ومسار رحلة العائلة المقدسة والذي توليها وزارة السياحة والآثار اهتماماً كبيراً.
واضاف الدكتور أحمد غنيم، أن هذه الأمسية هي أحد جهود المتحف من أجل إحياء التراث بأشكال المختلفة بالتعاون مع كافة الجهات المعنية بإحياء التراث والحضارة المصرية، فهي بمثابة رسالة سلام ومحبة وأمان من أرض مصر، مهد الحضارات الإنسانية التي احتضنت العائلة المقدسة وكانت أرض اللجوء، ومهبط مبارك، وملاذ آمن لها. كما ضرب شعب مصر أروع نماذج التضامن، والتآزر، والتآخي باحتضانهم العائلة المقدسة، لافتًا إلى جهود الدولة المصرية ممثلة في وزارة السياحة والآثار بالتعاون مع وزارة الثقافة في إعداد ملف لتوثيق وتسجيل الممارسات والاحتفالات الشعبية المرتبطة برحلة العائلة المقدسة في مصر عام 2022، على قائمة القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو.

مصر أرض الأنبياء
وكذلك من جانبها أعربت الروائية الدكتورة منى زكي- الرئيس التنفيذي لمؤسسة القوة الناعمة عن بالغ سعادتها للتعاون المشترك مع المتحف القومي للحضارة المصرية، برئاسة الدكتور أحمد غنيم، الاحتفال بيوم تاريخي عالمي، حدث في مصر، منذ أكثر من ألفي عام ميلادي، وهو دخول العائلة المقدسة إلى أرض مصر.
وقالت الدكتورة منى: إن رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، هي فخر لكل المصريين، بأن جعل الله الأراضي المصرية، كما نالت شرف احتضان الأنبياء من قبل، أن تحتضن، وتأوي، وتحمي العائلة المقدسة، السيد المسيح، والسيدة العذراء مريم، ويوسف النجار؛ عندما تعرضت في لحظة ما للخطر، والاضطهاد، على يد هيرودس.

التراث المصري عالمي
كما أكد الدكتور أحمد عبد الحميد النمر استشاري التراث والاحياء العمراني وعضو المكتب العلمي لوزير السياحة والآثار، أن رحلة العائلة المقدسة في مصر تعد من التراث المصري الاستثنائي عالميا والذي يرتبط بمجموعة من المواقع الأثرية التي لا تزال تحمل لنا الكثير من الآثار والقصص التي تُحي لنا رحلة العائلة المقدسة.

مسار الرحلة المقدسة
هذا ويضم مسار رحلة العائلة المقدسة ٢٥ نقطة، تمتد لمسافة 3500 ذهابًا وعودة، بداية من سيناء حتى أسيوط، حيث يحوي كل موقع حلت به العائلة مجموعة من الآثار في صورة كنائس أو أديرة أو آبار مياه ومجموعة من الأيقونات القبطية الدالة على مرور العائلة المقدسة بتلك المواقع وفقًا لما أقرته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر.

وقد بدأت رحلة دخول العائلة المقدسة إلى مصر، من رفح بالشمال الشرقي للبلاد، مرورًا بالفرما شرق بورسعيد، وإقليم الدلتا عند سخا بكفر الشيخ، وتل بسطا بالشرقية، وسمنود بالغربية، ثم انتقلت إلى وادي النطرون في الصحراء الغربية حيث أديرة الأنبا بيشوى والسيدة العذراء “السريان”، والبراموس، والقديس أبو مقار.
وبعد ذلك اتجهت العائلة المقدسة، إلى منطقة مسطرد والمطرية حيث توجد شجرة مريم، ثم كنيسة زويلة بالقاهرة الفاطمية، ثم مناطق مصر القديمة عند كنيسة أبو سرجه في وسط مجمع الأديان ، ومنها إلى كنيسة المعادى وهي نقطة عبور العائلة المقدسة لنهر النيل حيث ظهرت صفحة الكتاب المقدس على سطح المياه مشيرة إلى المقولة الشهيرة “مبارك شعبي مصر”، وصولًا إلى المنيا حيث جبل الطير، ثم أسيوط حيث يوجد دير المحرق وبه أول كنيسة دشنها السيد المسيح بيده، ثم انتقلت إلى مغارة درنكة، ثم العودة مجددًا إلى أرض الموطن عند بيت لحم.
ورش فنية وتعليمية>

من الجدير بالذكر، أن الاحتفالية، كانت قد شهدت عرضاً فنياً لفرقة كورال “أغابي” بقيادة أماني فوزي، والتي أنشئت عام 1999، وشاركت بعدد من الاحتفالات بمختلف المحافظات، كما أصدرت ألبومات غنائية تضمنت مجموعة من الترانيم الكنسية. وتغنت الفرقة بعدد من الأغاني القبطية، والترانيم الكنسية منها “بارك بلادي، المسيح جالنا برسالة عن المحبة، خليها على سيدك.”

