كتب: محمد حربي
تجمع الأمتين العربية والصينية، الكثير من القواسم المشتركة. وعلى امتداد العلاقات التاريخية بين الجانبين العربي والصيني، هناك محطات مضيئة لمواقف الصين، بجانب العرب؛ حيث وقف الصينيون كداعمين، ومساندين بقوة لمنظمة التحرير الفلسطينية. كما كانت لهم أدوار في دعم الاقتصاد المصري، يوماً ما؛ وكذلك علاقاتهم مع السودان، وغيرها. وكل هذا، من الصعب تجاهله، ومن الأهمية استثماره، والبناء عليه؛ ولا سيما استثمار الإرث الحضاري المشترك؛ وخلق أرضية خصبة، لتعاون طويل الأمد؛ بعد أن نحدد أولوياتنا وأهدافنا، وماذا نريد كأمة بدولها الاثنين والعشرين مجتمعة -وليس بأجندات منفردة – من بكين؟!
وفي هذا الإطار، جاءت ورشة ” “منتدى التعاون العربي- الصيني 20 عاما من العطاء والتعاون”، بمحاورها الثلاثة، سواء: الأنشطة السياسية والاقتصادية، أو التكنولوجية والتعليمية والفكرية، أو الأنشطة الثقافية والإعلامية والسياحية. باعتباره كمنصة للحوار المتبادل بين الخبراء والمتخصصين وصناع القرار، بهدف تسليط الضوء على الإنجازات التي حققها منتدى التعاون العربي- الصيني، ورصد علمي لأبرز التحديات والاستفادة منها، وبناء رؤية مستقبلية استشرافية، لتعزيز التعاون المشترك بما يعظم استفادة الجانبين. وذلك بمناسبة مرور 20 عاما من انطلاق منتدى التعاون العربي الصيني؛ والتي نظمها قطاع الإعلام والاتصال (إدارة البحوث والدراسات الاستراتيجية) بالتعاون مع مركز التحرير للدراسات والبحوث.
وهَدفت ورشة العمل؛ التي شارك فيها الكثير منالجهات المعنية بالبحوث والدراسات في الدول العربية، والمندوبيات الدائمة للدول الأعضاء لدى جامعة الدول العربية، والشخصيات الفكرية والأكاديمية المتخصصة والخبراء المتخصصون بالقانون الدولي والعلوم السياسية والاقتصاد والاجتماع المهتمين بمتابعة أنشطة منتدى التعاون العربي الصيني، ومراكز الفكر والدراسات الاستراتيجية في الدول العربية؛ إلى الوقوف على أهم التحديات التي واجهت منتدى التعاون العربي- الصيني، منذ تأسيسه عام 2004، وأثرت فيه؛ مع العمل على استخلاص الدروس المستفادة ، وبحث كيفية رسم ووضع رؤية مستقبلية استشرافية للمنتدى؛ وفي الوقت ذاته تحديد أهم المجالات المطلوب تكثيف التعاون فيها خلال المرحلة المقبلة، وبحث سبل تعزيز التعاون وتعظيم الاستفادة من التعاون المشترك بين الجانبين العربي والصيني في مختلف المجالات والبناء على ما تم، والتنبؤ بالتحديات المستقبلية المتوقعة وسيناريوهات التعامل معها. هذه بجانب العمل على تحقيق التقارب الفكري والمفاهيم بين الخبراء والباحثين والمسئولين العرب والصينيين والعمل على تحقيق طموحات الجانبين وتحقيق أفضل استغلال ممكن لإمكاناتهم الغنية في كافة مجالات التعاون.
وخلال كلمته، أكد الوزير مفوض الدكتور علاء التميمي – مدير إدارة البحوث والدراسات الإستراتيجية بجامعة الدول العربية، على ضرورة إيجاد منصة للحوار المتبادل بين الخبراء والمتخصصين وصناع القرار، بهدف تسليط الضوء على الإنجازات التي حققها منتدى التعاون العربي- الصيني منذ تأسيسه وعلى مدى 20 عاما، والوقوف على أهم التحديات التي واجهت المنتدى وأثرت فيه، واستخلاص الدروس المستفادة منها.موضحاً، أنه في هذا الإطار يتم عقد ورشة عمل متخصصة بعنوان: “منتدى التعاون العربي- الصيني 20 عاما من العطاء والتعاون”، للوقوف على ما تم انجزه منتدى التعاون خلال تلك السنوات، وما يطمح إليه خلال السنوات القادمة.
وأشار الدكتور التميمي، إلى ضرورة أن تكون هناك عملية رصد علمي لأبرز التحديات والاستفادة منها، وبناء رؤية مستقبلية لتعزيز التعاون المشترك بما يعظم استفادة الجانبين، ومن هنا نتطلع على هذه المقاربة لإعطاء ديناميكية جديدة لمستقبل هذا المنتدى، وبما سيضفي حركية ملموسة على السعي الراسخ لبلوغ أهداف هذه الورشة، لافتاً إلى أهمية تحديد المجالات المطلوب تكثيف التعاون فيها خلال المرحلة المقبلة وبحث سبل تعزيز التعاون وتعظيم الاستفادة من التعاون المشترك بين الجانبين العربي والصيني في مختلف المجالات والبناء على ما تم. والتنبؤ بالتحديات المستقبلية المتوقعة وسيناريوهات التعامل معها.
وشدد الدكتور التميمي، إلى أهمية تحقيق التقارب الفكري والمفاهيم بين الخبراء والباحثين والمسئولين العرب والصينيين والعمل على رسم رؤية مستقبلية استشرافية مشتركة تحقق طموحات الجانبين وتحقق أفضل استغلال ممكن لإمكاناتهم الغنية في كافة مجالات التعاون. كما نوه إلى أن تطور هذا المنتدى كان ملتزما بالتقاليد والريادة والابتكار، وأهداف الحوار والسلام والتنمية، ليصبح منصة مهمة لتطوير الحوار واحترام التنوع الحضاري الجماعي والتعاون المشترك، والمشاركة الإيجابية في التبادلات الثقافية المثمرة والمتنوعة بين الجانبين. كما شهد التعاون بين الجانبين تطوراً مهما بانعقاد القمة العربية- الصينية الأولى في التاسع من ديسمبر عام 2022 في مدينة الرياض، وهذه الإنجازات تحققت بفعل الإرادة الصادقة والعزم الراسخ لقادة الدول العربية والصين لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، وتعزيز التدابير الفاعلة للعمل معا في حل مشكلات التنمية في منطقة الشرق الأوسط.
توجه العرب للشرق
من جانبه أكد السفير نايف بن عبدالله العمادي – مدير إدارة الشؤون العربية بوزارة الخارجية القطرية، على أن العلاقات السياسية بين الدول العربية مجتمعة وجمهورية الصين الشعبية توطدت في وقت ازداد فيه الاهتمام الدولي بالقارة الآسيوية، لافتا إلى أن جامعة الدول العربية لم تكن بمعزل عن هذا المنحى الدولي، إذ أدركت مبكرا أهمية تنويع شراكاتها بالتوجه نحو الشرق، وتعزيز التعاون مع الدول النافذة في القارة الآسيوية، ومن أبرزها جمهورية الصين.
وأوضح السفير العمادي، أنه في هذا الإطار جاء هذا المنتدى ليوفر إطارا مؤسسيا مهما للتعاون الجماعي، وتشعبت آلياته على مستويات كبار المسؤولين والمستوى الوزاري، وتوج ذلك كله بانعقاد القمة العربية الصينية الأولى في الرياض عام 2022، لتشمل هذه الآليات مختلف مجالات التعاون السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والتنموية، حيث انعكس ذلك بشكل إيجابي على نمو واتساع العلاقات التجارية بين الدول العربية والصين التي أصبحت من أكبر الشركاء التجاريين للدول العربية”.
وأشار السفير العمادي، إلى أن العلاقات بين دولة قطر وجمهورية الصين الشعبية، ظلت في نمو مطرد منذ الزيارة التي قام بها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، إلى بكين عام 2019، وما تلاها من زيارات للمسؤولين من دولة قطر، وكذلك ما صاحبها من توقيع للاتفاقيات، التي فتحت آفاقا جديدة لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، حتى صارت دولة قطر المصدر الأول للغاز الطبيعي إلى الصين.
وأضاف السفير العمادي، إلى أن أولى التحديات التي ينبغي مجابهتها خلال مسيرة التعاون العربي الصيني هي مواجهة التقلبات العالمية والتغيرات التي حدثت في التكتلات الدولية، منوها في هذا الصدد بأن الحرب الروسية الأوكرانية أحدثت خلخلة في بنية المجتمع الدولي، وتبعتها آثار اقتصادية كارثية ممثلة في الانفجار التضخمي ونقص سلاسل الإمداد والتموين، بالإضافة إلى الآثار الاجتماعية والصحية التي تسببت فيها جائحة كورونا قبل سنوات قليلة.
وأضاف السفير العمادي قائلاً: “أن هذه العوامل شكلت تحديات تم التفاهم المشترك حولها وفقا لآليات التعاون العربي الصيني، بالصورة التي تجعلنا نعول كثيرا على هذا المنتدى في تعزيز التواصل العربي الصيني في شتى المجالات”. كما أشار إلى أنه على صعيد الجهود المشتركة لإحلال السلم والأمن الدوليين، فإن هناك تحديا يتمثل في تكثيف هذه الجهود لإيجاد حل سياسي للقضايا الساخنة في المنطقة واستعادة السلام والأمن في الشرق الأوسط في أقرب وقت، خاصة فيما يتعلق بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، وحقه في إقامة دولته المستقلة.
وفيما يخص مجال التخطيط والسياسات، أكد السفير العمادي، على مواصلة ربط الاستراتيجيات التنموية في إطار مسيرة التعاون بين الجانبين، لافتا في هذا الصدد إلى بناء مبادرة الحزام والطريق كواحدة من أهم إنجازات التعاون العربي الصيني.