وعلى هامش الفعالية، نظم المتحف عدد من المعارض المؤقتة والورش الفنية والتعليمية، من بينها معرض أثري بقاعة النسيج المصري بعنوان “مبارك شعب مصر”، والذي يضم مجموعة من روائع الفنون القبطية والتي تعرض لأول مرة، ويستمر لمدة أسبوعين.
وقد قام بافتتاح المعرض الدكتور ميسرة عبد الله نائب الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف للشئون الأثرية، وفيروز فكري نائب الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف للتشغيل والإدارة، والدكتور أحمد النمر، والدكتور مصطفى جاد خبير التراث غير المادي بمنظمة اليونسكو وعميد معهد الفنون الشعبية السابق.
مقتنيات قبطية وايقونات

وأوضح الدكتور ميسرة عبد الله، أن المعرض يضم مجموعة فريدة ومتنوعة من المقتنيات القبطية منذ القرون الميلادية الأولى وحتى أوائل القرن العشرين، ومجموعة من الأعمال الفنية المتنوعة منها الأيقونات التي تصور مشاهد من رحلة العائلة المقدسة إلى أرض مصر ومشاهد الرهبان والقديسين في الكنائس المصرية ونماذج الفخار، ونحت الأحجار وصناعة الفخار والمنسوجات القبطية بالإضافة الي أعمال خشب الخرط.
وأشارت الدكتورة نجوى بكر، مدير إدارة التدريب بالمتحف، إنه تحت عنوان “العائلة المقدسة: رمزية السلام والمحبة في أرض مصر”، تم تنظيم وافتتاح معرضاً فنياً للصور الفوتوغرافية التي تعكس التراث المادي وغير المادي لمسار رحلة العائلة المقدسة، ويستمر حتى يوم الأحد الموافق 10 يونيو.
عملات تذكارية ورسومات>

وقالت نانسي عمار أخصائي تراث بالمتحف، إنه تم تنظيم دورة تدريبية بقاعة المحاضرات حول التراث والممارسات الثقافية المتعلقة برحلة العائلة المقدسة، وفعالية تراثية ثقافية فنية بعنوان “رحلة على أرض مصر” ألقت الضوء على الفنون والممارسات المرتبطة باحتفالات العائلة المقدسة في مصر، بالإضافة إلى عرض نماذج من العملات التذكارية التي صممت تخليداً لهذه الذكرى العطرة، وذلك بالتعاون مع متحف مصلحة الخزانة العامة وسك العملة، كما شاركت الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة بالشرقية بعرض لحرفة صناعة البردى، ومعرض لوحات فنية مرتبطة بمسار رحلة العائلة المقدسة.
وأضافت منار حسن اخصائي تراث بالمتحف، أنه تم تنظيم معرض للفنون التشكيلية والصور الفوتوغرافية يضم مجموعة من الأيقونات القبطية واللوحات الفنية بمشاركة نخبة من الفنانين التشكيلين، وورش لفن الرسم على الأيقونات، وعرض نموذج فني لمغارة الميلاد ونماذج من التماثيل المنحوتة. كما تم عرض فيلم تسجيلي عن” كتاب فنان ” وهو سرد قصصي يعرض رسومات ومشاهد ل 15 محطه من مسار العائلة المقدسة من تصميم الفنانة ميليسا مجدي.
وأشارت عزة رزق مسئولة التربية المتحفية والقسم التعليمي، أنه بعنوان “رحلات مقدسة” ينظم القسم التعليمي بالمتحف عدداً من الفعاليات والورش الثقافية والتعليمية والتي تقدم خلال الأسبوع للجمهور وخاصة الأطفال. كما يقدم القسم ورش حكي عن رحلات الأنبياء والرسل إلي الأرض المباركة المصرية، وتقدمها كلا من أسماء سيد و ا نسمة أمين وهدى سلطان، كما سيتم تنفيذ ورشة فنية لتعليم الأطفال تقدمها الفنانة هبة عبد القادر بهدف تعليم الاطفال عمل أشكال فنية من الرموز الفنية القطبية كالعنب والرمان والسمكة.

زر الذهاب إلى الأعلى